أسامة مهدي: دعت منظمة دولية تعنى بحقوق الانسان اليوم كلا من واشنطن وبغداد الى منع المليشيات الشيعية المتهمة بارتكاب جرائم قتل واختطاف ضد مواطني المناطق المحررة من داعش من المشاركة في معركة تحرير الموصل وتقديم مرتكبي الانتهاكات منها الى العدالة.

وطالبت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية المعنية بحقوق الانسان قادة الجيش العراقي بمنع الميليشيات التي لها سجلات انتهاكات خطيرة من المشاركة في العمليات العسكرية المخطط لها في مدينة الموصل.

ودعت الحكومة الى الالتزام باتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين وضمان احترام قوانين الحرب ومنع هذه المجموعات من المشاركة في حملة الموصل أمرا ضروريا.

واشارت رايتس ووتش في تقرير موسع الاحد تابعته "إيلاف" الى ان هذه الميليشيات المنتهِكة تشمل مكونات من "قوات الحشد الشعبي" ذات الأغلبية الشيعية، مثل "فيلق بدر" و"كتائب حزب الله" وغيرهما من الجماعات، &مؤكدة انها وثقت عمليات إعدام سريع بلا محاكمة وحالات الإخفاء القسري والتعذيب وتدمير المنازل من قبل هاتين المجموعتين وغيرهما من الجماعات التابعة للحكومة، خلال العمليات الأخيرة لاستعادة الأراضي من تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف أيضا بـ "داعش". وحيث لم تكن هناك أي عواقب واضحة لهذه الانتهاكات.

الحكومة لم تعاقب المليشيات التي ارتكبت انتهاكات

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة "ارتكبت الميليشيات التي تشكل جزءا من الحشد الشعبي مرارا انتهاكات مروعة كانت واسعة النطاق في بعض الحالات، آخرها في الفلوجة ولم تكن هناك عواقب، رغم وعود الحكومة بالتحقيق وذلك فأن على قادة العراق تجنيب المدنيين في الموصل الأذى الخطير من قبل الميليشيات التي سُجلت انتهاكاتها حديثا".

وقد سيطر تنظيم داعش على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، في يونيو عام 2014 فيما يعتقد أن مئات آلاف المدنيين لا يزالون في المدينة. وقد شنت قوات الجيش العراقي منتصف مارس 2016 بالتعاون مع قوات "البيشمركة" من كردستان العراق هجوما بريا على بلدة مخمور بمحافظة أربيل &ووصلت إلى مدينة القيارة وقاعدتها الجوية التي تبعد 70 كم جنوب الموصل، بحلول منتصف يوليو ما أثار هذا احتمال هجوم وشيك على مدينة الموصل.

وقال مسؤولون في الحشد الشعبي إن قواتهم ستكون في طليعة الحملة ضد داعش في الموصل فيما أصرّت قوات البيشمركة الكردية، المسؤولة عن اعتداءات على المدنيين على المشاركة أيضا. وقال هادي العامري زعيم فيلق بدر ونائب قائد الحشد الشعبي في 25 من الشهرالماضي "إنّ الحشد الشعبيّ سيشارك في معركة تحرير الموصل رغم أنف السياسيّين المعارضين لذلك".

المليشيات اعدمت العشرات بدون محاكمات

واضافت منظمة هيومان رايتس ووتش ان رئيس الوزراء حيدر العبادي والعامري، والمتحدث باسم قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، العقيد بالجيش الأميركي ستيف وارن قالوا في مايو الماضي قبل حملة استعادة السيطرة على الفلوجة إن الحشد الشعبي لن يدخلها لكن مزاعم إساءة معاملة أعضاء الحشد الشعبي للمدنيين ظهرت مباشرة بعد بدء العمليات في 24 مايو حيث قام أعضاء من فيلق بدر وكتائب حزب الله، ومجموعات أخرى، وفي حالة واحدة على الأقل عناصر الشرطة الاتحادية، بضرب مئات الرجال السنة الهاربين من القتال وبعد نقلهم إلى السجن، أعدموا عشرات منهم بلا محاكمة، وأخفوا مئات قسرا، وشوهوا 12 جثة على الأقل.

وقال رئيس الوزراء العبادي في الرابع من يونيو الماضي إنه فتح تحقيقا في مزاعم الانتهاكات في عملية الفلوجة وبعد 3 أيام أعلن عن اعتقالات غير محددة و"إحالة المتهمين بارتكاب انتهاكات إلى القضاء لينالوا جزاءهم وفقا للقانون". لكنه منذ ذلك الحين، لم يجب المسؤولون عن استفسارات هيومن رايتس ووتش بخصوص حالة التحقيق الذي يجرونه أو الخطوات المتخذة.

وقد جاءت هذه الانتهاكات في الفلوجة بعد عديد من الادعاءات السابقة بانتهاكات واسعة النطاق من قبل الميليشيات التي كانت جزءا من الحشد الشعبي، بما فيه في مناطق ديالى وحول آمرلي وتكريت.

احتجاز الاف العائلات

واكدت هيومن رايتس ووتش إن شخصين ابلغاها ان ميليشيات كتائب حزب الله و"عصائب أهل الحق" و"جند الإمام" اعتقلت آلاف العائلات السنية الفارّة من منطقة الجزيرة الصحراوية غرب بيجي وتكريت وسامراء في مارس الماضي واحتجزتهم في مخازن الأغذية جنوب تكريت. وقال مصدر آخر قابلته المنظمة في مارس &إن أحد مقاتلي الميليشيات قال له إنه وزملائه في الميليشيات أعدموا عشرات الشبان السنة، من منطقة غرب تكريت وسامراء أيضا.

