صدر اخيرا في طوكيو كتاب "ما وراء الستار: دراسة استكشافية لمخيمات تندوف من الداخل" عن دار النشر: نيبون هيورن.&وشملت الدراسة عدة محاور أساسية، تتعلق بدراسة نماذج إنسانية من المجتمع الصحراوي للعائدين لترصد حجم المعاناة النفسية التي رسختها إيديولوجية تغدية الكراهية داخل المناهج الدراسية التي اعتمدتها" البوليساريو"، وفقا للدراسة.


الرباط: صدر اخيرا في طوكيو، كتاب "ما وراء الستار: دراسة استكشافية لمخيمات تندوف منالداخل" عن دار النشر: نيبون هيورن، وشارك في إعداده افريق متمرس من الباحثين اليابانيين و المغاربة، يغطون قطاعات معرفية متنوعة بتنوع فصول الكتاب تشمل القانون الدولي و الإنساني (عبد الحميد الوالي و ماتسوموتو شوجي)، وعلم الاجتماع و الأنتروبولوجيا ( كي ناكاغاوا و خالد الشكراوي)، والعلاقات الدولية ( رشيد الحديكي و عادل الموسوي)، و إدارة الأزمات ( المصطفى الرزرازي)، و علم النفس (عبد السلام الداشمي و زينب الوزاني الشهدي).

وتناول الكتاب في فصوله الثمانية قضايا تتعلق بالوضع القانوني للاجئين الصحراويين بمخيمات تندوف(جنوب غربي الجزائر )، و موقف القانون الدولي من عمليات نهب المساعدات الدولية الموجهة لسكان المخيمات، ثم التطور العام الذي تشهده جبهة البوليساريو الانفصالية سواء على مستوى بناء إيديولوجيتها، أو على مستوى هيكلتها التنظيمية المتسمة ببعد قبلي واضح.

وفي الشق الجيوستراتيجي و الأمني، يتناول الكتاب في مستوى أول مختلف التقارير و الوقائع التي تنسب لأعضاء جبهة البوليساريو تورطهم في ربط علاقات مع تنظيمات إرهابية محسوبة على تنظيم القاعدة، ثم في مستوى ثاني تتناول الدراسة الموقع الجيوستراتيجي الحساس لمخيمات تندوف كنقطة تقاطع مؤثرة على تشويش علاقات التعاون الأمني بين دول المنطقة. أما الفصل الأخير من الدراسة فقدخصص لدراسة ميدانية عن الصحراويين العائدين للمغرب,

لقد خصص الفصل الأول لفحص الوضع القانوني لوضعية اللاجئينبمخيماتتندوف، مسائلا في ذلك الأنظمة و المعايير القانونية التي تضعها المفوضية الدولية للاجئين لتحديد هوية اللاجئ, حيث تقف الدراسة على مفارقة الوضع في مخيمات تندوف، التي تحاول جبهة البوليساريو تقديمها ككتلة بشرية ضحية، بينما يتم ممارسة عملية ضبط قسري لحرية التنقل داخل المخيمات وفق منظومة شبه عسكرية تحد فيها جبهة البوليساريو برعاية الدولة المضيفة من حريات الصحراويين الذين يعيشون داخلها. و هو الواقع الذين تكشف عنه الدراسة بعرض تجارب الصحراويين الذين تم نقلهم بالقوة من بلدهم الأصلي، ثموضعهم في مخيمات عسكرية في بلد " الاستقبال ". و تستنتج الدراسة أناللاجئين الصحراويين لا يتمتعون بحقوقهم الأكثر إنسانية باعتبارهم لاجئين، خاصة حرية التعبير والتجمع و التنقل، وحرية اللاجئ في أن يبقى علىتواصل مباشر مع ممثل عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أو مع ممثلي المنظمات غير الحكومية الأجنبية من دون وجود عناصر"البوليساريو". كما تقف الدراسة على تشخيص حالات تعرض اللاجئينالصحراويين لكل أشكال الابتزاز والتخويف، والتي تتجسد في جانب منهافي فصل العائلات، والتجنيد القسري للشباب وحتى الأطفال في الجيش،والعمل القسري والاستغلال الجنسي للأطفال الذين يتم إرسالهم لكوبا.

ومن أوجه هذه المعاناة أيضا منع الصحراويين من مغادرة المخيمات، فضلاعن الاحتفاظ بالقوة بأي فرد من أي أسرة في المخيمات، إذا قرر التوجه إلىالصحراء في إطار عملية تبادل الزيارات المنظمة من قبل المفوضية الساميةلشؤون اللاجئين، علاوة على ممارسات مشينة أخرى كالعبودية التي تعتبرجريمة ضد الإنسانية . ويشير الفصل الأول كذلك إلى منع اللاجئينالصحراويين من الاستفادة من مساعدات المجموعة الدولية، حيث يتمتحويلها من قبل العناصر المسلحة ل"البوليساريو".

