لجأ أكثر من 140 سياسيًا، بينهم بوتين والأسد ونجل مبارك، وغيرهم من رؤساء حكومات حاليين وسابقين، تجاوز عددهم المئة والخمسين، إلى تهريب أموالهم من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية، وفق ما تكشف وثائق أطلق عليها «أوراق بنما».
بيروت: نشرت وسائل إعلام وثائق تكشف «أكبر عمليات تهريب الثروات حول العالم» إلى شركات أوفشور، بترتيب من مكتب للخدمات القانونية مقره بنما. وتشارك في هذه العمليات شخصيات&من دول عدة من الصين وحتى بريطانيا.&
وتكشف وثائق بنما المُسَرَّبَة، وجود اسم أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانٍ، ضمن قائمة الشخصيات المتهمة بـ «إخفاء الثروات» والتهرب الضريبي، إضافة الى مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأبناء عم الرئيس السوري بشار الأسد، ووالد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وعلاء مبارك نجل الرئيس المصري الأسبق حسنى مبارك.&كما ترد الاشارة الى تورط&رئيس الحكومة الباكستانية، وشقيقة ملك إسبانيا، ومساعد للرئيس الأرجنتيني السابق ماوريسيو ماكري، وأحد أقرباء رئيس المكسيك، وأفراد من أسرة رئيس أذربيجان، وابنة رئيس الوزراء الصيني السابق، ونجل الرئيس السابق لغانا، ونجل رئيس وزراء ماليزيا، ومقربين من رئيس ساحل العاج السابق، وابن شقيق رئيس جنوب أفريقيا.
ونشرت أكثر من مئة وسيلة إعلامية في أكثر من سبعين بلداً بالتزامن، وثائق تكشف تورط شخصيات من دول عدة في عمليات تهريب الثروات حول العالم إلى ملاذات ضريبية.&
في التفاصيل، كشف «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين» عن الوثائق (وعددها نحو 11.5 مليوناً)، التي تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار (offshore) &في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم،&في عملية وصفت بـ«الأضخم في تاريخ الصحافة». وعثر على الوثائق بعد اختراق بيانات مكتب شركة «موساك فونسيكا» للخدمات القانونية في بنما، المسؤول الأول عن تسجيل وتأسيس شركات عابرة للبحار بين عامي 1977 و2015، وهي في غالبيتها وهمية، بهدف إخفاء أصول وأموال شخصيات ودول.&
140 رجل سياسة
تشير الوثائق إلى أن شركة «موساك فونسيكا» للمحاماة، وهي رابع أكبر شركة تعمل في مجال خدمات توطين الشركات في الخارج، عملت لحساب أكثر من ثلاثمئة ألف شركة في مجال إدارة الثروات.&
وتتواجد شركة «موساك فونسيكا» في أكثر من بلد، من خلال انتشار فروع لمكاتبها حول العالم، لاستقطاب عدد أكبر من الزبائن. ولم تواجه الشركة العاملة في مجال الخدمات القانونية أي مشكلة مع القضاء طيلة فترة عملها على مدى أربعة عقود.&
تشير وسائل الإعلام، التي كشفت الوثائق، إلى أن أكثر من 140 سياسيًا من دول مختلفة، بينهم 12 رئيس حكومة حاليًا أو سابقًا، هرّبوا أموالًا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية. &
وقال «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين» إن الوثائق تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة أوفشور في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.&
وأوضح الاتحاد، ومقره واشنطن، أنه تم تسريب هذه الوثائق من مكتب المحاماة في بنما «موساك فونسيكا». وأضاف على موقعه الالكتروني أن هذه الوثائق حصلت عليها أولًا صحيفة «تسود دويتشه تسايتونغ» الألمانية، قبل أن يتولى الاتحاد نفسه توزيعها على 370 صحافيًا من أكثر من سبعين بلدًا من أجل التحقيق فيها، في عمل مضنٍّ استمر حوالى عام كامل. ولم يوضح الاتحاد كيف تم تهريب هذه الوثائق التي أطلق عليها اسم «أوراق بنما»، إذ إنها سرّبت من شركة محاماة في بنما.&
&
أكبر ضريبة للملاذات الضريبية
تفيد الوثائق أن أشخاصًا مرتبطين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هرّبوا أموالًا تزيد على ملياري دولار بمساعدة من مصارف وشركات وهمية. وكتب الاتحاد على موقعه الالكتروني أن «شركاء لبوتين زوّروا مدفوعات، وغيّروا تواريخ وثائق، وحصلوا على نفوذ لدى وسائل إعلام وشركات صناعة سيارات في روسيا». &
&
وذكرت صحيفة "لا ناسيون" الأرجنتينية، التي شاركت في التحقيق، أن الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري كان عضوًا في مجلس إدارة شركة أوفشور مسجلة في جزر الباهاماس، لكن الحكومة الأرجنتينية أكدت الأحد أن الرئيس «لم يساهم أبدًا في رأس مال هذه الشركة»، بل كان «مديرًا عابرًا» لهذه الشركة. وكشفت الوثائق أيضًا شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي يرفع لواء مكافحة الفساد في بلاده.&
&
وبين أقرباء الرئيس الصيني، الذين وردت أسماؤهم، دينغ جياغي زوج الشقيقة الكبرى لشي. وقال الاتحاد إن دينغ أصبح في العام 2009، عندما كان شي عضوًا في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، الذي يتمتع بنفوذ كبير، مساهمًا في شركتين وهميتين في جزر فيرجن آيلاند البريطانية.&
كما ورد اسم لي تشاولين ابنة رئيس الوزراء الصيني من 1987 إلى 1998 لي بينغ. وقد استفادت من مؤسسة في لشتنشتاين تديرها شركة مسجلة في جزر فيرجن آيلاند البريطانية، عندما كان والدها رئيسًا للحكومة.
