«إيلاف» من القاهرة: يتعرض الأقباط في مصر للاستهداف من قبل التنظيمات الإرهابية، منذ إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو 2013. وأعربت الأغلبية من قراء "إيلاف" عن اعتقادها أن هذا الاستهداف يأتي نتيجة لتقصير الجهات الأمنية بمصر في حماية المسيحيين.

رغم أن منع العمليات الإرهابية، لاسيما الانتحارية منها، يعتبر من المستحيل، ورغم أن الجيش المصري يرد بقوة، على عمليات استهداف الأقباط، إلا أن غالبية قراء "إيلاف" يعتقدون أن هناك تقصيرًا أمنيًا في حماية المسيحيين المصريين.

بتاريخ 26 مايو الماضي، تعرض 28 مصريًا مسيحيًا للقتل على أيدي عناصر مسلحة ينتمون إلى تنظيم داعش في محافظة المنيا، وطرحت "إيلاف" السؤال التالي على قرّائها: " هل تبذل مصر جهودًا كافية لحماية الأقباط؟ وخيّرتهم بين "نعم" و"لا".

شارك الآلاف من القراء في الاستفتاء، ومالت الأغلبية من القرّاء وتقدر بنسبة 76 بالمائة إلى الاعتقاد بأن هناك تقصيرًا أمنيًا في حماية الأقباط.

بينما ترى الأقلية وتقدر بنسبة 24 بالمائة أن مصر تبذل جهودًا واضحة في حماية مواطنيها، ولاسيما المسيحيين منهم.

وفي المقابل، يرى الأقباط في مصر، أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة في حمايتهم، لكن لا أحد يمكنه منع العمليات الانتحارية أو السيطرة بشكل كامل على تحركات العناصر الإرهابية، لاسيما أنها مدعومة من الخارج، وتلقى دعمًا من جماعات أخرى في الداخل.

ويرفض رأس الكنيسة الأرثوذكسية، البابا تواضروس، تحميل الأمن المصري مسؤولية التقصير في الأحداث الإرهابية الأخيرة. وقال البابا في تصريحات له، إنه لا يوجد تقصير من وزارة الداخلية في حماية الكنائس، مشيرًا إلى أنها تضطلع بمهام ومسؤوليات كبيرة ومتعددة لحفظ الأمن في جميع البقاع المصرية.

ودعا البابا الأقباط إلى تحمل مسؤولية حماية كنائسهم من الداخل، مشيرًا إلى أن مجموعة الكشافة تتولى مسؤولية النظام في احتفالات الكنائس، داعيًا إلى إضافة مهمة تأمين الكنائس من الداخل إلى الكشافة ومسؤولية الأمن خارج الكنائس.

الإرهاب يستهدف جميع المصريين

وقال نجيب جبرائيل، الناشط في الدفاع عن حقوق الأقباط، إن الإرهاب يستهدف جميع المصريين، وليس الأقباط فقط، لكنه حمل الأمن في محافظة المنيا "المسؤولية الكاملة عن حادث أتوبيس الأقباط، الذي راح ضحيته 26 شخصًا و25 مصابًا".

وأضاف في تصريحات لـ"إيلاف" أنه "لا يمكن السكوت عمّا يحدث للأقباط إذ أنه في أقل من خمسة أشهر أكثر من مائة شهيد من أقباط مصر في أحداث البطرسية وطنطا والإسكندرية وآخرها المنيا"، مطالبًا الرئيس السيسي بالتدخل فورًا لوقف نزيف دماء الأقباط، على حد تعبيره.

بينما تحمل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، "أجهزة الدولة مسؤولية تكرار هذه الأحداث خلال الأشهر القليلة الماضية".

وقالت في تقرير لها عن العنف ضد الأقباط، في أعقاب مقتل 28 مسيحيًا بالرصاص يوم 26 مايو الماضي، إن "الاعتداءات الأخيرة التي طالت الأقباط لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق الأوسع المتسم بتنامي العنف الطائفي بأشكاله المختلفة، وتنامي نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة والمسلحة وانتشارها عبر محافظات مصر المختلفة، والفشل الرسمي في توفير الحماية اللازمة المقرَّة دستوريًّا وقانونيًّا ودوليًّا للأقباط الذين يواجهون هذا التهديد المباشر، على الرغم من توفر سبل تلك الحماية في مكنة أجهزة الدولة".

