أكد الأمير الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، أن الثقافة أمن "وقائي"؛ فهي العماد الذي ترتكز&عليه أخلاقيات التضامن الإنساني، والعدالة الاجتماعية، ودولة القانون والمؤسسات، وفلسفة التآزر والتكافل والحوار وقبول الرأي الآخر والتنوع بكل أشكاله وألوانه.

إيلاف من عمّان: أكد الأمير الحسن بن طلال أن التمسك باستقلالنا الثقافي يعيد تجديد العقل العربي المنفتح على الآخر؛ انطلاقًا من خصوصيته، التي تحترم التنوع بأشكاله، والتعددية الثقافية التي تقودنا إلى الحديث عن مفهوم العيش المشترك، ولا ننسى أن الحضارات العظيمة تفسح المجال للتنوع، وتتخذ من "التسامح للجميع" شعارًا.

وكان رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، يتحدث في كلمته خلال حفل إشهار النسخة الإلكترونية العربية من "معجم الأديان"، الذي صدر بإدارة مؤسسة الكاردينال بول بوبار، بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدينية.

وأكد الأمير الهاشمي، أن ترجمة معجم الأديان إلى اللغة العربية جعلت منه رافدًا للفكر العربي وأداة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، مشيرًا إلى أن هذا الحوار هو جهد تراكمي يستند إلى التواصل المستدام بين ممثلي الأديان؛ متطلعًا إلى أن يكون للمعجم دور على الفضاء الافتراضي في نشْر الوعْي بالتنوع الديني والغنى العقائدي والتعددية الثقافية في تراثنا الإنساني المشترك.

المحتوى الرقمي العربي&
وأشار الحسن بن طلال إلى أن إطلاق النسخة الإلكترونية باللغة العربية لمعجم الأديان يمثل إضافة نوعية للمحتوى العربي الرقمي، "فلطالما تحدثنا عن الفجوة الرقمية وفجوة المحتوى".

أضاف أن إتاحة هذا الجهد الضخم إلكترونيًا تبعث رسائل إيجابية قوية لمستخدمي الإنترنت، خاصة الشباب، في الوقت الذي ينتشر فيه خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويأتي هذا العمل مؤكدًا على التراث الديني الإنساني المتصل وقيمه الإنسانية المشتركة التي تدعو إلى التفهم والاعتراف بالآخر والاحترام المتبادل، كما يسهم في تمكين الباحثين من إعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بعلم الأديان".

المشروع النهضوي
وفي حديثه عن المشروع النهضوي العربي بعناصره الثلاثة: الحوار العربي العربي، والخطاب العربي الموجه إلى العالم، وإشكالية بناء الإطار المؤسسي، بيّن سموه أن اللغة هي المظهر الحضاري الأكبر لأي مشروع نهضوي وركن أساسي من أركانه.

وأكد الأمير الحسن بن طلال "الحاجة إلى تكثيف الجهود على المستوى اللغوي كي يزداد استعمال اللغة العربية بشكل علمي وجدي في شبكات المعلومات العالمية، لكي تصبح اللغة العربية وسيلة لنقل المعلومات بالتقنيات المتطورة ولغة منتجة للعلم، مشيرًا إلى أن عصر الاتصالات والمعلومات، والمعرفة، والحكمة، والترفيه، يضعنا أمام جملة من التحديات، ويفتح أمامنا آفاقًا واسعة للتواصل والحوار والإبداع".

رافد للفكر العربي&
وخلال الاحتفال، قال مندوب رئيس مؤسسة الكاردينال بول بوبار المونسنيور خالد العكشة إن النسخة الالكترونية من معجم الأديان في ترجمته العربية تأتي رافدًا للفكر العربي وإسهامًا في جهد المفكرين في هذه المرحلة من التاريخ العربي الإسلامي في سبيل المزيد من الانفتاح على طريق تطوير الهوية العربية، مشيرًا إلى أن هذا العمل أداة للمعرفة والفكر بغرض الإسهام في فكر إنساني شامل.

وأضاف أن مؤلفي المعجم ومترجميه يهدفون من خلال عملهم إلى التعريف بالأديان والثقافات بشكل موضوعي وبمقاربة محترمة للمشاعر الدينية لكل المؤمنين، وخاصة المسلمين العرب، من خلال هذه الترجمة التي تتوجه اليهم، وإلى المسيحين العرب والمسلمين عامة، وإلى الناطقين باللغة العربية من غير العرب والمسلمين، وغايتها التعارف والتعاون على الخير.

علماء المغرب&
وقال أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء/ المملكة المغربية الأستاذ الدكتور أحمد عبادي إن هذا الجهد يعتبر جسرًا متفاعلًا بين مختلف النظم الاعتقادية في عالم اليوم، ووسيلة لتقريب العيش المشترك، مضيفًا أن المعجم يتميز بأنه يرسي القواعد العلمية بالتعارف بين أهل الاديان والملل المختلفة بطريقة علمية متزنة.

ولفتت مديرة معهد المواطنة وإدارة التنوع / مؤسسة أديان في لبنان، الدكتورة نايلة طبارة، إلى الحاجة إلى مقاربة ومضمون مثل، اللذين يقدمهما هذا المعجم في العالم العربي، خاصة وأن المشهد مختلف من مكان إلى آخر أو ضمن المجتمع نفسه.

وبيّنت أنه لا يمكن الوصول إلى الوحدة في مجتمعاتنا إلا بتقبل التنوع وبتثمينه، لا بتهميشه، فالاعتراف والاحترام الحقيقيان للأديان الأخرى يكونان بالفضول للتعرف إلى هذه الاديان وخصوصياتها.

وقالت مديرة المعهد الملكي للدراسات الدينية الدكتورة ماجدة عمر إن هذه النسخة الالكترونية تتيح الفرصة أمام القراء والباحثين في علم الأديان للإطلاع على هذا المرجع القيم والمفيد لمعرفة معمقة بالديانات المختلفة في العالم منذ بداياتها وحتى يومنا هذا.