ندد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بـ «السياسة العدوانية التي تنتهجها إيران»، وعبّر عن تطلع بلاده إلى توطيد العلاقات المميزة التي تربطها بالولايات المتحدة، لا سيما مع انطلاقة عهد الرئيس دونالد ترامب.


باريس: زار وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، باريس في نهاية هذا الاسبوع لحضور مؤتمر حول السلام في الشرق الأوسط. وفي لقاء له مع عدد قليل من الصحافيين، أجاب على أسئلة صحيفة Libération. وفي ما يتعلّق بترامب، واليمن، وسوريا، والإرهاب، أظهر الدبلوماسي المخضرم صفاء وتفاؤلاً لا يمكن تذليلهما.

هل تتشارك مع البعض مخاوفهم إزاء الرئيس الأميركي الجديد؟

على العكس تماماً، لا يساورنا أي قلق. ترامب يريد بناء أميركا أقوى، ونحن أيضاً. هو يريد محاربة الإرهاب، ونحن أيضاً. يريد أن يكون أكثر حزمًا مع إيران، ونحن نوافق على ذلك. فالمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة حليفتان استراتيجيتان منذ الحرب العالمية الثانية. وبسبب مصالحنا المشتركة، توطّدت علاقاتنا في جميع المجالات: السياسية والعسكرية والأمنية. ولكن لا ينبغي أن نركّز على كلمات الحملة، بل أن ننتظر ممارسة السلطة. ونحن نعرف معظم المسؤولين الذين تمّ تعيينهم في الإدارة، لا سيما في وظائف الأمن القومي. وهم أشخاص عقلانيون جدًا.

تحدّث ترامب عن "تمزيق" الاتفاق النووي مع إيران...؟

إنّ عدم الثقة في إيران أمر تتشاركه بلدان متعددة، وهذا أمر مبرّر. ينبغي دوماً مراقبة إيران لضمان التزامها بتعهداتها وبالمعايير الدولية بشكل عام. لأنّ تاريخ إيران منذ قيام الثورة الإسلامية، يحمل تحدياً دائماً للعالم. فهي نظّمت هجمات إرهابية في أوروبا وأميركا اللاتينية. كما أنّ العديد من قادة تنظيم القاعدة الذين رحلوا من أفغانستان، وجدوا ملاذاً في إيران. وأتساءل لماذا تعرّضت كل دول العالم تقريبًا، باستثناء إيران، لهجوم من قبل الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة. إذاً، يتعين على ايران أن تقرر ما إذا كانت ثورة أو دولة قومية. وفي الوقت الراهن، يحكم البلاد الحرس الثوري على الأخص.

ما هو وضع علاقاتكم مع طهران؟ هل المصالحة ممكنة؟

العلاقات متشنّجة بسبب السياسة العدوانية التي تعتمدها إيران بالإضافة إلى تدخّلها في الدول المجاورة لها. جلب الإيرانيون لنا الطائفية. هاجموا سفارتنا ودبلوماسيينا مراراً وتكراراً. أخبروني عن هجوم واحد شنّيناه ضد إيران ودبلوماسييها وأراضيها! ونحن، بالطبع، نودّ إنشاء علاقات جيدة مع إيران، جارتنا، البلد العظيم، والحضارة الكبرى. ولكن يجب أن يتم ذلك ضمن احترام السيادة، بدون أي تدخل أو عدوان. في الوقت الراهن، لا أرى الإيرانيين مستعدّين لتحسين العلاقات.&

في سوريا، أنتم تدعمون الثورة التي بدأت تخسر.

النظام متقدّم في حلب، لكنّ هذه مجرد معركة والحرب لم تنتهِ بعد. يجب علينا الآن إعطاء فرصة للمفاوضات. إنّ الاتفاق بين روسيا التي تدعم نظام بشار الأسد، وتركيا، التي تدعم المعارضة، قد سمح بالتوصل إلى وقف إطلاق النار. وفي الاسبوع المقبل في أستانا، كازاخستان، ينبغي أن تقوم المفاوضات بين المسؤولين العسكريين بوضع الترتيبات العملية لتمديد الهدنة. ثم يجب أن تبدأ المفاوضات السياسية على أساس إعلان جنيف وقرار مجلس الأمن.

في اليمن، يبدو أنّكم عالقون في حرب قاتلة؟

على العكس، في اليمن، تسير العمليات بشكل إيجابي جدًا. وبفضل دعمنا، أحرزت القوات الحكومية تقدّماً على المتمردين في أماكن مختلفة. عندما لا تأخذ المملكة العربية السعودية المبادرة، تتعرض للانتقاد بسبب سلبيتها ويتم دفعها لاستلام زمام الأمور. ولكن عندما تعتمد سياسة أكثر ديناميكية، كما هو الحال منذ سنتين، يتمّ انتقاد تدخلها. يجب أن نعرف ما الذي ينتظرونه منّا في المنطقة.

فرانسوا فيون، المرشح على رئاسة الجمهورية، ينتقد الحكومة الفرنسية بسبب علاقاتها الجيدة معكم ويدعو إلى اعتماد علاقات أكثر حزماً تجاه المملكة؟

أنا لا أصرّح بأي تعليقات أثناء حملة إنتخابية. ولكن، من المؤكد، أن نواجه مشكلة من ناحية صورتنا، فنحن&متّهمون بالتطرف أوالتعصب أو دعم الإرهاب. وهذه الاتهامات لا أساس لها، وهي لا تتطابق مع الواقع. وفي ما يخصّ تمويل المدارس الإسلامية، أشار تقرير صادر عن البرلمان الفرنسي إلى أن المملكة العربية السعودية لم تساهم في بناء المساجد إلا بنسبة 1%. وأودّ أن أقول لمن يتّهمنا بتمويلات من هذا النوع: أظهروا الأدلة! أما بالنسبة إلى مكافحة الإرهاب، نحن الأكثر قلقاً لأننا الأكثر تعرضاً له.