إيلاف من الرياض: قال مختصون وعاملون بمعاهد التدريب الأهلية، إن منصات التدريب الالكتروني اقتطعت جزءًا كبيرًا من سوق التدريب بالسعودية نظرًا لما توفره من دورات تدريبية بعضها مجانيّ وبعضها بأسعار زهيدة، تُغطي مواضيع ومجالات مُختلفة، وهو ما يهدد بقاء معاهد التدريب الأهلية، وذلك على خلفية تعرضها لخسائر مالية لعدم عدالة المنافسة، حيث تتحمل المعاهد نفقات مالية كبيرة مقارنة بهذه المنصات.

وتعتبر السعودية سوقاً مزدهرة للدورات، حيث يحرص كثير من السعوديين على تحسين أدائهم ، عبر حضور دورات في شتى المجالات، ويمكن ملاحظة الطفرة في انتشار المراكز التدريبية عبر كمّ الإعلانات والدورات التي تطرح في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وفيما يبلغ حجم سوق التدريب بالسعودية نحو 10 مليارات ريـال سنوياً، يوجد بالسعودية نحو 936 منشأة تدريبية مرخصة تقدم دورات في مجالات مهنية واقتصادية وتنموية وتطويرية، وفقا لإحصائيات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، الجهة الحكومية المسؤولة عن تنظيم التدريب.

استقطاب الشباب

محمود يسلم، مدير معهد للتدريب، أوضح أن منصات التدريب الالكتروني &باتت تستقطب الكثير من راغبي التدريب، لاسيما الشباب الذين يمثلون 70% &من الشريحة العمرية بالسعودية، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" الى أن هذه المنصات توفر موارد تدريبيّة مجانية، بعيدة عن إشراف الجهة المعنية بالتدريب، وتمثل منافسة غير عادلة مع المعاهد التي تتحمل رسوماً إدارية على إقامة كل دورة.&

وتنتشر على الإنترنت منصات للتدريب الذاتي المفتوح للجميع، والتي توفر دورات مجانية ومريحة للراغبين بالتدريب دون تحمل تكاليفه، وتختلف تخصصات منصات التدريب&من موقع لأخر، كما تختلف في طريقة تبويبها وعرضها للمواد&من تنزيل مواد نصية إلكترونية إلى برمجة حصص بث مباشر تفاعلية صوتًا وصورة.

انعدام المنافسة

وقال محمود يسلم، انه لابد من وضع حلول وآليات لضبط عمل هذه المنصات، حيث تتعرض المعاهد التدريبية بسببها &لخسائر مالية بسبب تدني أسعار الدورات،&التي تقدمها هذه المنصات مقارنة بما تقدمه المعاهد الأهلية التي تتحمل أجورًا ونفقات تشغيلية مرتفعة، مبينًا أن هذا الوضع قد يهدد بقاء المعاهد، مما قد يدفعها في حال استمرار الخسائر المالية للخروج من السوق &أو على الأقل استحالة&التوسع في حجم نشاط &التدريب مستقبلاً.

واتفق مازن العتيبي، مشرف تدريب، مع ما ذهب إليه يسلم، مبينًا أن المعاهد الأهلية تتحمل رسوماً مالية وإدارية وتجديد تراخيص وإيجارات مقرات، وهو آمر مكلف جدًا، مبينًا في حديثه لـ "إيلاف" عن انعدام المنافسة العادلة ستكون له انعكاسات سلبية على سوق التدريب بالسعودية، معتبرًا اياها عوامل طرد للمستثمرين في قطاع التدريب للبحث &عن استثمارات بديلة.

وقال العتيبي، انه بالإضافة إلى المنصات الالكترونية ، هناك أيضا دورات مجانية تقيمها جمعيات خيرية وغرف تجارية وأفراد في مجالات مختلفة، مشيرًا الى أن المعاهد الأهلية تقدَر الجهود الطوعية التي تقدمها هذه الجهات في رفع كفاءة العامل السعودي وتعزيز قدرته في سوق العمل، التي تعج بملايين الأجانب، لكن لا بد من عمليات تقنين وتنظيم لهذه الدورات حتى لا تضر بسوق التدريب،&وأن تكون تحت إشراف الجهة المخولة بالترخيص للقطاع الخاص بالتدريب والإشراف عليه وتحديد معاييره الفنية.&

دور المدرب في العملية التدريبية

إلى ذلك، استبعد الدكتور محمد الغروي، المتخصص في تقنيات التعليم، أن تكون منصات التدريب الالكترونية بديلاً عن &معاهد التدريب الأهلية، مشيرًا في حديثه لـ "إيلاف" الى أن المنصات عبارة عن دعامة تكميلية وغالبًا ما تكون الهدف الأخير للمتدربين الذين لديهم صعوبات في الحصول على التدريب في صورته التقليدية بسبب تكاليفه أو بسبب التزامات تعوقهم أو بسبب تواجدهم في مناطق معزولة لاسيما الإناث، مؤكدًا انه لا يمكن بحال من الأحوال إلغاء دور المدرب الذي يعتبر المحرك الرئيس للعملية التدريبية.

و قال الغروي، إن ثقافة التدريب الذاتي لدى الشباب السعودي ما زالت مقيدة، فحتى إن&وجدت منصات تدريب إلكترونية مجانية، مازالت هناك معضلة في استيعاب مميزاته والتدرب عبر تقنياته، مبينًا أن غالبية المتدربين بالسعودية&ما زالوا مؤمنين بأن غياب المدرب يفقد العملية التدريبية مصداقيتها وبريقها، فوقوف المدرب أمام المتدربين أو وجوده معهم خلال المناقشات الحية يؤثر &في نفسيات المتدربين من خلال أسلوبه وطريقة تعامله مع المواقف المختلفة، والتي تنعكس في ما بعد على أدائه وعمله مستقبلاً.