تناقش اللجنة الدينية في مجلس النواب المصري مشروع قانون لتنظيم الفتاوى من خلال الترخيص لمن يستحق إصدار الفتاوى، حصرًا عبر الأزهر الشريف، يأتي ذلك ضمن آليات تجديد الخطاب الديني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي.

إيلاف من القاهرة: &للحدّ من &فوضى الفتاوى التي انتشرت في الآونة الأخيرة في مصر، يبحث مجلس النواب المصري مشروع قانون لتنظيم الفتاوى من خلال إعطاء تراخيص رسمية لمن يستحقون إصدار الفتاوى، على أن يتم ذلك من خلال مشيخة الأزهر الشريف.

القانون سوف يكون ضمن أولويات مجلس النواب في دورة الانعقاد الثانية، والمقرر لها أول شهر أكتوبر المقبل، هذا وقد شهدت الآونة الأخيرة صدور العديد من الفتاوى الشاذة لمتخصصين وغير متخصصين بإصدار الفتوى، وهو ما ترتب عليه انتشار حالة من الارتباك لدى الأزهر الشريف والشارع المصري.&

كان آخر تلك الفتاوى خروج الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر بفتوى صادمة تقول إن قتلى السعودية والإمارات في اليمن ليسوا "شهداء"، بل بغاة، وإن قتلى اليمنيين "شهداء"؛ لأنهم ماتوا حتف أنفهم". وهو الأمر الذي أدانته جامعة الأزهر فورًا، معتبرة أن هذه التصريحات مجرد آراء شخصية لا تعبّر عن الجامعة أو الأزهر الشريف.

مقترح قانون
من جانبه قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية في البرلمان: "إن اللجنة الدينية تعطي اهتمامًا كبيرًا بضرورة وقف إصدار الفتاوى الشاذة في مصر، خاصة وأن هذا القانون طالب به الأزهر منذ أكثر من عشر سنوات".

وأشار إلى أن القانون الجديد سوف يتم عرضه على اللجنة العامة في البرلمان في دورة الانعقاد الجديدة، والمقرر لها يوم الأول من شهر أكتوبر المقبل، فسوف يقضي القانون الجديد نهائيًا على فوضى الفتاوى، التي انتشرت عبر السنوات الخمس الأخيرة، حيث سيقوم الأزهر الشريف بإصدار تراخيص رسمية يسمح لحاملها فقط بالفتوى، على أن يتم وضع شروط لمن يستحق تلك البطاقات، ومن أبرزها أن يكون من خريجي الأزهر الشريف أو ما يعادلها.

أضاف عضو مجلس النواب أن مشروع القانون المقترح يتضمن عقوبات صارمة قد تصل إلى الحبس والغرامة المالية الكبيرة ضد من يفتي بدون تصريح، سواء أكان ذلك على الفضائيات أوعبر وسائل الإعلام أو من خلال المساجد.

تفعيل للدستور
في السياق نفسه قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف: "إن مشروع القانون الجديد تفعيل لنص المادة السابعة من الدستور (الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كل شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم) ، وبالتالي فإن ضبط إيقاع الفتاوى يصب في مصلحة تجديد الخطاب الديني.
&
وأكد الدكتور الجندي ﻟ"إيلاف" أن الأزهر الشريف وفقًا لنص الدستور هو الجهة الوحيدة الموكل لها بإصدار الفتاوى، وبالتالي من حقه أيضًا تعيين من يتولى الحديث في أمور الدين، لافتًا إلى أنه لا يجوز لأي شخص أن يتصدى لفتاوى، كما لا يجوز التصدي للقضاء.
&
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء أن هناك بعضًا ممن يطلقون على أنفسهم لقب شيوخ يصدرون فتاوى استنادًا إلى آراء ضعيفة من دون النظر إلى ملائمتها للمجتمع أو رأي جمهور الفقهاء، مما يحدث فتنة داخل صفوف المسلمين، هذا بخلاف الفتاوى الشاذة والغريبة أساسًا عن الشريعة الإسلامية، وبالتالي الضرورة تقتضي إصدار قانون للحد من ظاهرة فوضى الفتاوى في مصر.

شروط خاصة
كما تؤيد الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة في جامعة الأزهر وعضوة في مجلس النواب، مشروع قانون للحد من فوضى الفتاوى قائلة ﻟ"إيلاف": "إنه ينبغي أن يحظر إصدار الفتاوى إلا من قبل تتوافر فيه المعرفة الكاملة بالعلوم الشرعية وأصول الفقه المقارن ومصطلح الحديث وآيات الأحكام، كل هذا ينبغي أن يكون من يتصدر للفتوى على علم بها".

مطالبة وسائل الإعلام والفضائيات بالحرص على أخذ الرأي الشرعي من أهل الاختصاص بعيدًا عن السعي وراء الآراء الشاذة التي تزرع الفتنة بين المسلمين.

مخالف للدين
على النقيض تمامًا رفض الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، وجود قانون يحدد من له حق الفتوى في مصر، قائلًا: "إنه لا توجد في الإسلام فتوى تلزم المسلم برأي واحد يجب الالتزام به فقط دون غيره، كما تفعل المؤسسات الدينية حاليًا، فالله سبحانه وتعالى أمر الرسل أن تبيّن وأن تترك للناس حق القناعة. وقال في كتابه الكريم: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم لعلهم يتفكرون"، وبالتالي فلا يجوز إصدار قانون يحرم الإنسان من التعبيرعن رأيه في ما يعتقد في أمور دينه طالما أن لديه من العلوم ما يؤهله لذلك".

وأشار إلى أن رجل الدين وظيفته أن يبيّن العلم والآراء المختلفة في المسألة، ثم يختار الإنسان الرأي الذي يطمئن إليه قلبه وعقله دينيًا.