إيلاف من القاهرة: يناقش مجلس النواب مشروع قانون يجرم ظاهرة "الإلحاد" في مصر؛ نظرًا لمخالفتها نصوصًا شرعية قطعية الدلالة، حيث قدم النائب الدكتور عمر حمروش، أمين اللجنة الدينية بمجلس النواب، مشروع قانون جديداً، يطالب بتجريم ظاهرة "الإلحاد" التي انتشرت مؤخرًا على الساحة المصرية بشكل ملحوظ خصوصًا بين شريحة الشباب وصغار السن، مؤكدًا على أن تلك الحجج والدوافع غير سليمة وغير مبررة على الإطلاق، وعلى الدولة أن تكثف جهودها لمواجهة تفشي هذا الأمر، وطالب عضو مجلس النواب ، بضرورة معاملة ظاهرة الإلحاد كجريمة ازدراء الأديان، حيث أن مجتمع الملحدين لا توجد لديهم عقيدة ولا يؤمنون بإله ، كما يعملون على إهانة جميع الأديان السماوية ورموزها وشعائرها ولا يضعون لها وزنًا ولا قيمة ولا يعترفون بها.
وأكد الدكتور عمر حمروش في تصريحات له، أنه لا يوجد في الدستور والقانون ما يمنع من وضع قانون من أجل تجريم ظاهرة الإلحاد التي تدمر المجتمع وأيضًا تضره، وكذلك تضر الأديان السماوية وتهز هيبتها ، وسوف يكون مشروع القانون مندرجًا تحت أحد بنود ازدراء الأديان.
اهتمام عالمي
قانون تجريم ظاهرة "الإلحاد" في مصر كان محور اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية ، حيث ذكر موقع "الباب"_ الصادر بالإنجليزية_ أن البرلمان المصري يسعى لجعل "الإلحاد" جريمة يعاقب عليها القانون، مما اعتبره البعض جزءًا من خطة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخلاقية، والتي بدأ بالترويج لها بتجديد الخطاب الديني، في حين يرى الموقع أن النظام هدفه هو اللعب بعواطف المواطنين لكسب أصواتهم في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وكشف الموقع الإنجليزي، أنه في عام 2014 بعد حلف "السيسي" اليمين رئيسًا لمصر، أعلنت الحكومة أنها تعمل على وضع خطة وطنية لمواجهة "الإلحاد" والقضاء عليه.
وأشار التقرير، إلى أن النظام المصري يلعب بكارت الإلحاد لكسب صفوف الشعب لصالحه، وخاصة مع اقتراب ماراثون الانتخابات الرئاسية لعام 2018، وتابع قائلًا: "إن الأقليات الصغيرة نسبيًا مثل الملحدين هي هدف سهل للنظام، وتصويرها على أنها تهديد للأمة يساعد على تحويل الانتباه عن إخفاقات النظام".
كما رصد تقرير ألماني زيادة أعداد الملحدين في مصر خلال الآونة الأخيرة، مرجعًا الأسباب إلى زيادة الهجمات الإرهابية على الأقباط في مصر، وزيادة قمع السلطات للمتشددين الإسلاميين في البلاد، إلى جانب غضب الأقلية المسيحية في مصر..
وقال التقرير وفقاً لصحيفة "دي فيلت "الألمانية:" إنه كلما زاد قمع السلطات زادت أعداد الملحدين من الشباب، لافتًا إلى أن مصر شهدت خلال الأيام الأخيرة طفرة في أعداد الملحدين، وهو أمر يمثل مؤشرًا خطرًا على البلاد".
