لندن: نفى كل من فيلق الرحمن وحركة أحرار الشام الإسلامية وجود أي اتفاق لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية أمس واليوم، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية والأمم المتحدة.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد اقترحت وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية يومي 28 و 29 نوفمبر، فيما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، موافقة النظام السوري على هدنة في الغوطة الشرقية تستمر لمدة يومين.

وظلت طائرات النظام ومدفعيته، على مدى الأسبوعين الماضيين، تقصف المنطقة التي يقدر عدد من يعيشون فيها بنحو 400 ألف شخص. وأكدت تقارير بأن عشرات من النساء والأطفال من بين القتلى.

وخلال مطلع الأسبوع الجاري كثفت قوات النظام ضرباتها الجوية وقصفها للمنطقة مما أسفر عن مقتل 43 شخصًا على الأقل يومي الأحد والاثنين. وقالت وسائل إعلام إن 13 قذيفة سقطت على مناطق خاضعة لسيطرة النظام في دمشق الاثنين.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن مئات الأشخاص أصيبوا في قصف مكثف على الغوطة الشرقية خلال الأسبوعين الماضيين. فيما دخلت قافلة أممية تحمل كمية محدودة من المساعدات الغذائية والطبية أمس الثلاثاء الى الغوطة.

وتطابقت عدة تقارير ميدانية في احصاء أنه خلال أقل من أسبوعين قتل ما لا يقل عن 150 مدنيًا جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي، وناهز عدد القتلى منذ الأحد الماضي الخمسين قتيلاً، سقط كثير منهم في بلدات مسرابا ودوما ومديرا.

وما زالت المنطقة محاصرة منذ سنوات، وسط معلومات عن دخول بعض المساعدات، وهي تعد آخر منطقة يسيطر عليها المعارضون المسلحون حول العاصمة.

نفي المعارضة المسلحة 

وقال المتحدث الرسمي باسم حركة أحرار الشام الإسلامية في الغوطة الشرقية، منذر فارس، في تصريحات متفرقة لبعض مواقع المعارضة السورية "لم يتواصل معنا أحد بهذا الخصوص".

واعتبر أنه "دائماً روسيا تفرض هكذا هدن، عندما تشعر أن ميليشيات الأسد بخطر وتخسر مناطق، فتطلق هذه الهدن لمساندة النظام وإيقاف تقدم الثوار"، وأشار الى استمرارهم في المعركة.

كما أكد المتحدث باسم فيلق الرحمن وائل علوان أنه لم يتواصل معهم أحد بخصوص الهدنة، واصفاً الإعلان الروسي بالمخجل، وبأنه إعلان من طرف واحد.

وقال علوان إن وقف إطلاق النار كان من المفترض أن يكون شاملاً وفورياً ومتضمناً لفتح المعابر، وإدخال كافة المواد التجارية والمساعدات الإنسانية منذ 18 أغسطس الماضي، بعد توقيع الاتفاقيات الثنائية وقبلها استحقاقات مناطق خفض التصعيد.

وتساءل علوان "ماذا بعد هذين اليومين؟" وأضاف: "هل سيعطى الإذن مجدداً للنظام السوري لارتكاب أبشع المجازر وقصف الغوطة الشرقية بالأسلحة المحرمة دولياً"؟

واعتبر أنه لا توجد لدى روسيا أية جدية أو مصداقية في دعم المسار السياسي، بل اعتبرهم أنهم"مستمرون في دعم نظام الأسد في ارتكاب المجازر وقتل السوريين". وشدد على أنه لا تزال الدماء موجودة في أسواق وشوارع وساحات ريف دمشق في دوما، وعين ترما، ومسرابا، ومديرا، وكفربطنا، وعربين، وسقبا.

واعتبر أيضا أن هذا الإعلان المتزامن مع الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف يأتي لإسكات صوت الثورة السورية، والتغطية على الجرائم المرتكبة بحق السوريين الأبرياء.

وكانت قوات النظام السوري تكبدت خسائر في إدارة المركبات بحرستا، وتحدث ناشطون محليون أن معركة "بأنهم ظُلموا" التي أطلقتها حركة أحرار الشام وساندها فيلق الرحمن في إدارة المركبات أربكت كل حسابات النظام السوري، لما لها من انعكاسات على الوضع العسكري في الغوطة الشرقية.

وأعلنت غرفة عمليات "بأنهم ظُلموا" أكثر من مرة مقتل عدد من عناصر قوات النظام السوري وجرح آخرين، أثناء صد محاولات تقدم جديدة داخل إدارة المركبات العسكرية في حرستا قرب دمشق.

إعلان الأمم المتحدة 

وكانت الأمم المتحدة قالت إن الحكومة السورية وافقت على وقف لإطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية. وقال مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في وقت لاحق إن روسيا أبلغته أن الحكومة السورية قبلت الفكرة، لكنه أضاف "علينا أن نرى إن كان ذلك سيحدث".

ويأتي هذا في الوقت الذي تعقد فيها جولة من مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة والتي بدأت في جنيف التي وصل اليها وفد المعارضة. وقالت وكالة سانا للأنباء إن وفد الحكومة سيصل اليوم للمشاركة في المحادثات بعد أن أعلن عن إرجائه الحضور وبعد ضغوط دولية لاستقدامه.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، إن ثلاثة أشخاص قتلوا في قصف للمنطقة الثلاثاء قبل وقت قصير من إعلان مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، ستيفان دي ميستورا، موافقة الحكومة على الهدنة.

معاناة المدنيين 

ويعاني المحاصرون في الغوطة الشرقية من شح كبير في الغذاء والدواء، وتفاقمت الأوضاع مؤخرًا مع تزايد وفيات الأطفال جراء سوء التغذية، كما أن المنطقة تتعرض منذ أسابيع لقصف عنيف من قوات النظام السوري والطيران الروسي.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تغريدة إن فرق الإغاثة أوصلت إمدادات غذائية وصحية لنحو 72 ألف شخص في الغوطة الشرقية، ودخلتها من النشابية على الجهة المقابلة.

والغوطة الشرقية أصلا هي إحدى مناطق "خفض التوتر" في غرب سوريا، حيث توسطت روسيا في اتفاقات لوقف إطلاق النار بين المعارضة ونظام الأسد لكن القتال بقي مستمراً هناك.

وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ليندا توم في تغريدة على تويتر، "إن القافلة دخلت بلدة النشابية لتسليم مواد صحية وغذائية سيتم توزيعها على 7200 شخص".

وأضافت أن شحنة المساعدات التي دخلت الغوطة الشرقية تحتوي على أدوية لمكافحة سوء التغذية لكنها لا تضم معدات جراحية. وقال ناشطون إن القافلة مؤلفة من تسع شاحنات، ودخلت من معبر الوافدين، مشيرة إلى أن المساعدات ستوزع على بلدات منطقة المرح، ومنها بلدة النشابية.

ورغم المناشدات من الأمم المتحدة ومنظمات دولية، لم يسمح النظام السوري سوى بكميات محدودة من المساعدات لسكان الغوطة الشرقية الذين اضطروا إلى بدائل غذائية مختلفة ويسعى النظام منذ العام 2012 إلى إخضاع المنطقة وانتزاعها من المعارضة السورية المسلحة.