يكشف المنتج الاسباني الشهير أندريس غوميز في حوار خصّ به "إيلاف" عن تفاصيل انتاج وتصوير فيلم "ولد ملكا" الذي يوثّق رحلة الملك فيصل إلى بريطانيا بتكليف من والده. ويشيد غومير بالامكانيات التي وجدها في السعودية وسهّلت عمله. 

سليمان الطريري من الرياض: بدأ المنتج والكاتب الاسباني، ذي السبعين عاما، أندريس غوميز، مسيرته الفنية يافعا حين كان بعمر 23 سنة، وحينها، أنتج أولى أفلامه عن حرب الأيام الخمسة بين اسرائيل ومصر.

عن ذلك يقول المنتج غوميز في حديثه لـ"إيلاف" إنه يتذكر جيداً في ذلك الحين الحوارات الصاخبة بين اليهود الإسبان ومخالفيهم.

انطلق المنتج والكاتب غوميز بسرعة نحو الإبداع في صناعة الإفلام متنقلاً بين المحطات الأوروبية والمهرجانات الفنية ليتوج لاحقاً بجائزة "أوسكار" لأفضل فيلم أجنبي في هوليوود Belle Époque.

أنجز أندريس غوميز ما يزيد على المائة فيلم خلال مسيرته حاصداً التكريم والجوائز في مهرجانات "كان" وبرلين والبندقية ومونتريال وسان سيباستيان ليصبح المنتج الإسباني الأكثر حصولاً على الجوائز الوطنية والعالمية.

وبالإضافة لعمله مع كبار مخرجي وممثلي إسبانيا، عمل مع كبار ممثلي ومخرجي هوليوود مثل جون مالكوفيتش وبينلوبي كروز وخافيير باردم.

خلال رحلة عمل للعاصمة السعودية الرياض، يقول غوميز في لـ"إيلاف": "كنت بصدد عمل بحث على شبكة الإنترنت يخص عملي الذي أتيت من أجله وتوجهت لمركز الأعمال موجهاً تركيزي نحو البحث الخاص بي، إلا أني لاحقاً وجدت أني أقرأ ما أثار اهتمامي ومخيلتي، كنت أقرأ قصة رحلة الملك فيصل حينما انتدبه والده الملك عبدالعزيز وكان أميراً للذهاب إلى لندن بعمر الثالثة عشرة".

بحماس منقطع النظير، يروي غوميز كيف قام بطباعة القصة وتوجه فوراً نحو غرفته وشرع في كتابة ملامح فلمه القادم Born A King.

يقول غوميز: عملت لفترة من الزمن على تجهيز عرض متكامل عن الفيلم لعرضه على المهتمين والمستثمرين والحصول على الدعم اللازم للانطلاق للمرحلة التالية للحصول على التمويل.

وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:

عن ماذا يحكي فيلم "ولد ملكاً" وماهي قصته؟ 

الفلم أساساً يحكي قصة زيارة الأمير فيصل حين انتدبه والده الملك عبدالعزيز في العام 1919 مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى إلى بريطانيا للحصول على الدعم والتعاون أو على الأقل البقاء على الحياد خلال معارك الملك عبدالعزيز لتوحيد البلاد.

الفيلم تم انتاجه بطابع هوليوودي تجاري وهو الأول من نوعه في السعودية، يقوم إنتاج الفيلم بتعاون قريب ووثيق مع السعوديين في كل مراحل العمل وهناك كاتبان رئيسيان للفيلم، سعودي هو بدر السماري وآخر إنجليزي، الفيلم يتم تنفيذه بميزانية ضخمة تبلغ 18 مليون جنية إسترليني، أي ما يقارب 90 مليون ريال سعودي ويتم تصويره في بريطانيا والسعودية.

فريق يضم سعوديين

هل استعنتم بفريق سعودي لإنجاز أدوار تمثيلية أو إنتاجياً وفنياً؟

لدينا في فريق العمل 150 شخصاً، ثمانون منهم سعوديون وسعوديات يتوزعون مابين فريق الإنتاج والتمثيل هناك من هم محترفون ومن هم في مستوى مبتدئ، الفيلم يحكي عن السعودية ويتضمن لغتين العربية والإنجليزية، الربع ساعة الأولى من بداية الفيلم باللغة العربية كاملة لذا من الطبيعي أن نستعين بالسعوديين.

متى تتوقعون الانتهاء من أعمال الفيلم؟ وكيف تتوقعون أن يستقبل الجمهور الفيلم؟

سنكون جاهزين لإطلاق الفيلم في شهر فبراير القادم وسيكون العرض الأول في السعودية.

