بروكسل: تحيي بلجيكا هذا الأسبوع الذكرى السنوية الأولى لتفجيرات استهدفت المطار ومحطة قطارات في بروكسل عبر مراسم تهدف إلى إظهار أن قلب أوروبا لا يزال نابضًا رغم أسوأ هجمات تعرضت لها عاصمة الاتحاد الأوروبي في تاريخها.

وسيدوي التصفيق خلال "دقيقة ضجيج" الأربعاء، فيما ستتوقف شبكة القطارات والحافلات لاستذكار 32 شخصا قتلوا وأكثر من 320 أصيبوا في الاعتداءات التي تبناها تنظيم داعش.

ولا تزال بلجيكا في حالة تأهب قصوى حيث تجول دوريات الجيش في طرقات المدينة بعد مرور عام على التفجيرات التي تشير التحقيقات إلى ارتباط منفذيها بالخلية التي خططت للهجمات الدامية التي ضربت باريس في نوفمبر عام 2015. 

وكان وزير الداخلية البلجيكي يان هامبون قال لوكالة فرانس برس إن "بلدنا بات أكثر أمنا الآن." إلا أنه حذر من خطر عودة الجهاديين الذين خاضوا معارك في سوريا. 

تبدأ المراسم في مطار زافنتم حيث سيتقدم الملك فيليب والملكة ماتيلد أفراد عائلات الضحايا والمنقذين في تجمع لتكريم ذكرى 16 شخصا قتلوا في المكان بتفجيرين انتحاريين نفذهما ابراهيم البكراوي ونجم العشراوي في تمام الساعة 7,58 صباحا في 22 مارس عام 2016.

وسيستقل الملك والملكة بعد ذلك القطار إلى محطة مترو مالبيك الواقعة قرب مقر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث قام شقيق بكراوي، خالد، بتفجير نفسه في قطار مزدحم تمام الساعة 9,11 صباحا، ما أدى إلى مقتل 16 شخصا آخرين. 

دقيقة ضجيج
بخلاف التقاليد السائدة، سيشارك العاملون في شبكة المترو في "دقيقة ضجيج" بدلا من دقيقة صمت، حيث سيدعون مستخدمي القطارات خلالها للانضمام إليهم "ليظهروا بأنهم لا ينسون، ولكنهم سيبقون واقفين في وجه الكراهية والإرهاب،" وفق بيان أصدرته شركة المواصلات العامة في بروكسل، "ستيب".

وأخيرا، سيزيح الملك والملكة الستارة عن نصب تذكاري منحني الشكل مصنوع من الفولاذ في ساحة روبرت شومان القريبة من المكان والمحاطة بمؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 

الصدمة التي خلفتها الهجمات ادت الى اتهام بتحولها إلى "دولة فاشلة" غير قادرة على تتبع الخلية المرتبطة بتنظيم داعش التي خططت لتفجيرات بروكسل واعتداءات باريس التي أسفرت عن 130 قتيلا. 

وتوجهت أنظار وسائل الإعلام العالمية إلى حي مولنبيك في العاصمة الذي تقطنه غالبية من المسلمين وحيث عاش معظم المهاجمين، فيما برزت أسئلة عديدة عما اذا كانت الانقسامات العميقة بين المجتمعات المتحدثة بالفرنسية والهولندية هي التي أدت إلى عدم قدرة السلطات على كشف تنامي النزعة المتطرفة. 

وفي 18 مارس من العام الماضي، دهمت الشرطة حي مولنبيك حيث أطلقت النار على المهاجم المتورط في اعتداءات باريس صلاح عبد السلام، وتمكنت من اعتقاله بعد أربعة أشهر من وقوع اعتداءات باريس، ما طرح تساؤلات عدة حول تمكنه من الفرار إلى بلجيكا بعد الهجمات والبقاء فيها طوال هذه المدة بدون علم السلطات. 

على ما يبدو، أثار اعتقاله الذعر في أوساط باقي أعضاء الخلية ما دفعهم إلى تغيير خططهم. وبدلا من شن هجوم جديد على فرنسا، قاموا بمهاجمة المطار والمترو في بروكسل بعد أربعة أيام فقط، وفقا لما توصلت إليه التحقيقات. وبعد نحو شهر من وقوع الاعتداءات، تمكنت السلطات من اعتقال المهاجم الثالث المدعو محمد عبريني، الذي فشل في تفجير نفسه، وسط بروكسل. 

وارتبط جميع المشتبه بهم بخلية لتنظيم داعش يقودها عبد الحميد أباعود، وهو مواطن بلجيكي من أصل مغربي كان قد قاتل في سوريا. وتم الإعلان لاحقا أن العشراوي هو المسؤول عن صنع القنابل التي استخدمت في اعتداءات باريس. 

اجراءات مشددة
بعد مرور عام، لا يزال جنود يحملون بنادق ويستقلون عربات عسكرية يحرسون المعالم الرئيسة في المدن ومواقع أخرى يمكن أن تتعرض لاعتداءات، مثل المعابد اليهودية، فيما تبقى بلجيكا على ثاني أعلى درجة من التأهب. كما تم تعزيز قوانين مكافحة الإرهاب فيما لا تزال الشرطة تقوم بعمليات دهم للقبض على أشخاص قد تكون لديهم ارتباطات بتحقيقات باريس وبروكسل. 

في هذا السياق، أشار هامبون إلى أن "ديموقراطيات أخرى" لم تتمكن كذلك من منع حدوث اعتداءات، ملمحا إلى أن انتقاد بلجيكا تحديدا غير منصف في وقت دفعت البلاد الثمن. وتعرضت فرنسا إلى هجمات إرهابية أخرى، ابرزها عملية دهس بشاحنة في مدينة نيس الساحلية أسفرت عن 86 قتيلا في يوليو الماضي.

وفيما تصر بلجيكا على إعطاء صورة عن نفسها أنها لا تزال قوية، لم تندمل بعد جروح الضحايا. فقد اعترفت الدولة رسميا بوجود ما يقارب 900 شخص ينظر إليهم على أنهم ضحايا، بينهم المفجوعون والمصابون والذين يعانون صدمة نفسية، وهو ما يشكل تحديا جديدا لبروكسل. في هذه الأثناء، يقبع تسعة أشخاص خلف القضبان، بينهم عبريني، فيما لا يتوقع أن تبدأ محاكمتهم قبل سنوات.