إرتياح عام للقرار الروسي بالانسحاب من سوريا

إيلاف:&فيما تستمر القوات الروسية في مغادرة قواعدها السورية عائدة إلى بلادها، نفى الكرملين أن يكون قرار سحبها ممارسة للضغط على رئيس النظام السوري بشار الأسد، مؤكدًا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يناقش هذا القرار مع نظرائه الدوليين.

&

قال دميتري بيسكوف، الناطق الصحافي باسم بوتين، إن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يشير إلى عدم ارتياح موسكو لموقف الأسد. وأضاف لقناة "روسيا اليوم": "إنه قرار اتخذه الرئيس الروسي والقائد العام للقوات المسلحة الروسية، اعتمادًا على نتائج عمل القوات الروسية في سوريا".

&

وأوضح أن بوتين أخذ تلك النتائج في الاعتبار، وتوصل إلى استنتاج مفاده أنه تم تحقيق المهمات الأساسية المطروحة في سوريا. تابع بيسكوف: "لم يكن هذا الموضوع مطروحًا في خلال المحادثات مع الزعماء الأجانب، بل هو قرار اتخذه الرئيس وحده"، مؤكدًا أن قسمًا من العسكريين الروس سيبقون في قاعدتي حميميم وطرطوس، لكنه نصح الصحافيين بالتوجه إلى وزارة الدفاع الروسية بأسئلتهم المتعلقة بمستقبل برنامج المستشارين العسكريين الروس في سوريا ومنظومة "إس400" في قاعدة حميميم الجوية.

&

أثار هذا القرار الروسي ردود فعل عديدة، فقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأربعاء إن الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سوريا خطوة إيجابية للغاية، ويأمل أن يجبر هذا الرئيس السوري بشار الأسد على تقديم التنازلات.

&

تابع الجبير: "المملكة تأمل في أن يسهم الانسحاب الروسي في تسريع وتيرة العملية السياسية التي تستند إلى إعلان جنيف-1، وأن يجبر نظام الأسد على تقديم التنازلات اللازمة لتحقيق الانتقال السياسي".

&

وكان الجبير توقع في مقابلة مع "سي إن إن" في 13 شباط (فبراير) الماضي حصول هذا الانسحاب، إذ قال إن روسيا لن تتمكن من إنقاذ الأسد الضعيف الذي انتهى أمره.&

&

وأضاف بعد ثلاثة أشهر من الدعم الروسي: "بشار الأسد ضعيف، وأعتقد أنه انتهى، وليس له مكان في مستقبل سوريا، بشار الأسد قتل شعبه، رجالًا ونساءً وأطفالًا، ولم يستطع جيشه إنقاذه، لذلك لجأ إلى إيران لدعمه، والذين أرسلوا بدورهم قوات القدس لمساعدته والحرس الثوري، لكن هم أيضًا لم يستطيعوا إنقاذه، وعليه قامت إيران والأسد بجذب حزب الله والميليشيات الشيعية من العراق وباكستان وأفغانستان، وأيضًا كل هؤلاء لم يستطيعوا إنقاذه".

&

قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن إعلان روسيا يُشير إلى أنها لا ترى حاجة وشيكة إلى اللجوء إلى القوة للحفاظ على وقف إطلاق النار، "وهذا في حد ذاته إشارة إيجابية، وعلينا الآن أن ننتظر ونرى".

&

كما قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، ووزير الخارجية الإيراني السابق: "القرار الروسي لن يغيّر في التعاون الشامل بين إيران وروسيا وسوريا وسائر الحلفاء، كحزب الله، فإيران وسوريا في جبهة واحدة منذ انتصار الثورة الإسلامية، وعلاقتهما تتأصل يومًا بعد الآخر، وآثارها مشهودة في كل المنطقة"، على حد قوله.

&

أضاف ولايتي: "نظرًا إلى التقدم الذي أحرزه الجيش السوري في جبهات القتال ضد المجموعات الإرهابية وتطبيق وقف الأعمال العدائية وبدء محادثات جنيف، نستطيع القول إن سوريا وحلفاءها، ومن بينهم إيران وروسيا، هم أصحاب الكفة العليا، ونحن متفائلون حيال المستقبل"، على حد قوله.

