لندن: حذر مهندسون عراقيون شاركوا في بناء سد الموصل قبل 30 عامًا من خطر انهيار السد في أي وقت وقالوا إن حجم الكارثة التي سيؤدي اليها انهياره قد يكون أكبر مما تحدثت عنه التقارير الأخيرة.
&
وأشار المهندسون إلى أنّ الضغط على هيكل السد يتزايد بسرعة مع ذوبان ثلوج الشتاء وتدفق مزيد من الماء على الخزان ليصل إلى طاقته الاستيعابية القصوى في حين ان البوابات التي تُستخدم عادة لتخفيف الضغط مغلقة لا يمكن فتحها بسبب عطل فني.

كما لفت المهندسون العراقيون إلى أنّ عدم استبدال المعدات والآلات القديمة أو تعبئة قوى عاملة كافية بعد اكثر من عام على طرد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" من موقع السد يعني ان ان الشقوق في الكتلة الحجرية المسامية تحت السد تزداد اتساعا وخطورة كل يوم. ولم يوقع حتى الآن عقد مع شركة انشاءات ايطالية لاجراء التصليحات العاجلة ولكن المفاوضات ما زالت جارية وراء الكواليس في بغداد.

وحذر المهندسون من أن عدد العراقيين الذين سيلاقون حتفهم نتيجة الكارثة الناجمة عن انهيار السد بصورة مفاجئة أكبر من 500 الف عراقي بحسب التقديرات الرسمية لأن كثيرين سيُقتلون في الذعر الجماعي الناجم عن الكارثة بانطلاق موجة تسونامية ارتفاعها 20 مترا نحو مدينة الموصل ثم اندفاعها في حوض دجلة عبر تكريت وسامراء وصولا إلى بغداد.
&
وأوضح المهندس نصرت آدمو رئيس المهندسين السابق في سد الموصل الذي امضى حياته المهنية في تقوية واجهة العيوب الأساسية في البناء ان السد لن يصمد إلا بالعمل على مدار الساعة بفرق تملأ الشقوق في القعر الحجري المسامي تحت السد. ولكن مستوى الصيانة هذا خلال الفترة التي اعقبت بناء السد في عام 1984 تبخر بعد اجتياح داعش للمنطقة.
&
وقال المهندس آدمو في اتصال هاتفي مع صحيفة الغارديان البريطانيا من السويد حيث يعمل مهندسا استشاريا انه "كان لدينا 300 شخص يعملون 24 ساعة في ثلاث نوبات ولكن عددا قليلا جدا من هؤلاء العمال عادوا إلى الموقع. وربما هناك الآن 30 شخصا".

واضاف "ان الآلات لملء الثغرات نُهبت وليست هناك امدادات من الاسمنت. وهم لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا. فالوضع يتفاقم من سيئ إلى اسوأ ، ويتطلب تحركا عاجلا. وكل ما نستطيع ان نفعله هو ان نضع ايدينا على قلوبنا".

ومع تزايد ضعف القعر الحجري وثغراته المسامية يتعاظم ضغط الماء على السد نتيجة ذوبان الثلوج في موسم الربيع وتدفقها إلى خزان السد. ولكن البوابات الضخمة التي تُفتح عادة لتخفيف الضغط عاطلة عن العمل. واشار المهندس آدمو إلى أنّ احدى البوابات معطلة وحين تُغلق بوابة يجب غلق الأخرى لأن البوابات يجب ان تعمل في وقت واحد وبخلافه يحدث عدم تناظر في التدفق وهذا يسرّع عملية التآكل.

وأعرب المهندس العراقي ناظر الانصاري الذي عاصر بناء السد عن قلقه من ارتفاع منسوب الماء في الخزان. وقال الانصاري الذي يعمل الآن استاذا في جامعة لوليا السويدية "ان حقيقة تعطل المنافذ التحتية هي ما يقلقني.

ففي نيسان/ابريل وايار/مايو سيزداد ذوبان الثلوج ويأتي ذوبانها بمزيد من الماء إلى الخزان". واضاف "ان مستوى الماء الآن 308 امتار ولكنه سيرتفع إلى أكثر من 330 مترا والسد ليس كما كان في السابق. فالشقوق التحتية تزايدت ولا أعتقد ان السد سيتحمل هذا الضغط".

وحذر الانصاري من ان ماء السد إذا انهار سيصل إلى الموصل في اربع ساعات وإلى بغداد في غضون 45 ساعة. وقال "ان البعض يقول ان نصف مليون عراقي يمكن ان يُقتلوا والبعض الآخر يقول ان مليونا سيُقتلون. واحسب ان العدد سيكون أكبر في غياب خطة اجلاء جيدة" واصفا سياسة الحكومة العراقية بدعوتها المواطنين إلى الابتعاد 6 كلم على الأقل عن ضفتي نهر دجلة بـأنها "مثيرة للسخرية". وكانت السفارة الاميركية في بغداد دعت الاميركيين إلى مغادرة المنطقة.

وتساءل المهندس الانصاري "ما الذي يُفترض بهؤلاء المليون ان يفعلوا حين يبتعدون 6 كلم؟ ليس هناك دعم لهم هناك ولا شيء لمساعدتهم على العيش".

تعود فكرة سد الموصل إلى خمسينات القرن الماضي ولكن بناءه أُرجئ بسبب التضاريس الجيولوجية لذلك المقطع من نهر دجلة حيث كثير من احجار القعر قابلة للذوبان بتأثير الماء. وبُني في النهاية في عهد صدام حسين.

وأشارت شركات استشارية أجنبية متعاقبة إلى مواطن الضعف في التكوينات الحجرية ولكنها كلها اكدت للحكومة ان حل المشكلة ممكن بملء الفجوات بالاسمنت. واتُخذ قرار المضي قدما ببناء السد بدفع من طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية في زمن صدام.

وقال المهندس الانصاري الذي كان يعمل مستشارا علميا في وزارة الري وقتذاك "ان رمضان كان يريد ان يُري صدام انه يفعل شيئا رائعا".

كان السد من تصميم شركة سويسرية ونفذ مشروع بنائه كونسورتيوم الماني ايطالي في عام 1984. وبدأ الماء يتسرب في عام 1986 حين اصبح واضحا ان المشاكل الجيولوجية اسوأ مما كانت تتوقع الشركات الاستشارية. ومنذ ذلك الحين أصبح السد بحاجة إلى صيانة دائمة لملء الثغرات التي يحدثها تدفق الماء عبر القعر الحجري القابل للذوبان،. واستُخدم ما مجموعه 95 الف طن من المواد المختلفة لملء الثغرات حتى الآن.


&