واشنطن: قال مايك فلين، المدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية الاميركية، ومستشار دونالد ترامب لشؤون السياسة الخارجية منذ عام 2015، إن العالم اساء فهم ترامب فهو يريد أن يعيد النظر بالدور المتوقع من الولايات المتحدة كقوة قيادية عالمية وبالمعاهدات والمواثيق التي تعمل في اطارها، للتأكد من انها ما زالت صالحة في القرن الحادي والعشرين.&

وأضاف: "ولكن هذا لا يعني أن حلف الأطلسي سيختفي ما ان يتولى الرئيس ترامب مهام منصبه" في البيت الأبيض، مفترضاً فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. وأشار فلين إلى أنّ ترامب سيعيد النظر بحلف الأطلسي من كل ناحية بما في ذلك الموارد والقدرات.&
&
ولاحظ فلين (57 عامًا) أن حلف الأطلسي أُنشئ بعد الحرب العالمية الثانية، ومر على تأسيسه أكثر من 55 سنة، ومن هنا ضرورة اعادة النظر فيه، لا سيما من ناحية تمويل نشاطاته وعملياته.&

وقال فلين إن على الولايات المتحدة ان تنظر في كلفة توفير الموارد للجيش الاميركي في انحاء العالم من أين تأتي هذه التكاليف وكيف تُغطى؟ وساق مستشار ترامب مثالاً على ذلك بالقول "إن الصين تحصل على أكثر من 40 في المئة من نفطها من الشرق الأوسط عن طريق الخليج، ولكن هل رأيتم ذات حاملة طائرات صينية تتمركز في مياه الخليج؟ فمنذ 40 عامًا على الأقل تتولى الولايات المتحدة ضمان امدادات الطاقة الصينية".&

مساعدات لكوريا الشمالية

وأضاف ان الولايات المتحدة تمول 99 في المئة من بلدان العالم، بل "نحن نقدم حتى مساعدات انسانية إلى كوريا الشمالية، نعطيهم اغذية، الله يعلم ماذا يفعلون بها، لعلهم يغذون بها اللصوص في مقر القيادة". وبالتالي، فإن الأمر ليس علاقة الولايات المتحدة بحلف الأطلسي وانما "احتياجات المضي قدمًا في القرن الحادي والعشرين ومن سيغطي التكاليف".&

ودافع فلين عن تهجمات ترامب الجارحة على المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بسبب سياستها تجاه اللاجئين، وقال في حديث مع مجلة شبيغل الالمانية "انها إذا شعرت بالاساءة فليكن"، واصفاً قراراتها في التعامل مع ازمة اللاجئين بأنها "قرارات هزيلة إلى أقصى الحدود".&

وتساءل مستشار ترامب قائلاً "لماذا يتدفق هؤلاء الأشخاص على جمال اوروبا وقوتها وعلى الولايات المتحدة ولا يتدفقون على عواصم بلدانهم أو عواصم العالم الاسلامي؟"، وقال "علينا ان نعيد هؤلاء الأشخاص إلى القوارب ونعيدهم من حيث أتوا ونقول لزعماء العالم العربي "إن مسؤولية تقع على عاتقكم ايضًا". فأنا لا اعتقد ان اوروبا تعاملت بالطريقة التي كان عليها ان تتعامل بها، واعتقد ان هذا ما كان يستهدفه رد فعل ترامب".&

اعجابه ببوتين وصدام حسين

وتطرق فلين إلى اعجاب ترامب بزعماء مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصدام حسين، الذي قال عنه مؤخرًا انه كان يجيد اصطياد الارهابيين. وقال في هذا الشأن "إن بوتين شخص غيور على روسيا وعلى الاتحاد الروسي، وهو يفهم تاريخ بلده، ولا تستطيع ان تقول "انت لا تعجبني"، بل عليك ان تحترمه فهو زعيم من زعماء العالم، ونعم انه سيكون شريكاً موثوقاً للولايات المتحدة في قضايا معينة".&

وأكد مستشار ترامب للسياسة الخارجية ان المرشح الجمهوري المفترض "ليس مغفلاً بل يرى العالم عالماً متعولماً... وهو لا يحتاج إلى دروس في تاريخ العالم ولكن من المهم جدًا ان نفهم تاريخ اوروبا وتاريخ افريقيا وتاريخ الشرق الأوسط، وما هي الاتجاهات التي نتوقعها خلال السنوات القليلة المقبلة، خلال العشر إلى خمسين سنة من الآن؟ هل ستكون هناك حرب كبرى أخرى؟ هل ستكون هناك حرب بين الصين والولايات المتحدة؟".

