إيلاف من لندن: يعتبر مخيم البقعة في شمال العاصمة الأردنية أحد أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن. وهو يقع على الطريق الدولي الواصل بين عمّان وإربد وصولاً إلى سوريا، وكان أقيم العام 1968، غداة حرب يونيو 1976 لاستيعاب النازحين من الضفة الغربية.&

ويبلغ عدد سكان هذا المخيم الذي كان أقيم على أخصب منطقة زراعية في الأردن، والتي كانت تنتج ما يعادل ربع سلة الغذاء الأردني آنذاك، حوالي ربع مليون نسمة، ليشكل أكثر المناطق السكانية كثافة واكتظاظًا في الأردن، ويتبع هذا المخيم إدارياً لبلدية عين الباشا التابعة لمحافظة البلقاء في وسط المملكة الهاشمية.

يتشكل المخيم من ما نسبته 100 % من المسلمين (السنة)، وهم متمسكون جدًا بالتقاليد الإسلامية وتنتشر جماعات إسلامية تعمل علانية في المخيم، من أهمها جماعة الإخوان المسلمين، وحزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب التحرير، وجماعة التبليغ، والسلفيون، وبعض الجماعات والأحزاب الأخرى.&

كما يضم المخيم أنصاراً وأعضاء بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية (فتح) والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وفصائل منضوية تحت لواء المقاومة مثل القيادة العامة وجبهة التحرير الفلسطينية.

منظمة العدل

ومخيم البقعة مثله مثل المخيمات في الأردن ولبنان، كان تقرير صادر عن منظمة العدل والتنمية لحقوق الانسان حول "التنظيمات التكفيرية بالشرق الاوسط"، اشار إلى أن عناصر السلفية الجهادية التي ترتبط بتنظيم القاعدة تنتشر في مخيمات الزرقاء والبقعة وجرش وحطين ومادبا، في ظل توافر البيئة الاجتماعية والاقتصادية الحاضنة لأفكار السلفية الجهادية داخلها، ما ينذر بانفجار فعلي داخل المخيمات الفلسطينية لتكون نواة لدولة داعش بالاردن"، كما تكلم التقرير.&

مقال أبو طير

وكان كاتب أردني معروف هو ماهر أبو طير كتب مقالاً في وقت سابق، حذر فيه من تغلغل جماعات سلفية في مخيم البقعة، وقال إنه زار المخيم، حيث لاحظ في أزقته عشرات الشباب الملتحين ممن يلبسون الملابس السوداء والثياب الأفغانية، يتجولون في أزقة المخيم، وإذ أسأل عنهم يقال إن هؤلاء شباب القاعدة في المخيم، وتحت اسم آخر هو "السلفيون الجهاديون".

وقال أبو طير إن أعداد السلفيين الجهاديين في المخيم تزداد يوماً بعد يوم، والمخيم ذاته يتوزع على شكل كوتات، ما بين القاعدة والإخوان المسلمين وانصار فتح واتجاهات أخرى خارج التنظيمات توالي الدولة.

ويتابع الكاتب الأردني: "رؤية شباب القاعدة في المخيم اخذتني الى أبي سياف في معان، وهو احد زعماء السلفيين الجهاديين، في الأردن الذي قال إن عدد السلفيين الجهاديين في الاردن وصل الى خمسة آلاف عضو، وهم يتواجدون تحديدًا في الزرقاء والسلط ومعان ومخيم البقعة، ومناطق أخرى".

دراسة الشيشاني

وعلى هذا الصعيد، كانت دراسة للباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية مراد بطل الشيشاني،&تحدثت عن أماكن توزع وانتشار المجاهدين الأردنيين في الأردن، وبينت الدراسة، التي كان خص الكاتب بها، "عربي 21 "، الأسباب التي أدت إلى بروز هذه التيارات المتشددة في المجتمع الأردني.

واعتمد الباحث على تحليل خلفيات 85 سجيناً سلفيًا في الأردن محكومين في قضايا متنوعة منذ بداية التسعينيات.&

وكشفت الدراسة نسب أماكن توزع المجاهدين المحكومين جغرافيًا في المملكة الأردنية الهاشيمة، وجاءت على النحو التالي: عمان الشرقية (اسم شعبي يطلق على مناطق عمان الفقيرة)، احتلت النسبة الأكبر 32 % بينما احتلت عمان الغربية (اسم شعبي يطلق على مناطق عمان الغنية) نسبة 27%، أما بالنسبة لمدينة الزرقاء (شرق العاصمة)، وهي مدينة أبي مصعب الزرقاوي، جاءت نسبة تواجد المجاهدين فيها 18%، تلتها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بنسبة 16% وأخيرًا باقي المحافظات بنسبة 7%.

أصول الجهاديين&

وأظهرت الدراسة تقسيم الجهاديين المحكومين حسب أصولهم، وبينت أن 65 %من الـ85 محكوماً هم من أصول فلسطينية، بينما 35% هم من أصول أردنية، وبيّن الباحث أن عدد القضايا المرتبطة بالتيار السلفي الجهادي ارتفعت بالأردن مقارنة مع الأعوام الماضية.

وتظهر الدراسة أن التيار السلفي الجهادي الأردني ارتبط في منتصف التسعينيات بمدن أردينة كالرزقاء والسلط ومعان، إلا أن الغالبية كانوا من أصول فلسطينية، ومع ذلك تبين الدراسة أن أعدادًا كبيرة من السلفيين الجهاديين وشخصيات قيادية انحدروا من أصول أردنية، مما شكل سلاحًا ذا حدين للدولة، من حيث التهديد الأمني لشريحة جغرافية، دومًا حسبت على النظام الأردني، وبالجانب الآخر ساهمت هذه الشخصيات في الوساطة بين الطرفين للتخفيف من حدة الصراع.

مدينة الزرقاء

ويقول الباحث الشيشاني إن "مدينة الزرقاء حافظت دوماً على كونها المستودع الأساسي للتيار السلفي الجهادي الأردني، بينما كانت مدينة السلط موئلاً قويًا للتيار، إلا أن حرب العراق عام 2003 فرضت واقعًا جغرافيًا أساسيًا بتوجيه الأنظار إلى شمال المملكة وتحديدًا مدينة إربد، التي كانت مدخلاً إلى سوريا، هذا الواقع الجغرافي تعمق مع الأزمة السورية فتزايدت القضايا المتعلقة في مدينة إربد".

ويتابع الشيشاني إن " تطورًا جديدًا حصل لدى السلفيين الجهاديين إذ لوحظ تزايد نفوذهم في المخيمات الفلسطينية منذ سنوات، وعلى ما يبدو أن هذا النشاط ظهر بعد تراجع دور المنظمات الفلسطينية ونفوذها هنالك، ومن هذه المخيمات البقعة ومخيم اربد وغيرهما".
&