واشنطن: كان اصحاب نظرية المؤامرة ينتظرون هذا اليوم منذ نصف قرن لمعرفة الحقيقة بشأن اغتيال الرئيس جون كينيدي في 22 نوفمبر 1963، حيث قرر الأرشيف الوطني أن يفرج اليوم الخميس عن أكثر من 3000 ملف سري يتعلق بعملية الاغتيال ليعكف المؤرخون على دراستها والتنقيب فيها بحثاً عن مفاتيح تفك لغز اغتياله.

وأصبح نشر الوثائق ممكناً بعد ان أعلن الرئيس دونالد ترمب انه لن يقف في طريق الافراج عنها وإحالتها الى المجال العام.

ويتوقع خبراء ان تتضمن الوثائق شهادات ورسائل من مدراء وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي وجاكي أرملة كينيدي ومحامي زعيم عصابة له دور مركزي في اللغز.

ويأمل كثير من المهتمين بالقضية ان تضع الملفات نهاية لأسئلة ترفض ان تزول عن اغتيال كينيدي، منها: هل كان هناك مسلح آخر مع القاتل لي هارفي اوزولد؟ هل كان اوزولد أداة في مؤامرة أوسع دبرها آخرون؟

جوانب مظلمة

ومن الجائز ان تسلط الوثائق الضوء على جوانب مظلمة من التاريخ الاميركي بينها ما فعلته الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي لم تعدم وسيلة للدفاع عن سمعتها بعد عملية الاغتيال والحجم الكامل للنشاط التجسسي الاميركي خلال الحرب الباردة.

ولكن المؤرخين يحذرون المراهنين على انهاء كل نظريات المؤامرة التي نُسجت منذ اغتيال كينيدي بأن رهانهم خاسر على الأرجح.

وقال جيرالد بوسنر الذي له كتاب رُشح لجائزة بوليتز عن اغتيال كينيدي ان الحقائق لا تسدل الستار على هذه النظريات بالضرورة. واضاف في تصريح لصحيفة الديلي تلغراف ان من المستبعد ان يكون هناك كشف "زلزالي" ولكن المفترض ان تسلط الملفات ضوء على بعض الأسئلة الأساسية التي ما زالت تنتظر اجابات.

أحد هذه الأسئلة يتعلق بزيارة اوزولد الى مكسيكو ستي التي كانت بؤرة للنشاط الشيوعي وقتذاك قبل اسابيع على عملية الاغتيال في دالاس بولاية تكساس. 

السؤال الآخر هو لماذا لم يكن هناك تحقيق أوسع بشأن جاك روبي صاحب الملهى الليلي الذي اطلق النار على اوزولد وأرداه قتيلا بعد يومين على اعتقاله متسبباً في انتهاء التحقيق مع المتهم. والسؤال الثالث هو عما إذا كان اوزولد زار الاتحاد السوفيتي قبل الهجوم وخطط لعملية الاغتيال مع قوة أجنبية أو شبكة اجرامية.

اهتمام كبير

وقال بوسنر ان السؤال الصعب هو ما إذا كان اوزولد ارتكب فعلته بمفرده أو لحساب جهة أخرى. ولاحظ بوسنر عدم وجود أدلة تربط اوزولد بمؤامرة وقال: "إذا وجدت هذه الأدلة يوم الخميس فإني سأُغير رأيي" معربًا عن الأمل بأن يحذو حذوه كثيرون يعتقدون ان هناك مؤامرة وراء اغتيال كينيدي. وأضاف: "إذا لم يجدوا الأدلة التي كانوا يبحثون عنها طيلة هذه السنين فآمل ان يبدأوا بالتفكير في امكانية ان يكون اوزولد نفذ الهجوم بمفرده".

ولكن بوسنر استبعد ان يحدث ذلك واعرب عن اقتناعه بأن "نظريات المؤامرة ستبقى زمناً طويلا بعد نشر هذه الوثائق".

ومن المتوقع ان يكون اهتمام الاميركيين كبيراً بالوثائق. فعندما أجرى الأرشيف الوطني بروفة في يوليو الماضي بنشر جزء ضئيل من الوثائق تعطلت منظومته الإلكترونية تحت ثقل الاقبال الشديد.

كما ان هناك مشاكل تتعلق بالأرشفة نفسها. فبعض الوثائق اصبحت حائلة بعد اضمحلال الحبر الذي كُتبت به، ولم تُطبع نُسخ منها.

ويخشى الخبراء ان تكون ملفات أخرى مليئة بالأسماء الرمزية الاستخباراتية التي نُسيت منذ زمن طويل حتى انها باتت "خربشات" لا معنى لها.

مهمة شاقة

ومن الجائز ان تُحجب بعض الملفات بطلب من هذا الجهاز الاستخباراتي أو ذاك لا سيما وان القانون يجيز للرئيس ان يمنع نشر بعض المعلومات لأسباب تتعلق بالأمن القومي مثلا.

وكان ترمب اشار في تغريدة على تويتر الى ان نشر الوثائق سيكون "خاضعاً لتسلم معلومات أخرى".

واشار خبراء الى ان مخبرين كانوا ينقلون معلومات الى الولايات المتحدة ستُكشف اسماؤهم في الملفات وبذلك إغضاب عائلاتهم والإضرار بالعلاقات مع الدول المعنية.

اياً يكن ما ستيمط الملفات اللثام عنه فان تغيير الرأي العام مهمة شاقة. فقد أظهر استطلاع أُجري خلال اكتوبر الحالي ان ثلثي الاميركيين ما زالوا يعتقدون ان اوزولد لم يكن يعمل بمفرده. 

أعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.telegraph.co.uk/news/2017/10/25/jfk-assassination-secret-files-release-end-50-year-wait-conspiracy/