ايلاف من القاهرة:&يحيي المصريون اليوم الأربعاء، 28 سبتمبر، الذكرى السادسة والأربعين، لوفاة الزعيم جمال عبد الناصر، قائد ثورة 23 يوليو 1952، ورغم تعاقب خمسة رؤساء بالإضافة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي حكم مصر بعد سقوط حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011، إلا أن المصريين يحتفظون بصور "ناصر" في منازلهم ومكاتبهم ومحالهم التجارية، ودأبوا على مدار تلك السنوات على رفع صوره في مختلف الفعاليات والأحداث المفصيلة. فما يدفع المصريون إلى رفع صور عبد الناصر واستدعائه في مختلف الأحداث؟.

&في تظاهرات ثورة 25 يناير 2011، التي انتهت برحيل الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة، ثم تظاهرات 30 يونيو، التي توجت بإسقاط نظام حكم جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية"، وغيرها من الأحداث، لم يتخل المصريون فيها عن رفع صور "الزعيم" الراحل. فما يدفع الناس إلى التمسك برفع صور قائد الثورة التي أسقطت نظام حكم الملك فاروق، وأجبرت المحتل البريطاني على الجلاء.

ويرى السياسيون أن رفع صور ناصر في مختلف الفعاليات، يعطى ثلاث دلالات مهمة، وهي الحنين إلى عهده من قبل الطبقات الفقيرة والكادحة والمتوسطة، لاسيما أنه حقق لها العدالة الاجتماعية، والعرفان بجميله علي المصريين، أما الدلالة الثالثة فهي تذكير السلطة الحالية، بضرورة السير على نهجه.

إصرار المصريين على رفع صور الرئيس جمال عبد الناصر في ثورتهم "25 يناير 2011" و"30 يونيو 2013"، ومختلف الفعاليات الاحتجاجية، لاسيما العمالية منها، كان مفاجأة بالنسبة لمن يعتنقون الفكر الناصري أنفسهم، وقال المهندس محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، إن هذه الظاهرة بالنسبة لهم كناصريين كانت مفاجأة، موضحًا أن هذه الصور كانت موجودة باستمرار في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، كما أن الصور كانت قاصرة فقط على جمال عبد الناصر تحديدا دون أي شخص آخر من الرؤساء والرموز الوطنية في تاريخ مصر.

العدالة الاجتماعية

وأضاف سامي لـ"إيلاف"، أنهم حتى الآن ما زالوا يبحثون عن إجابة للسؤال التالي: لماذا يستقر عبد الناصر في وجدان المصريين؟ منوهًا بأن الشعب يعتبر عبر الناصر من أبناء الطبقة الكادحة مثلهم، كما أن الشعب كان يرى انه كان صادقا في تحقيق مطالب القطاع العريض من أبناء الطبقة الكادحة لمصر.

ولفت إلى أن ما يسمى الآن نوعا من العدالة الاجتماعية، والتي يطالب بها المصريون، تبناه عبد الناصر، وطبقه في قراراته في ما خص الإصلاح الزراعي أو &تطبيق مبادئ الاشتراكية بما يتعلق بمفهومين وهما الكفاية في الانتاج والعدالة في التوزيع.

وأشار رئيس حزب الكرامة، إلى أن إنجازات جمال عبد الناصر لمسها العديد من المصريين كحقهم في التعليم، كما أن جمال عبد الناصر وفر الفرص المتكافئة للمواطن الكادح وأبنائه لتحقيق طموحه في الترقي والوصول إلى الوظائف المرموقة، وهذا ما استفاد به الملايين من المصريين.

وأفاد بأن هناك أمرا آخر ساهم في حب المصريين لعبد الناصر، واستمرارهم في رفع صوره في مختلف الفعاليات، وهو تبنيه لرؤية الانتماء القومي، مضيفًا أن رؤية عبد الناصر كانت صالحة وهذا ما أثبتته الأيام بعد وفاته، بان الهوية العربية هي المتفقة مع المصلحة والمنطق والتطور الموجود في العالم.

وأوضح أن رؤية عبد الناصر للصراع العربي الإسرائيلي كانت صحيحة، وهي أن إسرائيل المحرك الأصيل لكل جرائم الإرهاب لأنها زعيمة الإرهاب في العالم.