واشارت المنظمة الى انه بعد أن تبنى تنظيم داعش تفجيرين في مقهى في بلدة المقدادية بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد في 11 ينايرالماضي ردّ مقاتلون من فيلق بدر وعصائب أهل الحق بمهاجمة السنة، ما أسفر عن مقتل 12 شخص على الأقل وربما أكثر من ذلك حسبما قال سكان محليين لها.

ووثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا دمارا ونهبا واسعي النطاق بعد انسحاب داعش في مارس وأبريل &2015 حين نفذ هذه الانتهاكات فيلق بدر وكتائب علي الأكبر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا الخراساني وكتائب جند الإمام وجميعها من الحشد الشعبي، بعد معارك في الدور والبوعجيل &وأجزاء من تكريت. &

عمليات قتل خارج القضاء

واشارت المنظمة الى ان قوات الحشد الشعبي الشيعية وعناصر الشرطة الاتحادية نفذت أيضا على ما يبدو عمليات قتل خارج القضاء، في مدينة تكريت أوعاصمة محافظة صلاح الدين شمال غرب بغداد وقد قابلت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف أشخاصا اعتقلوا مؤخرا من قبل الميليشيات الشيعية، وقالوا إن جماعات من بينها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق اختطفت 160 شخصا على الأقل، وجميعهم لا يزالون في عداد المفقودين، من الدور جنوب تكريت.

كما دمرت عدة ميليشيات من بينها عصائب أهل الحق وكتائب بدر وسرايا الخراساني وكتائب حزب الله، مبان في 30 قرية على الأقل حول آمرلي على بعد 80 كم شرق تكريت في سبتمبر وأكتوبر عام2014، بعد رفع حصار داعش الذي استمر 3 أشهر على تلك البلدة الشيعية التركمانية حيث وثّقت هيومن رايتس ووتش اختطاف السنة من قبل الميليشيات الشيعية حول آمرلي، كما وثقت انتهاكات ارتكبتها البيشمركة وغيرها من القوات التابعة لحكومة إقليم كردستان.

انتهاكات داعش

واضافت منظمة هيومن رايتس ووتش انها وثقت ايضا انتهاكات خطيرة من قبل قوات داعش وقالت إن على التنظيم عدم استخدام المدنيين لحماية الأهداف العسكرية من الهجوم ودعت أيضا جميع الأطراف بعدم استخدام الجنود الأطفال وبالسماح للمدنيين بالفرار إلى الأمان.

واشارت الى ان قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة نفذت كذلك هجمات جوية على داعش، بما فيها هجوم الفلوجة مؤخرا، وتقدم المشورة للقوات المحلية في الهجمات البرية حيث تدرب ألمانيا قوات البيشمركة وقوات أخرى وتقدم إليها الأسلحة، فيما يوفر "فيلق الحرس الثوري الإيراني" مستشارين عسكريين للعراق.

وأعلنت الولايات المتحدة في 12 يوليو الماضي نشر 560 جندي أمريكي إضافي.

ودعت المنظمة الولايات المتحدة بأن تطلب عدم وضع الميليشيات التي لها سجلات انتهاكات خطيرة وأفلتت من العقاب، في أي موضع يمكنّها من ارتكاب انتهاكات مماثلة بما يشمل أي عملية في الموصل.

وقالت ان أي عملية عسكرية لاستعادة الموصل يجب أن تشمل الجهود الرامية للحفاظ على المقابر الجماعية لتحديد هوية الضحايا وتحقيق العدالة، في العراق وفي أي مكان آخر .. كما يجب التركيز على مقبرة جماعية تضم حوالي 600 سجين شيعي أسرهم داعش من سجن بادوش في 10 يونيو 2014 وقتلهم في الصحراء القريبة حيث لا يزال موقع القتل الدقيق غير معروف ولكن، حالما يتم التعرف عليه، فإنه يتطلب توفير الحماية الفورية للحفاظ على الأدلة الحاسمة.

وقال ستورك "نظرا إلى سجل الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات فأن على القادة العسكريين والسياسيين في العراق محاسبة منتهِكي قوانين الحرب في العمليات السابقة وغني عن القول إنه يجب إبقاء هذه القوات ذاتها بعيدة عن جهود استعادة الموصل".

وكانت القوات العراقية بدأت عمليات لاستعادة السيطرة على المناطق المحيطة بمدينة الموصل، ثاني مدن العراق التي سيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية مطلع يونيو 2014. والموصل اخر مدينة ما زالت تحت سيطرة التنظيم المتطرف، وتواجه استعادة السيطرة عليها تحديات تتعلق باعداد النازحين ما يتطلب اعداد خطة لتأمين متطلباتهم الانسانية.&

وحذرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر من نزوح نحو مليون شخص يمكن ان يفروا من منازلهم في اطار مكافحة الجهاديين خصوصا الموصل.&

وتنفذ القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي بقيادة واشنطن عمليات متلاحقة لاستعادة السيطرة على مناطق في شمال وغرب البلاد سقطت بيد داعش اثر هجوم شرس في يونيو 2014.&