و تستنتج الدراسة أن الدولة المضيفة، بدل من أن تصحح الوضع وفق ما يفرضه عليها القانون الدولي بما يشمل حماية اللاجئين و تأمين حقوقهم،فإنها لجأت إلى رفض إحصاء اللاجئين الموجودين على أراضيها.

و لا يخفي الفصل مسؤولية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تفاقم هذا الوضع. انطلاقا من مسلمة أن المفوضية أنشئت من ضمان الحمايةللاجئين أينما وجدوا في مختلف أرجاء العالم، مما يفرض عليها تستنتج الدراسة تحمل مسؤولياتها، بالضغط على الدولة المضيفة الجزائر من أجلتطبيق القواعد المعمول بها، ولاسيما تلك التي تقتضي القيام بمراقبة مباشرةمن طرف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بنفسها على مخيمات تندوف،وإبعاد كل شخص لا تتوفر فيه صفة لاجئ عن المخيمات، والولوج بكل حرية ومن دون عراقيل للاجئين،

و يركز الفصل الثاني على حكم القانون الدولي فيما أوردته عشرات التقارير الرسمية و شبه الرسمية عن وجود سرقات و تحويلات للمساعدات الإنسانية الموجهة للمخيمات إلى غير وجهتها. و بعد افتحاص الدراسة لطبيعة المواد المهربة مثل الأدوية و المواد الغذائية. ترى الدراسة أن مثل هذه السلوكات المنافية للقانون الإنساني و للقانون الدولي تفرض تحريكمقتضيات مسودة مشروع قانون مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا ضد البوليساريو و ضد الدول المضيفة على اعتبار فعل منع الغذاء و الدواء من شأنهما أن يدخلا ضمن الجنح الكبرى و الجرائم الموجهة ضد الإنسانية، و مشروع إبادة إذا ما ثبت أن الفعل هو مقصود و ممنهج كما تعرف ذلك المحكمة الجنائية الدولية.

و تحلل الدراسة كيف ركزت التشريعات الدولية على مسؤولية الدولة المضيفةتجاه أي فعل إجرامي على أراضيها، حيث تكون مسؤولة عن اي فعل مشين و غير قانوني، فبالأحرى أن يثبت تواطؤها في تسهيل هذا العمل الإجرامي، أو التستر عليه.

و على اعتبار جبهةالبوليساريو منظمة ذاتية لا تملك أي مقومات في عرف القانون الدولي، فإن كل اللوم ينسحب وفق قانون مسؤولية الدول على الجزائر، تخلص الدراسة. و ما لم تلتزم الجزائر بمقتضيات التشريعات الدولية و البروتوكولات المنظمة للقانون الإنساني، و إذا لم ينجح المجتمع الدولي في تصحيح هذا الوضع عبر القيام بعملية ترشيد ومراجعة المساعدات الموجهة لسكان المخيمات، فإن المانحين للمساعدات يصبحون طرفا أيضا في التحريض على خرق مقتضيات التشريعات الدولية.

في جزء أخر من فصول هذا الكتاب، يفتحص الباحثون عددا من التقارير الرسمية والاستخباراتية و البحوث و المراسلات و الدراسات المتعلقة باحتمالات وجود تقاطعات بين مقاتلي جبهة البوليساريو و الجماعات الإرهابية النشطة على الشريط الممتد من منطقة فزان (في الجنوب الغربيمن ليبيا ) إلى الساحل الافريقي .

لكن الدراسة، تعتبر شهادات بعض قادة القاعدة أنفسهم باستقطاب القاعدة لمقاتلي جبهة البوليساريو، يستحق التعامل مع هذه المعطيات تعاملا جدياليس على مستوى التشهير الإعلامي، و إنما على المستوى الاستراتيجيوالدولي المتعلق بمكافحة الإرهاب، و تجفيف منابعه.

إذ تكشف الدراسة لأول مرة عن مقالة للجهادي أبي سعد العاملي " قاعدةبلاد المغرب الإسلامي - حقائق الواقع ووعود المستقبل-" الصادرة عنمؤسسة المأسدة الإعلامية (الجهادية)، والتي يقر فيها المنظرالجهادي كيف "كان للحركة الإسلامية في مخيمات اللاجئين دور بارز في إحداثنقلة في أفكار العديد من المقاتلين الصحراويين الشباب وعقائدهم ووعيهمالسياسي"، ليعتبرها " جبهة جديدة ونقطة قوة أخرى تضاف إلى جيوبالمجاهدين، لاشك أنها ستعزز صفوف القاعدة وستلعب دوراً مهماً فيالمنطقة من أجل تحرير الأراضي الإسلامية وتنصيب مواقع أقدامللمجاهدين تكون بمثابة النواة الأولى لدولة الخلافة القادمة".

وتستفيض الدراسة في تحليل السياقات العامة التي تحدث فيها العاملي عن اختراقات القاعدة لمخيمات تندوف، ضمن خطة محكمة لتحويلها لبؤرة خلافة إسلامية.