الرباط: أجمع المتدخلون في الملتقى الثقافي لوكالة الأنباء المغربية، الذي نظمته مساء الخميس بالرباط، على أن &السياسي والدبلوماسي والمثقف الراحل عبد الهادي بوطالب، يعد أحد أبرز رجالات الحركة الوطنية والفكر والعلم والسياسة في التاريخ المغربي المعاصر، مذكرين بخصال ومناقب هذه الشخصية الوطنية التي تقلدت مناصب عدة في مؤسسات الدولة ، وخلفت مسارًا سياسيًا وعلميًا حافلاً يحتاج المزيد من البحث والدراسة للاستفادة من تراثه.

وقال مجيد بوطالب، رئيس مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري، في الملتقى الثقافي الذي خصص لتقديم "قراءة في فكر الأستاذ عبد الهادي بوطالب" ، إن الهدف من طرح الموضوع هو استحضار مرحلة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر، مؤكداً أن العودة إلى ما تركه السلف من سير ومؤلفات بغناها وتنوعها "نعطي للشباب الأمل ، ونمده بشحنة قوية لمواجهة تحديات الحاضر بإشكالاته وتمثلاته"، مطالبًا باستخلاص العبر والدروس من سير أعلام المغرب ورموزه &لأنه "من خلال ذلك يمكن الإجابة عن بعض أسئلة الحاضر وبناء الشخصية الوطنية".

وشدد بوطالب، في التظاهرة الثقافية التي نظمت بمناسبة الذكرى السابعة لوفاة والده، أن فكر الراحل عبد الهادي بوطالب "بقدر ما يمتح من الآثار بقدر ما هو منفتح على آفاق أخرى جعلت فكره يتميز بالأصالة والحداثة من حيث المضمون والتنوع". وأضاف بوطالب أن كتابات الفقيد تتنوع بين "المقالات الصحافية والرواية والشعر بالإضافة إلى الكتابات الفكرية والسياسية".

وأفاد رئيس مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري، بأن المحتفى به، عالج في كتاباته عددًا من المواضيع والقضايا، التي اعتبر أنها تمحورت في معظمها حول "الديمقراطية وحقوق الإنسان وقضايا الإسلام المعاصر وقضية المرأة"، بالإضافة إلى قضايا أخرى مثل حوار الحضارات والعولمة والدبلوماسية.

وأشار نجل الراحل عبد الهادي بوطالب، إلى أن الفقيد كان صاحب رأي يبرزه في معالجته لهذه القضايا والإشكاليات و"لم يكن يتعامل مع هذه الأمور بمنطق الباحث الأكاديمي فحسب، بل، كان يتعامل معها بمنطق السياسي الذي كانت له الجرأة للتعبير عن موقفه وهو يخوض في قضايا الشأن العام أو القضايا الفكرية والثقافية".

وأضاف مجيد بوطالب أن انخراط الراحل المبكر في الحركة الوطنية ومساهمته في النضال الوطني منذ بداية الاستقلال في إرساء معالم الدولة الحديثة والمناصب الحكومية التي تقلدها "ساهم في صقل شخصيته"، لافتًا أن ثقافته المزدوجة بين الشريعة والقانون "من خريج لجامعة القرويين إلى أستاذ القانون الدستوري ومن عالم دين إلى رجل سياسة"، كل هذا جعل من عبد الهادي بوطالب ذلك المفكر المتعدد "بقدر ما يخوض في الشريعة يخوض في علم السياسة".

وأعلن مجيد بوطالب في كلمته، أن المؤسسة مستعدة للتعاون مع كافة الفاعلين والمهتمين في هذا المجال لتعميق القراءة في هذه الكتابات على جميع المستويات.

من جهته، أشاد الإعلامي الصديق معنينو، في شهادته التي قدمها بالمناسبة، بالمستوى التواصلي والخطابي للراحل عبد الهادي بوطالب، معتبرًا أن الفقيد كان "رجلاً وطنياً تحمل مسؤوليات مهمة في الدولة وكان رجل إعلام وتواصل"، مسجلاً أنه كان عميقًا في طرحه وفكره، يحرص على مخاطبة "العقل قبل الوجدان بأسلوب رفيع ومنهجية علمية مضبوطة في التواصل".

وأضاف معنينو أن بوطالب تشبع بأفكار "تقدمية وثقافة راسخة مبنية على حرية الإنسان وبناء مغرب ملكي دستوري"، مبرزاً أن محمد بلحسن الوزاني كان مصدر هذا التأثر والمنبع الذي استقى منه الأفكار والمبادئ التي بنى عليها بوطالب مقاربته السياسية، مشددا على أن الرجل كان عالمًا من علماء القرويين وفي الآن ذاته خريج مدرسة حداثية.

كما أثنى عدد من المتدخلين الآخرين في الملتقى على دماثة أخلاق الراحل وروحه الوطنية ، منوهين بإنتاجاته الفكرية والسياسية ونظرته التنويرية للإسلام ورسالته الخالدة، مطالبين بضرورة استعادة فكر وتراث الراحل وتدارسه في لقاءات أخرى، لتعميم الفائدة وربط الأجيال الصاعدة برموز الفكر والحركة الوطنية المغربية، التي يعد عبد الهادي بوطالب أحد رجالها.

يذكر أن عبد الهادي بوطالب، ولد بفاس سنة 1923، وتوفي يوم 16 ديسمبر 2009 بالدار البيضاء عن عمر ناهز 86 سنة، وشغل العديد من المناصب الوزارية وعين في مناسبات عدة سفيراً للمملكة، وله العديد من المؤلفات في مجالات التاريخ والسياسة والقانون والآداب، وعرف بغزارة وتنوع إنتاجه، كما أنه كان عضوًا بأكاديمية المملكة المغربية . ومن بين مؤلفاته الكثيرة "لكي نفهم الإسلام أحسن" و"المرأة بين مقتضيات الشريعة والقوانين الدولية"، و"وزير غرناطة" و"نظرات في القضية العربية" و"الحكم والسلطة والدولة في الاسلام ".