نصر المجالي: أعلنت أوزبكستان رسمياً اليوم الجمعة وفاة رئيسها إسلام كريموف، الذي ساءت صحته بشدّة في الأيام الأخيرة، منذ إصابته بجلطة ودخوله للمستشفى لتلقي العلاج يوم السبت الماضي.

ويترك كريموف الذي واجه مشاكل صحية لمرات عديدة حتى وفاته، جمهورية أوزبكستان بلا رئيس، ولم تكن الحكومة تصدر أي بيانات على الإطلاق في السابق بشأن صحة رئيسها الراحل الذي يحكمها منذ العام 1989 كزعيم شيوعي في البداية، ثم كرئيس بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وليس هناك مرشح معروف لخلافة كريموف في الحكم، ولم يكن المراقبون الغربيون يعترفون أساساً بديمقراطية أو حرية أي انتخابات أُجريت في البلاد.

يذكر أن الإشاعات كانت ثارت لفترة طويلة حول سوء صحة كريموف، الذي يوصف بـ"الاستبداد". وبسبب السيطرة الشديدة على الأنباء في أوزبكستان، التي تقع في وسط آسيا، يصعب التأكد من صحة تلك الإشاعات.

وفي خطوة غير معتادة، يوم الأحد الماضي، اعترفت الحكومة الأوزبكية بأن كريموف دخل المستشفى للعلاج دون أن تعطي مزيدًا من التفاصيل.

آخر ظهور&

وظهر كريموف آخر مرة في التلفزيون الحكومي يوم 17 أغسطس الجاري خلال اجتماع مع وزير داخلية كوريا الجنوبية. وتُقام احتفالات يوم الاستقلال، ويحضرها دائمًا الرئيس، في الأول من سبتمبر.
ويشار إلى أن إسلام عبدوق انيافيش كريموف كان قبل منصب الرئاسة زعيم الحزب الشيوعي الأوزبكي من عام 1989 إلى العام 1991، وقد خلف في المنصب رفيق نيشونوف.

دار أيتام&

ويشار إلى أن كريموف كان ولد في دار للأيتام في سمرقند. وهو درس الاقتصاد والهندسة في الجامعة. وكان انضم للحزب الشيوعي الحاكم للاتحاد السوفياتي، وأصبح مسؤولاً فيه، ثم صار الأمين العام الأول للحزب في عام 1989.&

وفي 24 مارس 1990 تولى رئاسة جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفياتية. وفي الحادي والثلاثين من أغسطس عام 1991 أعلن استقلال أوزبكستان عن الاتحاد السوفياتي، ودعا لإنتخابات رئاسية فاز فيها بنسبة 86 % في التاسع والعشرين من ديسمبر 1991.&

ولم تكن الانتخابات نزيهة نظراً لسيطرة الدولة على أجهزة الدعاية ووسائل الإعلام، مع التلاعب في الأصوات. ورغم مشاركة زعيم المعارضة محمد صالح رئيس حزب إيرك (الحرية) فيها.

استفتاء&

في العام 1995 حصل كريموف من خلال استفتاء عام على فترة رئاسة ثانية، وواجه الكثير من الانتقادات على هذا الاستفتاء. وأعيد انتخابه مرة ثالثة في 9 &يناير 2000, وحصل على نسبة 91.9 في المائة، في حين وصفت الولايات المتحدة هذه الانتخابات بأنها "لم تكن لا حرة ولا نزيهة، ولم تتح الفرصة العادلة للناخبين الأوزبك على اختيار رئيس حقيقي".&

وقد اعترف مرشح المعارضة الوحيد عبد الحافظ جلالوف ضمنيًا، أنه شارك في العملية الانتخابية لجعل الأمر يبدو ديمقراطيًا، وصرح علنًا أنه صوت لصالح كريموف.

محاربة المتشددين&

يذكر أن كريموف كان أعلن الحرب على الجماعات الإسلامية المتشددة، وهي الحركة الإسلامية الأوزبكية وحزب التحرير والمنظمات الإسلامية الأخرى، ووصفها بأنها إرهابية. في نفس الوقت، حكم على قادة هذه الجماعات، ومنهم توهير يولدوش وجمعة نمانغاني، بالإعدام غيابيًا.&

وقتل نمانغاني في أفغانستان العام 2001، وقتل توهير يولدوش في غارة جوية في أغسطس 2009.&

وقامت الحكومة الأوزبكية بين عامي 1991 و2004 باعتقال أكثر من 7000 إسلامي، وقمع أئمة من امثال محمد رجب الذي دعا إلى ضرورة إقامة نظام ديمقراطي أكثر انفتاحًا في أوائل التسعينات.

وكان كريموف سعى إلى ولاية أخرى في انتخابات ديسمبر 2007 الرئاسية، ففي نوفمبر من ذلك العام قبل كريموف ترشيح الحزب الديمقراطي الليبرالي له لفترة رئاسية ثالثة.&

وجرت الانتخابات يوم 23 ديسمبر، وأظهرت النتائج الرسمية الأولية فوز كريموف بنسبة 88.1 % من الأصوات بنسبة مشاركة وصلت إلى 90.6، وقامت عدة منظمات موالية للنظام مثل منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة بمراقبة الانتخابات، وأعطت تقييمًا إيجابيًا لها.&

غير ان المراقبين من منظمة الأمن والتعاون الاوروبي انتقدوا الانتخابات بشدة، وأعلنوا أنها افتقرت إلى وجود فرصة اختيار حقيقية للناخب الأوزبكي، في حين وصف مراقبون آخرون الانتخابات أنها "تمثيلية سياسية"، نظرًا لأن المنافسين الثلاثة له أعلنوا تأييدهم له في حملاتهم الانتخابية.

انتقادات&

كما انتقدت منظمات دولية عديدة النظام الأوزبكي بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان وقمعه لحرية الصحافة. ومن الشاهدين على هذه التصرفات السفير البريطاني السابق في أوزبكستان كريغ موراي ما بين عامي 2002 - 2004، وكتب مذكراته المعنونة "جريمة قتل في سمرقند" عن الفساد المالي المستشري وانتهاكات حقوق الإنسان، ووصف نوعًا بشعًا من التعذيب في معتقلات النظام، وهو عبارة عن "غلي الناس حتى الموت".

ووصفت الأمم المتحدة التعذيب بأنه سياسة ممنهجة ومستمرة في الدولة. وعلى مدى سنوات عدة، اختارت مجلة (Parade) كريموف واحدًا من أسوأ الحكام المستبدين، مشيرة إلى سياسات التعذيب والرقابة على الإعلام وتزوير الانتخابات.

حياة عائلية&

ويشار إلى أن كريموف متزوج من تاتيانا كاريموفا، وكانت خبيرة اقتصادية، ولديه ابنتان وثلاثة أحفاد. وتعمل ابنته الكبرى جلنار كريموفا مستشارًا للسفير الأوزبكي في روسيا.&

أما ابنته الصغرى لولا فقد عرفت في البلاد بدورها في تعزيز الرياضة والتعليم، فضلاً عن دفاعها عن حقوق الأطفال. وأسست منظمات خيرية كثيرة منها منظمة "أنت لست وحدك"، والجمعية الجمهورية لمساعدة الأيتام. كما تبذل جهدًا في دعم الأطفال المعاقين، وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وفي الأخير، يشار إلى أن كريموف كان بنى خلال فترات رئاسته، إمبراطورية تجارية واسعة النطاق، تضم أكبر شركة للهاتف المحمول في البلاد، وسلسلة من النوادي الليلية ومصانع إسمنت.