وعن أهمية السياسة الخارجية في برنامج ترامب، قال فلين "إن اولويته الأولى هي الاقتصاد الاميركي، ولكني اعتقد أن السياسة الخارجية والأمن القومي في القمة، ضمن بندين أو ثلاثة بنود. وتتمحور السياسة الخارجية حول الأمن القومي، وهي بالتأكيد ليست سياسة غير تدخلية، وبالتأكيد ليست سياسة انعزالية... بل تتمحور حول الأمن القومي للولايات المتحدة".&

وأكد فلين أن ترامب محق في دعوة الدول الأخرى إلى الاهتمام بمشاكلها، قائلاً "إن الولايات المتحدة يجب ألا يكون مطلوباً منها أن تتدخل في كل مشكلة حول العالم، وأن الناخبين في هذا البلد يتعاطون بطريقة كبيرة، واسعة مع ترامب، فهم محبَطون بالقرارات السيئة لكل من جورج بوش وباراك اوباما. انظروا إلى الفوضى التي نحن فيها".&

وأوضح فلين انه يقصد بذلك "ثلاثة قرارات غبية إلى حد لا يُصدق، الأول هو غزو العراق. إذ قالوا إن هناك اسلحة نووية ولكننا في الحقيقة كنا نرد على هجمات 11 سبتمبر، وفجأة طلع أحد ما يقول اننا نستطيع ان نستخدم ذلك ذريعة".&

قرار غبي

واضاف "ان قرار اوباما بالانسحاب من العراق... كان قراراً غبياً آخر يستند إلى السياسة وليس إلى أي مفهوم للأمن القومي. وهو كابوس لأمننا القومي. ثم هناك التدخل في ليبيا"، واصفاً قرار التدخل في ليبيا بأنه "أكثر من غبي فهو قرار لا مسؤول وخطير ليس على أمننا القومي بل وبصراحة على أمن اوروبا القومي لأنك تنظر من أين يأتي الكثير من هؤلاء اللاجئين وإذا بهم ينطلقون من مصراتة وطرابلس". وقال فلين إن ترامب سيتجنب مثل "هذه القرارات الغبية".&

وأشار فلين إلى أنّ ترامب سينهي دعوات المحافظين المطالبة بتصدير الديمقراطية وحقوق الانسان على الطريقة الاميركية، إذا فاز بالرئاسة، وقال إن الولايات المتحدة تصرفت وفق تأويل خاطئ لتطبيق الديمقراطية في انحاء العالم.&

وكان كثيرون في انحاء العالم نظروا إلى ترامب بعدما قاله عن المسلمين على انه سياسي عنصري وعدو للحرية الدينية. واعترف فلين بأن "الصياغة جاءت خاطئة، وأنا ما كنتُ سأقولها كما قالها هو ولكني لن احاول ان أكون مصيباً من الناحية السياسية ايضاً. إذ يجب ان يكون هناك منع على الأفراد الذين يعتنقون مفهوم الاسلاموية المتطرفة".&

وفي ختام حديث مايك فلين لمجلة شبيغل، قال مستشار ترامب للسياسة الخارجية إن المرشح الجمهوري المفترض مستمع جيد يتقبل النقد ولا يُوحي للمقابل بأنه شخص يعتقد انه يعرف كل شيء بل قال له ذات مرة إن عليه أن يتعلم الكثير. كما ان لديه قدرة كبيرة على التكيّف مع التحديات الكبيرة، وان هذه صفات تؤهل ترامب للرئاسة لا سيما وانه ادرك ان عليه ان يقارع مؤسسة الحكم وأن ملايين الاميركيين لا يشعرون ان "هذه الطغمة في واشنطن" تمثلهم بل سأموا الهراء الذي يسمعونه منذ سنوات ويريدون الحقيقة وأن يصدقوا ما يقوله زعماؤهم، وترامب مثل هذا الزعيم، على حد تعبير فلين.

أعدت "إيلاف" التقرير عن مجلة شبيغل على الرابط أدناه:

http://www.spiegel.de/international/world/spiegel-interview-a-1103192.html