تقدم الدراما الخليجية هذا العام زهاء 30 عملًا دراميًا بين الكوميديا والتراجيديا والدراما الإجتماعية. رغم التطور الكبير في جودة الصورة والإدارة الفنية والإخراج، تبقى مكامن الضعف الأساسية في غياب النصوص الجيدة، والمبالغة في الأداء.

بيروت: مع إنطلاق السباق الدرامي في رمضان 2015 بين أكثر من 110 أعمال، تتنافس على تحقيق أعلى نسبة مشاهدة بين خليجي ومصري وسوري ولبناني وعربي مشترك، كان لا بد من التميز في الشكل والمضمون لضمان التفوق، فما حصة الدراما الخليجية في هذا السباق؟ ولم تبقى حبيسة شاشاتها ولم تنجح في عبور الحدود وإستقطاب المشاهد العربي؟&
توجهت "إيلاف" إلى قرائها لاستفتاء رأيهم بحال الدراما الخليجية في الموسم الحالي، فأكد 46% من المصوتين بأنها تفتقر للسيناريو الجذاب وتقع في فخ التكرار، بينما رأى 41% من المصوتين بأنها تخسر أمام المسلسلات العربية المختلطة، ولم يجد سوى 13% من شاركوا بالإستفتاء بأنها تسجل حظورًا قويًا هذا العام.

أين الخلل؟
لا شك في أن الدراما الخليجية إستفادت في العقود الماضية من الخبرات العربية في تطوير مستواها، لكنها تعاني من الكليشيهات وضعف النصوص والمبالغة في الأداء، مع وجود إستثناءات قليلة. وإفتقار الأعمال الخليجية للمصداقية في نقل الواقع سببه رقابة مزدوجة يفرضها المجتمع والدول في الخليج، حيث باتت رقابة المجتمع في السنوات الأخيرة أقوى من أي رقابة رسمية، وهي مسألة لا يمكن تجاوزها وحلها إلا بتدخل واع من قبل الدولة في دعم إنتاج أعمال درامية حقيقية، أو على الأقل تبني عرضها في القنوات الرسمية، وهي مسألة شبه مستحيلة. فلدول الخليج سلطتين سياسية ودينية لكل منها محظوراتها، وللمجتمع بعاداته وتقاليده محظوراته، ومهما حاولت بعض التجارب الدرامية كسرها أو تخطيها إلا أنها تبقى معالجة ناقصة وخجولة.&
من جهته، يحاول الإعلام الخليجي الخاص، ممثلًا بقنوات أبرزها MBC وروتانا خليجية وأبوظبي ودبي والراي وغيرها إلى دعم إنتاج خليجي عربي مشترك في مجال الدراما خلال السنوات الخمس الأخيرة للخروج من عنق الزجاجة، مستغلًا هجرة المبدعين السوريين وإستقرار غالبيتهم في الإمارات، سواء كانوا ممثلين أو مخرجين أو فنيين، ما يشكل الخطوة الأولى نحو التطور والنجاح. لكنه نجاح لا يزال يقتصر على الصورة، ويقف عاجزًا عند العنصر الأهم، وهو كاتب السيناريو المتميز، الذي يستطيع أن يؤسس لعمل قوي.

