المعروف في الطب أن الألياف والخلايا العصبية أقل أنسجة الجسم استعدادًا لترميم وتجديد نفسها بعد الاضرار التي قد تلحق بها. لكن العلماء يقولون إن "عشبة الأم" قادرة على تغيير هذه الحالة.

ماجد الخطيب: وصف الحكيم الاغريقي القديم ديوسكوريدس (90 سنة قبل الميلاد) "عشبة الأم" Tanacetum parthenium في كتابه حول طب الأعشاء المعنون "دي ماتيريا ميديكا" كمسكن لآلام المخاض عند النساء، واستخدمت هذه النبتة في العصور الوسطى كمسكن للألم وخافض للحرارة، وتدخل اليوم في تركيبة العديد من الأدوية التي تمتد بين عقاقير معالجة داء الشقيقة، ومضادات بعض الطفيليات التي تعيش في الأمعاء، وضد تضخم البروستات، وفي بعض العقاقير العشبية المستخدمة في معالجة سرطان الدم، كما أن خلاصتها تساعد في الهضم.

كتب العلماء الألمان من جامعة هاينريش هاينه في دسلدورف، في جورنال العلوم العصبية، أن خلاصة عشبة الأم سرعت عملية ترميم وتجديد الخلايا والألياف العصبية في فئران الاختبار، بشكل يعد بعلاج جديد لحالات تضرر الأعصاب. وينطبق ذلك على الكثير من الحالات الطبية الناجمة عن مضاعفات مرض السكري، أو عن الافراط في شرب الكحول وغيرها من الأمراض، كما تسري على الأضرار العصبية نتيجة الحوادث.

أجريت التجارب على فئران تعاني أضرارًا بليغة لحقت بالعصب الوركي (عرق النسا)، واستطاعت خلاصة النبتة أن ترمم وتسرع عملية اعادة البناء بشكل لا يقاس بالسرعة الطبيعية. ويأمل الأطباء الآن أن تفعل"عشبة الأم" المفعول ذاته على الأعصاب البشرية المتضررة.

الفئران المشلولة حركت أصابعها

ركز ديتمار فيشر وزملاؤه، من جامعة دسلدورف، على تفحص مفعول مادة بارثونليد، التي تستخلص من عشبة الأم. وظهر في التجارب على خلايا بشرية مستنبتة مختبريًا أن المادة تسرع عملية ترميم الأعصاب، وهو ما دفعهم لاتخاذ الخطوة الثانية التي أجريت على الفئران. واستخدموا مجموعتي فئران تعاني كلها ضررًا بالغًا في العصب الوركي، ويعجز بعضها عن تحريق ساقيه، وعالجوا المجموعة الأولى بخلاصة بارثونيلد، في حين تركوا المجموعة الثانية دون علاج وبمثابة مجموعة مقارنة.

ويقول فيشر إن تأثير خلاصة عشبة الأم ظهر بعد أسبوع واحد فقط على مجموعة الفئران الأولى، وهذا إنجاز كبير في الطب. وبدأت الفئران تحرك أصابع أقدامها، واستجابت أقدامها للمحفزات الكهربائية بسرعة، في حين لم يظهر هذا التحسن على فئران مجموعة المقارنة.&

اعتبرت جامعة دسلدورف هذا الانجاز خرقًا علميًا جديدًا في مجال معالجة الأمراض الناجمة عن تضرر الأعصاب. وثبت أن مادة بارثونيلد فعالة في معالجة أمراض الأعصاء عن حالات مرضية(السكري كمثل) وحالات اصابات الأعصاب الناجمة عن الحوادث.

طريقة العلاج تختلف أيضًا

الميزة الثانية في العلاج بعشبة الأم، كما كتب فيشر وزملاؤه، هو أنه من الممكن منح خلاصتها للمريض عن&طريق الزرق في الدم أو العضلة، أو ببساطة عبر الفم، وهذا يختلف عن باقي أنواع العقاقير التي ينبغي زرقها في موقع الإصابة العصبية بالضبط. لكن الحقيقة أنه لا تتوافر في الصيدليات عقاقير يمكن أن تجدد الأعصاب وترممها تفعل خلاصة هذه النبتة.

قدر فيشر الحاجة إلى المزيد من البحث بهدف تطوير العلاج قبل البدء بتطبيق العلاج بعشبة الأم على البشر. وستكون النتائج بتقديره بالغة الأهمية، لأن 8 في المئة من البالغين، من عمر يزيد على 55 سنة، في العالم الصناعي يعانون إصابات وأمراضًا أضرت بأعصابهم. وتتركز الإصابات في الأعصاب في الأطراف العليا والسفلى وتحول ملايين البشر إلى مقعدين.

وعشبة الأم نبتة صغيرة تزهر أزهارًا صفراء ذات تويجات بيضاء من عائلة استيراس النباتية. وزهيراتها تشبه زهور الكاميلا وتسمى أيضًا "الكاميلا المزيفة" و"زينة الكاميلا" و"عشبة السخونة" بمعنى تأثيرها الخافض للحرارة (السخونة).
&