&

وقال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إن الانسحاب الروسي من سوريا يأتي في إطار خطة مسبقة، وشدد على أن الجيش السوري سيواصل حربه على الإرهاب بالتعاون مع مستشارين إيرانيين وروس، "والتقدم الذي يحرزه الجيش السوري في المناطق التي يسيطر عليها داعش يأتي نتيجة التعاون المشترك للمستشارين الإيرانيين والروس".

&

لقي القرار الروسي اهتمامًا واسعًا من وسائل الإعلام الإسرائيلية، فأشار موشيه مرزوق، محلل صحيفة "معاريف" للشؤون الأمنية، إلى أن الانسحاب الروسي جاء في إطار صفقة أوسع تضم لاعبين إقليميين ودوليين، بينهم تركيا والسعودية ودول غربية، حيث اتضح لبوتين أن تحقيق انتصار عسكري ليس كافيًا، ويجب أن يكون مدعومًا باتفاق سياسي، ويحتاج مساعدة باقي الأطراف المتورطة في الحرب السورية.

&

لفت مرزوق إلى أن بين أسباب الانسحاب الروسي الضرر الكبير الذي لحق بالاقتصاد الروسي، بسبب تدخلها في سوريا، وهو الضرر الذي بدأ منذ التورط العسكري في أوكرانيا، حيث تراجعت قيمة الروبل، وتآكلت المعاشات التقاعدية والرواتب بشكل حاد، ويأمل بوتين في أن يؤدي الانسحاب إلى تحسين الوضع الاقتصادي.

&

استعرض أنشيل بيفر، المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ثلاث نظريات لأسباب الانسحاب الروسي: أولها ما تردد من أن إسقاط مقاتلة حربية سورية بصاروخ محمول على الكتف أثار فرضية أن السعودية أرسلت شحنة كبيرة من هذه الصواريخ عبر تركيا إلى المعارضة المسلحة، وأن الروس باتوا يخشون الآن على حياة طياريهم؛ وثانيها هي أن الروس توصلوا إلى اتفاق سري مع السعودية لرفع سعر النفط لإنعاش الاقتصاد الروسي المتهاوي؛ وثالثها هي أن الروس محبطون من القدرات العسكرية الضعيفة للتحالف الشيعي الداعم لنظام بشار الأسد. وهذه النظريات أكثر قبولًا من استنتاج أن بوتين حقق أهدافه في سوريا، فكل يوم إضافي في سوريا يكلف الكرملين ملايين الدولارات، ويزيد من خطر عودة توابيت أخرى إلى روسيا.

&

أمل الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، في أن يساهم انسحاب القوات الروسية الرئيسة من سوريا في توفير الأجواء الملائمة لإنجاح مسار المفاوضات التي انطلقت أعمالها الثلاثاء في جنيف بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريتين.

&

واعتبر العربي أن الإعلان الروسي جاء في توقيت مناسب، "ويمثل خطوة إيجابية مهمة باتجاه تعزيز الجهود المبذولة من قبل مجموعة الدعم الدولية الخاصة بسوريا لإنجاح مسار مفاوضات جنيف الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة، وتثبيت الهدنة القائمة ووقف الأعمال القتالية".

&

وأكد العربي دعم الجامعة للجهود التي يبذلها ستيفان دي مستورا، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة من أجل ردم الهوة بين المواقف المتباينة لوفدي المعارضة والحكومة السوريين، وذلك استنادًا إلى البيان الختامي لجنيف-1 في عام 2012 وبيانات مجموعة الدعم الدولية في فيينا".

&

ودعا العربي الأطراف السورية إلى التحلي بالحكمة والمرونة وتغليب المصالح العليا للشعب السوري، ليمكن التوصل إلى اتفاق نهائي حول خطوات المرحلة الانتقالية التي تحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والتغيير، ويحفظ وحدة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية.

​