أسماء رياضية
ومن بين الشخصيات التي ورد ذكرها في التحقيق، لاعبا كرة القدم ميشال بلاتيني وليونيل ميسي والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، إلى جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي لم يستفق بعد من الفضائح المتتالية التي هزت أعلى هرمه في الأشهر الأخيرة. وفي هذا الإطار، فإن أربعة من الأعضاء الـ16 في الهيئة التنفيذية للفيفا استخدموا، بحسب الوثائق المسرّبة، شركات أوفشور أسسها مكتب «موساك فونسيكا».&
ووردت في هذه الوثائق أيضًا أسماء حوالى عشرين لاعب كرة قدم من الصف الأول، بينهم على وجه الخصوص&لاعبون في فرق برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد، وفي مقدم هؤلاء ليونيل ميسي.&
&
وبحسب «الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين» فإن النجم الأرجنتيني، الحائز مرات عديدة «كرة الفيفا الذهبية»، شريك مع والده في ملكية شركة مقرها في بنما. وورد اسم النجم ووالده للمرة الأولى في وثائق مكتب المحاماة في 13 حزيران (يونيو) 2013، أي غداة توجيه الاتهام إليهما بالتهرب الضريبي في إسبانيا.&
ومن نجوم عالم الكرة الواردة أسماؤهم في الوثائق، برز أيضًا اسم ميشال بلاتيني، الذي استعان بخدمات مكتب المحاماة في 2007، العام الذي تولى فيه رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتأسيس شركة في بنما.&
&
تعليقًا على هذه المعلومات، قال بلاتيني في بيان بثته فرانس برس إن المرجع في هذه القضية هو «إدارة الضرائب في سويسرا، بلد إقامته الضريبية منذ 2007». &
تشمل الوثائق معاملات جرت على مدى أكثر من أربعة عقود (1977- 2005) لشركات تولى تسجيلها مكتب المحاماة البنمي، ومن بينها معاملات أجراها يان دونالد كاميرون، والد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والذي توفي في 2010، وأخرى اجراها موظفون مقربون من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.
&
الأسد ومحيطه وردت أسماؤهم في الوثائق |
استهداف بنما
وأعلنت حكومة بنما أمس أنها "ستتعاون بشكل وثيق" مع القضاء اذا ما تم فتح تحقيق قضائي استنادًا الى الوثائق المسربة. في المقابل، أدان مكتب الخدمات القانونية المتورط عملية التسريب، معتبرًا انها «جريمة» و«هجوم» يستهدف بنما. &
وقال رئيس المكتب ومؤسسه رامون فونسيكا مورا، «هذه جريمة، هذه جناية»، مؤكدًا أن «الخصوصية هي حق اساسي من حقوق الانسان وتتآكل اكثر فأكثر في عالمنا اليوم. كل شخص لديه الحق في الخصوصية سواء أكان زعيمًا أم متسولاً".&
وأضاف فونسيكا (64 عامًا) أن عملية التسريب «هجوم على بنما لأن بعض الدول لا تروق لها مقدرتنا التنافسية العالية على جذب الشركات». وقال إن «هناك طريقتين للنظر إلى العالم، الاولى عبر القدرة التنافسية والثانية عبر فرض ضرائب». تابع: «هناك حرب بين الدول المنفتحة مثل بنما والبلدان التي تفرض ضرائب اكثر فأكثر على شركاتها ومواطنيها».
وقال اتحاد الصحافيين الاستقصائيين إن «الوثائق تثبت أن المصارف ومكاتب المحاماة وأطرافاً أخرى تعمل في الملاذات الضريبية غالبًا ما تنسى واجبها القانوني بالتحقق من أن عملاءها ليسوا متورطين في أعمال إجرامية». وصرح مدير الاتحاد جيرار ريليه لوسائل الإعلام أن «هذه التسريبات ستكون على الارجح أكبر ضربة سددت على الإطلاق إلى الملاذات الضريبية، وذلك بسبب النطاق الواسع للوثائق» التي تم تسريبها. &
ويورغن موساك المؤسس الآخر لمكتب المحاماة نفسه، الذي أنشئ قبل ثلاثين عامًا، ولد في ألمانيا في 1948 قبل أن يهاجر إلى بنما مع عائلته ليدرس الحقوق. وفتح المحاميان مكتبًا في الجزر العذراء البريطانية أولا قبل أن يعودا الى بنما عندما أجبرت الارض البريطانية تحت ضغط دولي، على التخلي عن نظام الاسهم المغفلة.
وابرز الملاذات الضريبية التي سهلت عمليات التهرب من الضرائب لعملائها بطرق غير شرعية، جزر فيرجن البريطانية، وبنما، وجزر الباهاماس، وجزر سيشل في المحيط الهندي، وجزيرة نيوى، وجزر ساموا، وجزيرة أنجيلا البريطانية، وولاية نيفادا الأميركية، وهونغغ كونغ.
&
التعليقات