أكد وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي الـ28 عزمهم على تكثيف محاربة التهرب الضريبي، ردًا على فضيحة أوراق بنما، مع وجود بعض الخلافات بينهم حول حجم الشفافية المطلوبة من الشركات المتعددة الجنسيات.

أمستردام: قال وزير المالية الهولندي يروين ديسلبلوم، الذي تتولى بلاده حاليًا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، "ان الجميع ملتزم تمامًا بالعمل على سد الثغرات" في الانظمة المالية الاوروبية لمنع التهرب الضريبي.

مصلحة مشتركة
اضاف بعد نحو ثلاثة اسابيع على اندلاع فضيحة اوراق بنما، التي لا تزال تتفاعل، "لقد اضعنا الكثير من الوقت بمحاربة بعضنا البعض حول انظمتنا المالية، لكي تكون بلداننا الاكثر جذبًا للمستثمرين. الا اننا وصلنا اليوم الى نقطة باتت فيها شركات كبيرة تميل الى تجنب دفع ضرائب".

وخلال الاجتماع الحالي، الذي بدأ اعماله الجمعة في امستردام، وافق جميع وزراء المالية على المبادرة التي اطلقتها قبل عشرة ايام خمس دول اوروبية هي المانيا واسبانيا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا، تقضي باختبار التبادل الفوري للمعلومات بين دول الاتحاد الاوروبي لتحديد هوية المستفيدين من الشركات الواجهة.

وقال وزير المالية الفرنسي ميشال سابان: "هناك رغبة مشتركة ومعلنة بمحاربة الآليات السرية" التي تتيح اخفاء من يقف وراء هذه الشركات. وحتى الان لا يزال بالامكان انشاء شركات باشكال قانونية متعددة، مثل الشركات ذات المسؤولية المحددة، التي تتيح اخفاء هوية المستفيد الحقيقي منها، ما يجعل من الصعب جدًا على الادارات الضريبية في كل دولة ملاحقة من يحاول التهرب ضريبيًا.

كما وافق الوزراء الـ28 على انشاء لائحة سوداء موحدة للاتحاد الاوروبي تضم الملاذات الضريبية، وهو الامر الذي طالب به المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي، الذي دعا الى انهاء وضع هذه اللائحة "بحلول نهاية الصيف".

كسر الحلقة المفرغة
ويبدو ان مفاوضات امستردام لن تكون سهلة بأية حال، لان لكل دولة سياساتها الخاصة بها بالنسبة الى الملاذات الضريبية. ولا بد في البداية من الاتفاق على اسلوب واحد لتحديد من يمكن ان يدرج اسمه على هذه اللائحة السوداء. وستقدم اقتراحات الى الوزراء الـ28 خلال اجتماع مقبل لهم من المقرر ان يعقد في ايار/مايو المقبل.

وحول حض الشركات المتعددة الجنسية على مزيد من الشفافية، اعلنت الرئاسة الهولندية للاتحاد الاوروبي انها ستطلق "ابتداء من الاسبوع المقبل" محادثات بين الدول الاعضاء للبحث في اقتراح بروكسل لجعل المعلومات المالية الاساسية للشركات الكبرى بمتناول الجمهور.

ولم يخف ديسلبلوم أن بعض الدول الـ28 عبرت في امستردام عن تحفظات على اقتراح المفوضية الذي تم الكشف عنه في الثاني عشر من نيسان/ابريل الماضي. وقال "مما لا شك فيه أن هناك تقويمات مختلفة حول هذا الموضوع"، مضيفًا انه من المستبعد التوصل الى اتفاق حول هذا الموضوع قبل النصف الثاني من السنة خلال الرئاسة السلوفاكية للاتحاد الاوروبي.

وقال وزير المالية النمسوي هانس يورغ شيلينغ "اعتقد أن علينا ألا نبالغ في ردود فعلنا، ونحن في قلب الهستيريا التي تسبب بها الكشف عن اوراق بنما". كما ابدى نظراؤه وزراء مالية مالطا وبلجيكا والمانيا تحفظات مماثلة بحجج مختلفة.

شفافية منقوصة
وتعتبر فرنسا وبريطانيا من اكثر الدول المتحمسة لكشف نشاطات هذه الشركات الكبيرة (التي يتجاوز رقم الاعمال السنوي لكل منها 750 مليون يورو)، بحسب ما قال الوزير الفرنسي ميشال سابان.

وقال سابان إنه لا يجوز بعد اليوم الاكتفاء بالاقتداء بالشفافية المعتمدة في هذا المجال في الولايات المتحدة، لان بعض الولايات الاميركية مثل ولاية ديلاوير (شرق) التي تجذب الكثير من الشركات، تتعرض لانتقادات قاسية بسبب مستوى شفافيتها.

وختم الوزير الفرنسي قائلاً انه في المطلق "لا بد من نوع من الملاءمة على المستوى الدولي وكسر الحلقة المفرغة التي تجعلنا منذ نحو عشرين او ثلاثين عامًا نقول +سنفعل ذلك لاحقًا+ لان الجميع لا يقومون بأي شيء".

من جهة ثانية، بدأ وزراء مالية الدول الـ28 السبت نقاشًا لدرس امكانية تبسيط ميثاق الاستقرار والنمو، الذي يحدد القواعد الواجب اتباعها لدى وضع الموازنات، وهو نص يتعرض للانتقاد في احيان كثيرة بسبب تعقيداته وصرامته. فبعد اجتماع عقد في امستردام مع نظرائه الـ27، اعطى وزير المالية الهولندي اشارة الانطلاق لهذه المناقشة.&

ميثاق الاستقرار
واشار ديسلبلوم الى أن الهدف من النقاش جعل شرح قواعد الميثاق "اكثر سهولة للناخبين". واضاف في مؤتمر صحافي: "ميثاق الاستقرار هو شيء يجب علينا ان نعتز به، وأن يبني الثقة بيننا وبين العالم الخارجي". وقال إن مديري وزارات الخزانة في الدول الـ28 الاعضاء في الاتحاد شرعوا في تبسيط الميثاق، على ان يعاد طرح هذا الموضوع في الخريف.&

في اذار/مارس، بعث وزراء مالية ثماني دول (اسبانيا، البرتغال، لوكسمبورغ، لاتفيا، ليتوانيا، سلوفينيا، سلوفاكيا، ايطاليا) رسالة إلى المفوضية الاوروبية، داعين فيها الى تبسيط هذا الميثاق.&

وميثاق الاستقرار والنمو الذي اعتمد في امستردام عام 1997، قبل انشاء العملة الموحدة، هو اداة استعانت بها بلدان منطقة اليورو لتنسيق السياسات المالية الوطنية وتجنب ظهور عجز مفرط في موازناتها. ونظرًا الى حجم ازمة الديون، قرر الاتحاد الأوروبي في عام 2011 تشديد الرقابة على الموازنات مع احتمال فرض عقوبات على الدول التي يصل العجز فيها الى نسب معينة.