غياب السلم الإجتماعي
تلخص الكاتبة الكويتية المعروفة هبة مشاري حمادة أسباب ضعف السيناريو في الإعمال الخليجية بغياب "السلم الاجتماعي" بالمجتمع الكويتي خصوصًا، والخليجي عمومًا، وتقصد بذلك غياب أصحاب المهنة أو الحرفة المحليين، خلافًا لما هو موجود بالدول العربية، مثل مصر وسوريا، ما أثر في الدراما المحلية سلبًا وزاد الصعوبات في وضع الحلول الدرامية للنص. وهو ما دفعها إلى كتابة مسلسل "سرايا عابدين" لتخطي المحظورات التي تواجهها في الكتابة للخليج، لكن الجمهور المصري لم يكن مرحبًا بهذه التجربة ورأى فيها قصورًا وتشويهًا لتاريخ أسرة عريقة.
يتركز نجاح بعض التجارب الدرامية الخليجية إلى بزوغ مواهب نسائية في سماء العملية الإبداعية في السنوات الأخيرة، حيث تمكنت هبة مشاري حمادة ومن قبلها وداد الكواري وإيمان سلطان وخلود النجار وعبير زكي وليلى الهلالي وفجر السعيد وسارة العليوة وأخريات، من تقديم أعمال درامية نسائية بإمتياز كانت حديث الشارع. وفي العام 2012، غزت الدراما النسائية الساحة بأعمال ذات نفس جديد مثل سكن الطالبات، ومطلقات صغيرات، وبنات الجامعة وغيرها، حازت على نسب مشاهدة عالية وحققت نجاحًا كبيرًا لدى جيل الشباب الذي تبدو مسألة إرضاء ذائقته غاية لا تدرك بسهولة، لأنه جيل إطلع على الدراما والأعمال الغربية قبل العربية فباتت تطلعاته أعلى بكثير من الوجبة المتواضعة التي تقدمها له الدراما المحلية.
&
نجمات مخضرمات&
وترسم نجمات الخليج، كعادتهنّ، المشهد الدرامي الخليجي، فيحضرن على خارطة الدراما في العام 2015 بأدوار بطولة نسائية مطلقة. ويبدو بارزًا ظهور دراما مشغولة بحكايات أبطالها الموزّعين بين بلادهم وخارجها، لا سيما بين الدول الأوروبية، إلى جانب "خلجنة" نصوص درامية تركية.&
لا تزال نسب المشاهدة الأكبر تذهب ناحية أعمال النجمات المخضرمات ممن خلقن قاعدة جماهيرية عريضة ووفية، وباتت أعمالهن بغض النظر عن مستواها ضمن الخيارات الأولى للمشاهد حيث تطل الفنانة القديرة حياة الفهد في الدراما الكوميدية "حال مناير"، التي تروي حكاية امرأة قاسية أنانية وعلاقتها مع من حولها. وتتميز سعاد عبد الله في مسلسل "أمنا.. رويحة الجنة" حكاية امرأة تفقد ذاكرتها وتحاول أن ترمّمها من خلال علاقتها مع أبنائها.&
ونجحت بعض الأسماء النسائية في جيل الوسط بإستقطاب نسب مشاهدة لا بأس بها حيث تطل هدى حسين في مسلسل "لك يوم" الذي نشهد خلاله صراعًا نسويًا بين ظالم ومظلوم يتبادلان المواقع والوجع. أما هيفاء حسين فتقوم ببطولة مسلسل "لو أني أعرف خاتمتي" وفيه تواجه الكثير من المشاكل قبل أن تنتصر بطيبتها على الشر.&
&
وافدات متميزات
كما نشاهد نجمات الخليج الشابات في أكثر من عمل أبرزها مسلسل "ذاكرة من ورق" الذي يروي حكاية طالبات جامعيات قصدن ألمانيا للدراسة، ويتابع المسلسل مصائرهنّ الجديدة والمختلفة في بلاد الغربة هناك. ويتميز كذلك مسلسل "دبي لندن دبي" الذي يلقي الضوء على مجموعة من الشباب الإماراتي الذي يقصد لندن بحثًا عن تطوير خبراته.
تعتبر ميساء مغربي من الوافدات المتميزات في الدراما الخليجية وتعود إلى المشهد الدرامي الخليجي من خلال مسلسل "قابل للكسر" وفيه نتتبّع الصعوبات التي تواجه سيّدات الأعمال في مجتمع ذكوري.&
وتسجل دراما 2015 دخول الفنانة هيفاء حسين إلى نادي المنتجات الخليجيات من خلال مسلسلها "لو أنّي أعرف خاتمتي"، فيما تؤكّد الفنانة هيا عبد السلام نفسها مخرجة في ثاني تجاربها الإخراجية من خلال مسلسل "في عينيها أغنية" والذي تقوم ببطولته كذلك. بينما تدخل المخرجة نهلة الفهد ميدان الدراما التلفزيونية للمرّة الأولى، من خلال مسلسل "حرب القلوب"، بعد تجربة طويلة في تصوير الفيديو الكليبات الغنائية.&
&
الكوميديا&
وفي حين تصنع النجمات المشهد التراجيدي، يبدو أنّ المزاج الكوميدي الخليجي يصنعه النجوم الرجال، حيث يلتقي مجدّدًا كلّ من الفنانين عبد الله السدحان ومحمد العيسى وفهد الحيان ويوسف الجراح وبشير الغنيم (بمشاركة حسن عسيري كضيف شرف) في مسلسل كوميدي من حلقات منفصلة بعنوان "منا وفينا". وهو عمل انتقاديّ. وهؤلاء سبق أن شاهدناهم معًا في المسلسل الشهير "طاش ما طاش".&
وبينما يحلق ناصر القصبي منفردًا بمسلسله الكوميدي "سيلفي"، الذي نجح في تصدر نسب المشاهدة، وخلق حالة من الجدل الإعلامي بتناوله لمواضيع حساسة دينيًا وسياسيًا وصلت إلى حد إهدار دمه تلقيه تهديدات بالقتل من تظيم داعش، كما عزف على وتر الطائفية الدينية في حلقة أخرى.
&