الملك فيصلا شابا 

في الحقيقة أنهينا 75% من إنتاج الفيلم وبإمكاني القول إننا نتوقع أن نحصل على ردود فعل إيجابية من الجمهور السعودي بل إني أعتقد أن السعوديين سيحبون الفيلم كثيراً وسيكونون فخورين بشخصيات الفيلم، الإنتاج ثري جداً يقدم بصورة إيجابية وقائع تاريخية مهمة، ونأمل أن نحقق نفس النتيجة والقبول خارج السعودية

يُتوقع أن تفتح دور السينما في السعودية أبوابها خلال الأشهر القادمة هل ستعرضون فيلم Born A King في دور العرض السعودية؟ ماذا نتوقع أن يضيف الفيلم لصناعة الأفلام الحديثة في السعودية؟

سنحرص أن يكون Born A King من أوائل الأفلام التي تعرض في السينما في السعودية إذا تم الترخيص لها وبدأت دور السينما التشغيل الفعلي، كما سيساعدنا ذلك لقياس النجاح في الخارج لأن العرض في السعودية سيكون أولوية بالنسبة لنا.

تحديات التمويل

ما هي التحديات التي واجهتكم خلال العمل لإنتاج "ولد ملكاً"؟

أي منتج يريد أن يخرج بفيلم جيد وهذا ما أحاول فعله لذا فالتحدي أن تمول فيلماً ثم تصنع الأرباح من هذا الفيلم. كل المؤشرات تشير إلى أننا سننجح تجارياً في عرض الفيلم في السعودية، سنستعين بثلاث شركات للتوزيع واحدة في السعودية وأخرى في إسبانيا وثالثة في بريطانيا للحصول على توزيع واسع للفيلم، كما أن سأحاول أن أعرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي القادم في مايو.

كنت أعتقد أننا سنقوم بتوريد معدات التصوير من خارج السعودية ولكن لم نحتاج لذلك، نحن محظوظون جداً لوجود كل العناصر التي نحتاجها لإنتاج الفيلم، في الحقيقة هناك شخص مهتم جداً بصناعة الأفلام اسمه عبدالله النفيسة وجدنا لديه كل المعدات التي نحتاجها وكانت جديدة تماماً وأعتقد أن السيد النفيسة لديه نظرة وترقبا لدخول السينما للسعودية. كنّا محظوظين كذلك لحصولنا على موقع تصوير متميز وهو "العاذرية"، وهي ما تمثل الحياة في السعودية قبل مائة عام.

كيف استطعتم تمويل وتغطية النفقات الكبيرة للفيلم؟

قمنا بذلك من خلال مستثمرين خاصين، بالإضافة إلى الاستعانة بما يسمى tax rebates في أوروبا، في بريطانيا مثلاً، مقابل كل جنيه إسترليني تصرفه تحصل على 22% من قيمته وكذلك الأمر في اسبانيا تحصل ما يقارب على 25% مقابل كل يورو تصرفه.

كنت مسؤولاً عن مدرسة Media business في إسبانيا المعروفة بدورها الكبير أوروبياً في تأهيل الدارسين للعمل الإنتاجي والإعلامي والفني، كيف يمكن الاستفادة من تجربة تعليمية وتدريبية مماثلة في السعودية؟ 

حسناً، المدرسة كانت مبادرة من قبل الاتحاد الأوروبي قبل خمسة وعشرين عاما، أوروبا أرادت أن تقوي صناعة الإعلام وصناعة الأفلام للمنافسة تحديداً مع الأفلام الأميركية لذلك قرروا في الاتحاد الأوروبي أن تتحول المبادرة إلى مبادرات في كل دولة من دول الاتحاد.

في بريطانيا تم انشاء مدرسة متخصصة في كتابة النص لتعزيز قدرات الكتاب في النصوص وفي ألمانيا تم إنشاء مدرسة للأفلام المستقلة وهكذا، المدرسة التي توجد بإسبانيا مختصة بالإنتاج، يتم توزيع 20 دارساً من جنسيات مختلفة في كل فصل دراسي على أن لا تزيد عدد الدارسين من أي جنسية عن ثلاثة في الفصل الواحد، ويتم إخضاعهم لدورات تدريبية وتأهيلية لمدة ستة شهور وتكون الدراسة باللغة الإنجليزية لأنها لغة الصناعة، لذا أقترح إنشاء برنامج مماثل للنهوض بصناعة الأفلام في السعودية يشارك فيها ليس فقط السعوديون وإنما كذلك جنسيات أخرى. 

جيل الشباب قادر على الفعل

ما هي تصوراتك لنجاح صناعة السينما والأفلام في السعودية؟

أنا أنظر للأمر بإيجابية، يوجد جيل شاب في السعودية ومتعلم ولديه ذائقة، أعتقد أن العالم العربي والإسلامي لديه ذائقة فنية بالنظر للتاريخ والعراقة الموجودة في المنطقة، لذا أنا متأكد أنه في حال فتحت السينما أبوابها ستكون هناك أفلام مثيرة للاهتمام، أتصور أنه في خلال الخمس سنوات الأولى ستكون ناجحة جداً وسيكون الطلب قوياً. تجربة السينما ليست مجرد شاشة بل هي تجربة اجتماعية تذهب فيها أنت وأصدقائك أو عائلتك لتقضي وقتاً ممتعاً.

