تتعرض شركات الاتصالات في السعودية لحملة مقاطعة شعواء، بعدما أوقفت شرائح الانترنت المفتوح مسبقة الدفع، وحجبت تطبيقات الاتصال عبر بروتوكولات الانترنت.

إيلاف من الرياض: تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية منذ أكثر من ثلاثة أشهر حملة مقاطعة شرسة لشركات الاتصالات العاملة في المملكة تحت شعار # راح_ نفلسكم، على خلفية إلغاء شرائح الإنترنت المفتوح في باقات مسبقة الدفع واقتصارها على الباقات المفوترة، فضلًا عن حجب تطبيقات الاتصال وإحجام تلك الشركات عن تقديم خدمات إنترنت ترتقي إلى ما ينفقه المستفيدون، بحسب ما ذكره المقاطعون في تغريداتهم.

مستمرون في العد

على الرغم من مضي أكثر من شهر على بدء الحملة، لم تبادر أي من الشركات الثلاث بالتعليق أو الإيضاح، فيما اكتفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أي الجهة الحكومية المنظمة لقطاع الاتصال، بإصدار بيان قالت فيه إن شرائح الإنترنت المفتوح سجّلت مؤشرات تشغيل عالية، الأمر الذي أدى سلبًا على أداء الشبكات وقدرتها على توفير الجودة المطلوبة للخدمات المقدمة.

وفي كل يوم جديد، يطلق الناشطون والمقاطعون وسمًا جديدًا يشيع سريعًا، وذلك بالترتيب الزمني اليومي للحملة، حيث جاء وسم اليوم تحت عنوان #اليوم_38_راح_نفلسكم، كان أمس #اليوم_37_راح_نفلسكم وهكذا يستمر المقاطعون إلى أن ترضخ الشركات لمطالبهم، والمتمثلة في تقديم خدمات عالية الجودة وبأسعار أقل، ورفع الحجب عن تطبيقات الاتصال.

خسائر فادحة

تنوعت أساليب المقاطعة والضغط على الشركات، بين الحث على نقل الرقم إلى مشغل آخر، أو عدم الاتصال والشحن وتخصيص وضع الطيران في الهاتف خلال أوقات الذروة، إي بين 6 و9 مساءً، لتقليل استخدام المكالمات والرسائل النصية وشحن الرصيد، حيث نشر المقاطعون صورًا توضيحية وبيانات بالخسائر التي ستتكبدها شركات الاتصال في حال تطبيق المستهلكين هذه الأساليب.

وأوضح المقاطعون في إحدى صورهم المنشورة أن المقاطعة 3 ساعات يوميًا تعادل 84 ساعة في الشهر، مشيرين في حديثهم الموجه للمستهلك "شارك في المقاطعة ليتزايد عدد المحجمين عن الاتصال، فإذا بلغ عددنا مليون شخص ولمدة ثلاث ساعات يوميًا، فسوف تخسر شركات الاتصالات 3 ملايين ريال يوميًا، ما يعنى 90 مليونًا شهريًا، ما يجبرها على الانصياع لمطالب المستهلكين".

وسومات للضغط

لا تزال حملة المقاطعة تكتسب كل يوم حلفاء جدد حيث انضمت إليها أخيرًا "جمعية حماية المستهلك" التي أعلنت مساندتها الحملة ودعت الشركات إلى الإنصات لصوت المستهلكين والتعرّف على مطالبهم، وقالت في تغريدة دونتها على حسابها على توتير: "جميع الشركات مطالبة بالإنصات لصوت المستهلك والتعرف على مطالبه ومعالجة ذلك، حيث تفيد التجارب الدولية بأن المستهلكين قوة ضاربة متى اجتمعوا لإبداء آرائهم والمطالبة بحقوقهم.

ودشن المقاطعون أكثر من وسم للضغط على الشركات والتعبير عن مدى سوء الخدمات، ومنها #النت_المفتوح_مطلب_شعبي، و #إلغاء_المتابعة_لحسابات_الشركات، وتسبب الوسم الأخير بفقدان حسابات شركات الاتصال الآلاف من متابعيها على توتير، فيما شهدت بعض المدن نزولا للحملة في الشارع، حيث طبع مقاطعون وسم الحملة على نوافذ إحدى شركات الاتصالات بمدينة الطائف، تلويحًا بالمقاطعة وتأكيدًا على الاستمرار.

لن تمر مرور الكرام

قال الباحث الاقتصادي عائض مرزوق إنه ليس من السهل معرفة الخسائر المالية التي تتكبدها شركات الاتصالات جراء هذه الحملة، لكن بالتأكيد هناك خسائر، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن تأثير الحملة ليس في الجانب المالي فحسب، بل أيضًا في الجانب الإعلامي وجانب السمعة، "حيث يغرد يوميا آلاف السعوديين، بمعدل بلغ 70 ألف تغريدة، وهو ما يؤثر في سمعه تلك الشركات ويمنعها من استقطاب مشتركين جدد، ما سيؤثر في خططها في التوسع مستقبلًا، وبالتالي في أرباحها.

أوضح مرزوق إن الحملة مستمرة ولن تمر مرور الكرام مع إصرار الشركات على الصمت وتجاهل التعليق أو الرد على المقاطعين، "فالهواتف لم تعد ترفًا بل أصبحت من ضرورات الحياة، ولم تعد محفظة المواطن كما كانت، حيث الريال يفرق كثيرًا، وبالتالي يجب أن لا تعول الشركات على عامل الزمن لزوال الحملة باعتبارها فقاعة أو غضبًا موقتًا، بل يجب عليها احترام عملائها والرضوخ لمطالبهم وعدم التعامل معهم بصلف واستعلاء، أو عليهم تحمَل ما سوف يأتيهم من خسائر.

تجدر الإشارة الى إن سوق الاتصال والانترنت في السعودية يبلغ ما يقارب الـ20 مليون مستخدم، تتقاسم تقديم الخدمات ثلاث شركات: الاتصالات السعودية التي تقدم خدمات الخطوط الأرضية والجوال والانترنت، وموبايلي وهي شركة إماراتية وتقدم خدمات الجوال والانترنت، وزين وهي شركة كويتية وتقدم خدمات الجوال والانترنت وهناك شركتان جديدتين تسلمتا الترخيص وعلى مشارف إطلاق خدماتهما قريبا وهما شركة "اتحاد فيرجن موبايل" وشركة "اتحاد جوراء".