برلين: أعلن علماء هولنديون من جامعة اوترخت الطبية وشركة فيليبس العالمية عن تطوير تقنية جراحية جديدة تجري بلا ألم وتخدير ومشرط. وأطلق العلماء على التقنية اسم الموجات فوق الصوتية البالغة التركيز (HIFU High Intensity Focused Ultrasound)، ويفترض أنها ستحدث ثورة في عالم الجراحة.

وذكرت الجراحة المتخصصة ميريل هويسام، من جامعة أوترخت الطبية، أن الطريقة الجراحية الجديدة واعدة جداً، وخصوصاً في علاج المرضى الذي يعانون أوراما سرطانية متقدمة، لأن هؤلاء المرضى يعانون سلفاً آلامًا كبيرة. ويمكن للعلاج بالموجات الصوتية العالية التركيز ان يشق طريقه أيضاً عند المرضى، وعند المسنين، الذين لاتتحمل أجسادهم التخدير، لأن الطريقة الجديدة تجري بلا تخدير ولا ألم.

وعبرت الطبيبة عن أملها في أن تغير العمليات الجراحية بالموجات الصوتية المركزة حياة72% من مرضى السرطان الذين ينتقل المرض إلى عظامهم، ويسبب لهم آلاماً مبرحة، تصبح معها الحياة لا تطاق. وتحدثت هويسام عن مريض بالسرطان كان يحلم برحلة على زورق صغير مع زوجته، وحققت الجراحة بلا مبضع له أمنيته. إذ كان الرجل يعاني انتقال السرطان إلى عموده الفقري، وكانت كل حركة مباغتة تسبب له آلاماً لا توصف.

من ناحيته، قال الدكتور موريس فان دير بوش، من المركز الطبي في جامعة اوترخت، ان الجراحة بالموجات الصوتية المركزة قد تصبح بديلاً للعلاج بالأشعة أيضاً. وأضاف ان العلاج بالأشعة ينصح به في 60% من الحالات فقط، كما أنه يرتبط أيضاً بأعراض جانبية ومضاعفات خطيرة أحياناً.

التركيز على العافية

وقالت هويسمان ان علينا ان نفكر في عافية المريض، وتخليصه من الآلام، ومنحه حياة شبه طبيعية، لا أن نركز في الوقت الحالي على شفاء المريض.

وتوقعت هويسمان ان تشق طريقة الجراحة الجديدة طريقها إلى صالات العالم الجراحية بسرعة، لأنها بديل جيد عن مضاعفات المبضع والتخدير العام ومضاعفات ما بعد العملية الجراحية مثل الالتهابات. وأضافت ان الطريقة تستخدم موجات صوتية واطئة الذبذبة تشبه تلك المستخدمة في فحص الجنين في رحم المرأة الحامل دون إلحاق الضرر بالأم والجنين. كما وصفت الطريقة بأنها بسيطة وتشبه جمع ضوء الشمس بواسطة عدسة لامعة.

واستخدام موجات الصوت في طب الاشعة معروف منذ التسعينات، إلا أن طريقة اوترخت الجديدة تستخدم تقنية جديدة في لمها وتركيزها. ويمكن بهذه الطريقة رفع درجة حرارة الموجات إلى90 مئوية خلال ثوان، ومن ثم تركيزها بدقة على الخلايا السرطانية أو المريضة دون الحاق ضرر بالأنسجة السليمة القريبة.

وحدة علاجية من فيليبس

ويمكن تسليط الموجات الصوتية الحرارية على خلايا بمفردها أو جمعها وتسليطها على نسيج سرطاني من عرض14 ملم وطول 16 ملم. وتتخلل هذه الاشعة أنسجة الجسم دون أن تسبب الألم للمريض.

ويعود الفضل إلى شركة فيليبس العالمية في تطوير وحدة علاجية أطلقت عليها اسم Sonalleve MR-HIFU، وهي وحدة تضاف إلى جهاز الأشعة بالرنين المغناطيسي، وإلى جهاز الكي بالموجات الصوتية المركزة، كي تتيح جمع الجهازين في عملية العلاج.

وتحتوي وحدة Sonalleve على محول طاقة (Transducer) يضطلع بمهمة لمّ الموجات الصوتية وتحويلها إلى طاقة حرارية مركزة. وتولت فيليبس أيضاً مهمة ابتكار تقنية تبريد تعمل على خفض حرارة النسيج البشري حال ابعاد الموجات عنه. وتضمن طريقة التبريد المبتكرة الحفاظ على درجة ثابتة لاتزيد عن20 مئوية في النسيج الذي يخضع للعلاج.&

فوائد اقتصادية&

وفضلاً عن فوائد الطريقة الجديدة، المتمثلة بعدم الحاجة إلى التخدير وانعدام الألم، فالطريقة سريعة أيضاً. وهذا اختصار في الوقت يعني الاقتصاد بالكلفة، كما يمكن للمريض أن يغادر المستشفى بعد وقت قصير من العلاج ولا حاجة إلى البقاء لأيام &قيد المراقبة.

وفي الطرق السابقة التي تستخدم الموجات فوق الصوتية (مثل أجهزة الاشعة) يقع على الجراح أن ينتظر بين فترة وأخرى كي تبرد المناطق السرطانية التي"احرقها" في حين ان درجة حرارة الموجات الصوتية في الطريقة الجديدة تهبط بعد ثوان. وطبيعي كلما زاد وقت العلاج زادت معاناة المريض وزادت معها مخاطر المضاعفات.

وهنا تستخدم طريقة HIFU جهاز الأشعة الذي يعمل بالرنين المغناطيسي MR للكشف عن"الخريطة" السرطانية، لتتولى بعد ذلك الموجات الصوتية تدميرها، ولذلك تفضل هويسام تسميتها بالـ(MR-HIFU).

أورام الرحم

تمت تجربة طريقة الموجات فوق الصوتية المركزة بنجاح على عشرات النساء المعانيات من أورام"المايوم". وهي أورام حميدة&تصيب تقريباً ثلث النساء بعمر الانجاب، بحسب الدكتور هويسان، لكنها تسبب آلاماً كبيرة ونزف دم للنساء المصابات بها.&

ويمكن لهذا النوع من الأورام أن يتسبب باستئصال الرحم بأكمله إذا كان الورم يهدد بالتحول إلى ورم خبيث، أو إذا كان مزروعاً في مكان خطير من الرحم.