وأشار سامي إلى أن فهم عبد الناصر للصراع العربي الإسرائيلي هو الفهم الأصيل وهذا ما حبب الكثير من الشعوب به، وأيضا الانتماء القومي لمصر وعلاقتها بأشقائها العرب، وتطبيق العدالة الاجتماعية، وكل هذه بصمات لجمال عبد الناصر ولذلك بقي وسيظل في ذاكرة مصر ويتم نقلها من جيل إلى جيل.

وأشار إلى أن الجماهير تتمنى استعادة الطبقة المتوسطة التي أوجدها عبد الناصر لبريقها مرة أخرى، بعد أن أصبحت معدومة الآن، مؤكدا أن الشعب يتمنى أن يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي بديلا وطنيا لعبد الناصر لتحقيق أحلامهم.

أنصف الطبقات الفقيرة

وحسب وجهة نظر، حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، فإن السبب الحقيقي وراء رفع المصريين في جميع التظاهرات صورا للرئيس جمال عبد الناصر، أنهم يرونه أنه هو من بنى مصر الحديثة، مضيفًا أن عبد الناصر بالنسبة إلى المصريين هو الذي انحاز إلى الفقراء والطبقة الوسطى، كما انه عمّم مجانية التعليم على كل المصريين، كما أوجد الطبقة الوسطى بشكل كبير جدا.

تظاهرات ضد الغلاء بصور ناصر

&

وأضاف أبو سعدة لـ"إيلاف"، أن عبد الناصر هو من وحّد الانقسام داخل المجتمع، وأنصف الطبقات الفقيرة والكادحة، وأعاد توزيع الثروة، بعد أن كانت مملوكة من قبل نصف بالمائة فقط من الناس وبعضهم غير مصريين، موضحا أن القوانين التي شرعها عبد الناصر من إصلاح زراعي وإنشاء مصانع وإعطاء الحقوق إلى المصريين جعلتهم يحبونه ويورثون حبه لأبنائهم وأحفادهم.

واعتبر أبو سعدة &أن ما يقوم به المصريون هو مؤشر على انتمائهم لعبد الناصر ورد الجميل له، بسبب وقوفه إلى جوار الطبقة الوسطى وتحقيق مطالبهم، لافتاً إلى أن عبد الناصر مات فقيرا وأولاده تعلموا في المدارس المصرية مثل المصريين، وهو ما جعلهم يرتبطون به على جميع المستويات.

وحسب وجهة نظر أبو سعدة، فإن المصريين ما زالوا يرون أن جمال عبد الناصر هو رمز للحقوق الأساسية مثل التعليم والصحة وغيرها من الحقوق الأخرى، مشيراً إلى أن رفع هذه الصور هدفها تذكير من هم بالحكم، وأن عبد الناصر هو رمز لتحقيق مطالبهم وان ما نادى به لابد من تحقيقه.

ويرى أبو سعدة أيضاً أن رفع صور عبد الناصر له دلالة حقوقية أيضاً، موضحاً أنه تذكير للسلطة في مصر، بقيمة الحقوق الاقتصادية والبعد الاجتماعي، ولابد أن يكون اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بهؤلاء الفقراء والطبقة الوسطى.

حنين

وقال أحمد عبد الحفيظ، الأمين العام المساعد للحزب الناصري سابقا، إن إقبال المصريين دائما على رفع لافتات للرئيس جمال عبد الناصر في جميع التظاهرات والفعاليات أو الاحتفالات، هو حنين لمرحلة من مراحل التاريخ الذي تحققت فيه الأبعاد الاجتماعية طوال الـ200 عام الماضية.

&وأضاف عبد الحفيظ لـ"إيلاف"، أن جمال عبد الناصر من بداية حكمه سعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وسعى إلى تنفيذ مشروع التكافل والعدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذا المشروع تم ضربه على يد القوى الاستعمارية.

وأشار عبد الحفيظ إلى انه منذ حرب 6 أكتوبر 1973، حدث انقطاع في مشروع عبد الناصر، ما جعل الشعب يحن إلى هذا المشروع وإلى أيام عبد الناصر، مضيفا أن الحكومات المتتابعة لم تتهم بمشروع عبد الناصر نهائيا منذ40 عاما.

ولفت إلى أن رفع صور جمال عبد الناصر مجرد رسالة إلى المسؤولين عن الحكم، موضحا أن الرسالة تحمل في معناها تحقيق التكافل والعدالة الاجتماعية، ورسالة إلى النخبة السياسية بالسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.