حلب: شنت فصائل من المعارضة السورية هجوما واسعا ضد مواقع سيطرة قوات النظام في مدينة حلب في شمال سوريا، ردا على اغلاق هذه القوات الطريق الوحيد المؤدي الى الاحياء الشرقية ما تسبب بازمة مواد غذائية واساسية.

وترافق الهجوم مع اطلاق عشرات القذائف على الاحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام ما اسفر، وفق التلفزيون الرسمي السوري، عن سقوط "ثمانية شهداء واكثر من 80 جريحا"، بينما قتل ثلاثة مدنيين في الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

في شمال غرب البلاد، قتل 17 مدنيا في قصف جوي طال مناطق عدة في محافظة ادلب، بحسب المرصد. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "شنت الفصائل المعارضة هجوما واسعا على اربعة محاور ضد نقاط التماس مع النظام داخل مدينة حلب".

ودارت صباح الاثنين، وفق مراسل لفرانس برس في الاحياء الشرقية، اشتباكات عنيفة داخل المدينة لا سيما في منطقة حلب القديمة التي تتقاسم قوات النظام والفصائل المعارضة السيطرة عليها.

وشملت المعارك، وفق المرصد، منطقتي سيف الدولة وبستان القصر، وهما خطا تماس في الجزء الجنوبي من المدينة. وافاد المرصد ان الفصائل اطلقت "منذ فجر اليوم حوالى 300 قذيفة على الاحياء الغربية، وبينها السريان والميريديان والمشارقة وغيرها".

وقال احمد، احد سكان حي السريان بعدما تعرض منزله للقصف ولم يعد صالحا للسكن، لفرانس برس "انهالت القذائف على الاحياء الغربية منذ الساعة الرابعة والنصف فجر الاثنين". ووصف الوضع بـ"المحزن".

وتجمع اهالي حي السريان في منطقة الدمار يرفعون الانقاض ويساعدون سكان المباني المتضررة على جمع اغراضهم والبحث عن مكان آخر يلجأون اليه، وفق احمد. واظهرت صور التقطها مراسل فرانس برس شارعا في حي السريان وقد ملأه الحطام، وعلى جانبيه سيارات مدمرة او محترقة بالكامل.

ولم تحقق الفصائل اي خرق، وفق عبد الرحمن الذي اشار الى ان ذلك "يعود بشكل خاص الى القصف الجوي لقوات النظام على مناطق الاشتباك" وعلى احياء اخرى في الجهة الشرقية.

وتعرضت المدينة القديمة لدمار كبير نتيجة المعارك طال اسواقها المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، فضلا عن تجمعات سكنية تعود الى سبعة آلاف عام. وتتقاسم قوات النظام والفصائل السيطرة على احياء مدينة حلب منذ 2012.

وجاءت التطورات العسكرية بعد اعلان الجيش السوري السبت "تمديد مفعول نظام التهدئة لمدة 72 ساعة في سوريا"، الا ان الهدنة لم تسر على منطقة حلب. واوضح عبد الرحمن ان هجوم الاثنين يأتي "ردا على تقدم قوات النظام شمال مدينة حلب باتجاه طريق الكاستيلو"، المنفذ الوحيد المتبقي للاحياء الشرقية.

لا خضار ولا محروقات

واكد محمود أبو مالك من المكتب الاعلامي لحركة نور الدين الزنكي المقاتلة المعارضة في حلب ان "كتائب الثوار استخدمت في هجومها على وسط مدينة حلب كافة انواع المدفعية الثقيلة والرشاشات"، مشيرا الى ان الهدف من الهجوم "تخفيف الضغط عن جبهة الملاح وحندرات"، في اشارة الى المعارك الدائرة في منطقة الكاستيلو.

واغلقت قوات النظام الخميس طريق الكاستيلو بعدما تمكنت من السيطرة عليه ناريا وواصلت التقدم باتجاهه لتصبح حاليا على بعد حوالى 500 متر منه. وطريق الكاستيلو هو طريق الامداد الوحيد للاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وهو يربط هذه الاحياء بريف حلب الغربي ومحافظة ادلب وصولا الى تركيا.

وبدات ازمة النقص في المواد الغذائية تتفاقم. واظهرت صور التقطها مراسل فرانس برس اسواقا فارغة بمعظمها من المواد الغذائية والخضار. ويعيش نحو مئتي الف شخص في احياء حلب الشرقية. وتسعة قوات النظام الى تطبيق حصار كامل عليها.

واشار مراسل فرانس برس في الاحياء الشرقية الى نقص ايضا في المحروقات، البنزين والمازوت والغاز للاستخدام المنزلي. وقال احد السكان بلال طرقجي "ذهبت اليوم لتعبئة دراجتي النارية بالبنزين ولم اجد، بحثت كثيراً دون جدوى". 

وكان عدد كبير من السكان سارعوا مع بدء المعارك الى شراء المواد التموينية بكثرة، لذلك فرغت الاسواق من المنتجات. كذلك، فرغت الشوارع من المواطنين الذي فضلوا البقاء في منازلهم تفاديا للقصف. 

وقال بائع الخضار ابو محمد وهو يجر عربة عليها كميات قليلة من الباذنجان والكوسى والبصل في حي بستان القصر، لفرانس برس "الخضار قليلة اليوم لأن طريق الكاستيلو مقطوع"، مشيرا الى ان الخضار المتوافرة "تزرع حولنا داخل المدينة. لولا ذلك (...) لما رأينا الخضار ابداً".

قتلى في ادلب

على جبهة اخرى، افاد المرصد السوري عن مقتل "14 مدنيا، بينهم طفل، في قصف جوي طال سوقا في بلدة ترمانين وآخر يقع الى الشمال منها" في ريف ادلب الشمالي. الى ذلك اسفر قصف جوي عن مقتل ثلاثة مدنيين آخرين، بينهم طفل، في بلدة احسم في ريف ادلب الجنوبي. 

ولم يتمكن المرصد من تحديد ما اذا كان الطائرات التي شنت الغارات سورية او روسية. وتستهدف غارات لطائرات حربية روسية وسورية غالبا مناطق مختلفة في محافظة ادلب الواقعة تحت سيطرة "جيش الفتح"، وهو تحالف لفصائل اسلامية على رأسها جبهة النصرة.