جانب من تصوير الفيلم في بريطانيا

برأيي، في فرنسا يوجد أفضل نظام للسينما في العالم وعندما ننصح الدول بقوانين لصناعة السينما نقول لهم فقط خذوا النظام الفرنسي وترجموه ويمكن للسعودية الاستفادة منه، أساس القانون الفرنسي يقوم على أنه مقابل تذكرة يتم بيعها يذهب 20% من قيمتها لصندوق لدعم صناعة الأفلام المحلية، وهنا أنت تستفيد من الأفلام المستوردة لدعم الأفلام المحلية لأن قيمتها لا يدفعها ملاك دور السينما بل منتجو الأفلام.

مستقبل السينما

أنتجت الكثير من الأفلام والبعض من المسلسلات التلفزيونية، أين ترى المستقبل في ظل التقدم التكنولوجي المستمر؟

أعتقد أن الكفة ستميل لصالح التلفزيون و لكن ليس بالطريقة التقليدية، أعتقد التلفزيون بصورته الحالية بالإضافة لنتفليكس ، وهو ما يعتبر شيئا حديثا، في غضون خمسة إلى عشر سنوات كل هذا سيتغير تماماً، كل شخص الآن بإمكانه تأسيس قناة تلفزيونية ودعني أعطيك مثالاً الروس قبل ثلاثين سنة قاموا بتأسيس التلفزيون الروسي باللغة الإنجليزية وكلفهم ذلك 300 مليون دولار لتأسيس تلك القناة.

قبل ثلاثة سنوات قاموا بتأسيس قناة اسمها Sputnik، كلفتهم مليوني دولار فقط، وذلك ينطبق على المحتوى سيتغير لن يصبح هناك محتوى يكلف الملايين أتصور كذلك الأفلام ستكون أقصر. أصحاب قنوات اليوتيوب سيكونون صناع المحتوى في المستقبل.

يوتيوب ينافس

إذن أنت تعتقد بأن الأفراد على يوتيوب سيملكون زمام المبادرة عوضاً عن الشركات الكبرى؟ 

من المحتمل جداً ذلك إذا امتلكوا الموارد المالية، دعنا نرى الوضع في إسبانيا الآن على سبيل المثال هناك منافسة قوية أعرف شركة بالتحديد لديها أربعين من الأفراد الفاعلين على يوتيوب عشرون منهم يعدون من النجوم بعضهم لديه ثلاثة وأربعة ملايين متابع والشركة تدير الانتشار الجماهيري والدعاية فقط، بعض هؤلاء من خلال عملهم من منازلهم يحققون 10 آلاف دولار في اليوم ! النصف الآخرهم مبتدؤون يذهبون إلى ستوديو الشركة ويعملون من خلال التوجيه والمتابعة، هؤلاء يحققون أموالا أقل ولكنهم يكبرون مع الوقت في اللحظة التي يحققون بها مليوني متابع تتهافت الشركات الكبرى للإعلان معهم. كل الوظائف والتخصصات مستعبدة مع يوتيوب. فالناس أصبحت تشاهد التلفزيون بشكل أقل والأجيال الحالية عندما تكبر ونرحل نحن لن يصبح للتلفزيون أية أهمية.

أكبر ثلاث شركات تلفزيونية مدرجة في سوق الأسهم في أوروبا إيطالية وألمانية وإسبانية خسرت أكثر من 20% من قيمتها في الأشهر الماضية، أعرف تنفيذيين في هذه الشركات باعوا أسهمهم، وكما تعلم أسعار الأسهم ليست دلالة لما يحدث الآن بل لما سيحدث مستقبلاً.

هل يجب أن تغير الشركات من سياساتها لتواكب المتغيرات التكنولوجية؟

نعم، هذا الكلام صحيح، يجب على الشركات إعادة تعريف نفسها لمواكبة المتغيرات التي تقودها التكنولوجيا، في نفس الوقت أعتقد أن الوضع في السعودية مختلف وفي وضع ممتاز، لأن الصناعة لا زالت في بداياتها ولم تمر بالمرحلة السابقة التي مرت بها دول أخرى، هذا لا يعني أن شركات التلفزيون لا تحقق الأرباح الآن ولكن كبار حاملي الأسهم لا يرون من خلال هذه الشركات المستقبل، أحد شركات التلفزيون الكبرى في إيطاليا بدأت بالفعل بالتعاون مع مشاهير اليوتيوب