إحصائيات مخيفة
على الرغم من خطورة الإلحاد، إلا أنه لا توجد دراسة رسمية مصرية عن عدد الملحدين حتى الآن، لكن هناك دراسة أميركية صادرة عن مؤسسة "بورسن مارستلير" بنيويورك، كشفت أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى 3% من عدد السكان، أي أكثر من مليوني ملحد في 2013، كما كشف تقرير صادر عن محكمة الأسرة المصرية ، أن عدد دعاوى الطلاق القضائية التي تلقتها المحكمة بسبب "إلحاد الزوج أو تغيير العقيدة "بلغ 6500 قضية عام 2015، وهي آخر إحصائية تنشرها المحكمة في سجلاتها الرسمية، ووفقًا لتقرير عن دار الإفتاء المصرية، فإن الإلحاد في السنوات الأربع الماضية شهدت نشاطًا كبيرًا داخل مصر ، فسرعان ما ظهرت عشرات المواقع الإلكترونية على الإنترنت تدعو إلى الإلحاد، وتدافع عن الملحدين، وفي مقدمة هذه المواقع الإلكترونية "الملحدون المصريون" و"ملحدون بلا حدود" و"جماعة الإخوان الملحدين" ومجموعة "اللادينيين" و"ملحدون ضد الأديان"، كما ظهرت مواقع شخصية للملحدين جميعها بأسماء مستعارة ، فظهر "ملحد وأفتخر" و"ملحد مصري"، و"أنا ملحد".
واتهمت دار الإفتاء الجماعات الإرهابية، بدفع الشباب نحو الإلحاد، لافتًا إلى أن من أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد الخطاب الديني المتشدد الذي تصدره التيارات الإسلامية .
خطورة كبيرة
من جانبه، أوضح عباس شومان، وكيل الأزهر ، أن الأزهر أعلن منذ سنوات عن خطورة انتشار ظاهرة "الإلحاد" في مصر، بما يمثل ذلك من خطورة على الأمن القومي للبلاد ويؤدي إلى نشر الفتن بين الشباب .
وقال وكيل الأزهر لـ"إيلاف": "إن شيخ الأزهر طالب بضرورة حوار رجال الدين مع الشباب خوفًا من نشر الإلحاد بينهم، في ظل وجود تيارات دينية متشددة كانت سببًا مباشرًا في تفتيت العقيدة الدينية لدى الشباب".
مؤكدًا أن الأزهر يؤيد بشدة خروج مثل هذا القانون، بجانب التركيز على فكرة الحوار الديني بين علماء الدين والشباب المشتت في أفكاره، وهناك حملات أزهرية تجوب جميع محافظات مصر لمواجهة الإلحاد، والحد من انتشارهم داخل المجتمع.
جريمة كبرى
في السياق ذاته، أكد الدكتور عبد الغني سعد، أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر، أن الشريعة الإسلامية جرمت الإلحاد فالقرآن الكريم ذكر في سورة الحج "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد، كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير"، وبالتالي كل ملحد وراءه شيطان، أو شخص لديه قوة شيطانية، أو قوة خارقة للتأثير على من ليست لديه ثقافة دينية، أو وعي كامل بالدين.
وحمل الدكتور عبد الغني سعد، المؤسسات الدينية، مسؤولية نشر الإلحاد في مصر، بتجاهل القضية منذ سنوات رغم التحذير منها، وانشغلت المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر بمواجهة السلفيين والإخوان فقط، مما أعطى الفرصة للملحدين في الانتشار بين الشباب مستغلين وسائل التوصل الاجتماعي وحالة الفراغ الفكري والديني المنتشر بين الشباب حاليًا نتيجة البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن .
وأكد أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، لـ"إيلاف"، أن القانون الجديد المقترح من قبل نواب البرلمان سيساعد كثيرًا في الحد من تزايد أعداد الملحدين، والذي وصل تعدادهم وفقًا لبعض التقارير إلى ثلاث ملايين فرد، وهذا رقم خطير جدًا في بلد الأزهر، والقانون المقترح الجديد لا يتعارض مع حرية العقيدة للشخص، ولكنها جريمة تعامل مثل جريمة ازدراء الأديان.
التعليقات