ما تزال وفاة أسطورة الملاكمة الأميركي محمد علي علي كلاي تثير المزيد من ردود الأفعال في العديد من الأوساط، سواء لدى عشاقه حول العالم، أو أصدقائه الرياضيين الذين عاصروه، أو حتى على مستوى السياسيين الذين رأوا فيه نموذجا للرياضي الحقيقي الخلوق، الذي كافح من أجل قضايا انسانية عادلة طوال حياته.

واشنطن: كان محمد علي كلاي، الذي توفي عن عمر يناهز 74 عامًا، يُعرف بـ"أعظم ملاكم"، وقد احترف رياضة الملاكمة عام 1960، وكان عمره 18 عاما بعد أن أحرز للولايات المتحدة الميدالية الذهبية في دورة روما الأوليمبية، وقد أبهر العالم عندما فاز باللقب العالمي للوزن الثقيل وعمره 22 عاما، بعد أن هزم "سوني ليستون" عام 1964، ثم أصبح بعدها أول ملاكم يحتفظ بلقب بطل الوزن الثقيل ثلاث مرات، وهو حاصل على لقب "رياضي القرن"، الذي تمنحه مجلة "سبورتس" الأمريكية، وعلى لقب "شخصية القرن الرياضية" من بي بي سي.

في عام 1967 وفي أوج انتصارات "كلاي" في دنيا الملاكمة، سحبت السلطات الأمريكية لقب البطولة منه وذلك بسبب رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية ضمن القوات الأميركية في حرب فيتنام بسبب اعتراضه على تلك الحرب، لكنه عاد للملاكمة مرة أخرى عام 1970 في مباراة وصفت بأنها مباراة القرن، ضد "فريزر"، وكانت مباراة من 3 مباريات متفرقة فاز محمد علي باثنتين منها، وفي عام 1974 هزم محمد علي الملاكم القوي "فورمان" ليستعيد بذلك عرش الملاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم بأسره.

احترام العالم

وبعيدا عن تميزه كبطل في رياضة الملاكمة فإن محمد علي كلاي حاز احترام العالم بسبب دفاعه الدائم عن حقوق الإنسان وحسن أخلاقه، وقد وصفه العديد ممن نعوه بعد وفاته بأنه كان بطلا داخل الحلبة وخارجها، وقد عرف بأنه يخلص لمبادئه ويعبر عن نفسه بصدق وبساطة وهو ما جعله في أوج شعبيته في العالم حتى وفاته .

وعكس رفض محمد علي كلاي المشاركة في الحرب الأمريكية في فيتنام، تمسكه بمبادئ إنسانية عبر عنها بعد ان اشتدت الحملة ضده في الولايات المتحدة ، ومن بين تصريحاته التي عكست موقفه في ذلك الوقت قوله "ضميري لن يسمح لي أن أطلق النار على أخ لي، أو أناس أكثر سمرة، أو بعض الفقراء الجوعى في الوحل من أجل أميركا القوية الكبرى"، وقد تحولت كلمات كلاي إلى صوت للعديد من الأميركيين الذين كانوا يرفضون تلك الحرب في ذلك الوقت ومع انخراط محمد علي كلاي في منظمة أمة الإسلام بزعامة مالكوم إكس، تحول إلى ضمير للسود الأميركيين وصوتا للأمل وإمكانية تحقيق مستقبل أفضل لهم.

ويرسم رثاء أبطال رياضيين وقادة سياسيين لمحمد علي كلاي، صورة لذلك البطل الذي كان نموذجا في الحياة العامة في دفاعه عن قيمه ومبادئه وعن قضايا الحرية، وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن محمد علي أكبر بكثير من مجرد ملاكم أسطوري، فقد كان بطل العالم من أجل المساواة والسلام، مع خليط لا يضاهى من المبدأ والجاذبية وخفة الظل والرقي، مشيرا إلى أنه حارب من أجل عالم أفضل واستخدم مكانته للمساعدة في رفع الإنسانية.

القدوة

أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فقد نعى كلاي في تغريدة على تويتر قائلا: "محمد علي لم يكن بطلا في الحلبة فقط، بل كان بطلا للحقوق المدنية وقدوة للكثيرين"، وغرد باراك أوباما قائلا: "محمد علي كلاي قاتَلَ من أجل الحق ليس داخل الحلبة وحسب، بل خارجها أيضا.&

وعلى المستوى الرياضي غرد جورج فورمان، بطل العالم السابق في الوزن الثقيل، الذي هزمه محمد علي في أشهر مباراة في التاريخ: "علي وفريزر وفورمان، كنا نحن الثلاثة واحدا، جزء مني رحل، والواقع أنه الجزء الأكبر".
&