داعش وراء عمليات تفجير الكنائس

وأضافت المبادرة المصرية أن "نمط استهداف المسيحيين بالقتل العمد بسبب معتقداتهم الدينية قد تزايد بصورة خطرة خلال الفترة الأخيرة"، وطالبت بـ"إستراتيجية واضحة لمواجهة استهداف المواطنين الأقباط، تهدف في المقام الأول إلى حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم من خلال تطبيق القانون ورفع كفاءة أجهزة الدولة خصوصًا الأمنية للتعامل مع مثل هذه الاعتداءات وإقرار مبادئ المحاسبة والشفافية التي تسمح بضبط الأداء الأمني وتصويب مساره، وذلك بالتزامن مع وضع إستراتيجية شاملة للتعامل مع المناخ الداعم للتطرف والاعتداءات والفرز الطائفي"، على تعبير المبادرة.

منذ تدخل الجيش بقيادة وزير الدفاع ـ أنذاك ـ عبد الفتاح السيسي، وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، يتعرض الأقباط للاستهداف المسلح، ويعلن تنظيم "داعش" الإرهابي أنه من يقف وراء عمليات تفجير الكنائس وقتل الأقباط.

في 15 فبراير من العام 2015، بث تنظيم ما يعرف بـ"داعش" مقطع فيديو يظهر عملية نحر 21 مصريًا مسيحيًا على شواطئ ليبيا، وقال إن العملية جاءت ردًا على قتل المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وقال قائد المجموعة الإرهابية التي ذبحت الأقباط: "سنفتح روما بإذن الله، وعد نبينا صلى الله عليه وسلم، واليوم نحن في جنوب روما في أرض الإسلام ليبيا، نرسل رسالة أخرى أيها الصليبيون إن الأمان لكم أماني لاسيما أنكم تقاتلونا كافة فسنقاتلكم كافة حتى تضع الحرب أوزارها".

ورد الجيش المصري يتنفيذ ثماني طلعات جوية، وقصف الطيران مواقع تابعة للجماعات الإرهابية في ليبيا، ثأرًا للمصريين.

وفي 11 ديسمبر من العام 2016، وتزامنًا مع الاحتفال بمولد النبي محمد، فجر انتحاري نفسه في الكنيسة البطرسية بالقاهرة على بعد أمتار من الكاتدرائية الأرثوذكسية، وقتل نحو 28 مسيحيًا، أثناء الصلاة، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

وفي 9 أبريل الماضي، وبينما يقيم المسيحيون قداس أحد السعف، فجر انتحاري نفسه في كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا، وقتل 30 شخصًا، وأصيب العشرات. وبعد دقائق فجر انتحاري آخر نفسه في الكنيسة المرقسية بمدينة الإسكندرية أثناء وجود البابا تواضروس بداخلها، أثناء صلاة أحد السعف، وقتل 17 شخصًا آخر، ليرتفع عدد القتلى في التفجيرين إلى 47 شخصًا، وإصابة نحو 125 آخرين.

وبتاريخ 26 مايو الماضي، قتل 28 قبطيًا بالرصاص، أثناء ذهابهم في رحلة إلى دير الأنبا صموئيل بمحافظة المنيا. وأعلن تنظيم ما يعرف بـ"داعش" مسؤوليته عن العمليات بحق المسيحيين. ورد الجيش المصري بقصف مواقع تابعة للجماعات المسلحة في مدينة درنة الليبية.

ويستهدف تنظيم ما يعرف بـ"داعش" الأقباط، ويعتبرهم "الصيد المفضل"، وقال في تهديدات له: وقال التنظيم في مقطع فيديو يظهر فيه الانتحاري أبو عبد الله المصري، الذي فجّر الكنيسة البطرسية في القاهرة، في 11 يناير الماضي، وقتل 29 قبطيًا: "أبشروا أيها الموحدون، لا تهنوا ولا تحزنوا، والله قريبًا قريبًا سنُحرر القاهرة، ونأتي لفكاك أسراكم، ونأتي بالمفخخات، والله سنأتي بالمفخخات، أبشروا يا عباد الله".

وظهر أبو عبد الله ملثمًا، في مقطع فيديو مدته 20 دقيقة، ودعا المسلحين في أنحاء العالم إلى تحرير الإسلاميين المعتقلين في مصر، بينما ظهر شخص آخر، هدد الأقباط في مصر، وقال: "يا أيها الصليبيون في مصر هذه العملية التي ضربتكم في معبدكم هي الأولى فقط، وبعدها عمليات إن شاء الله، وإنكم لهدفنا الأول وصيدنا المفضل، ولهيب حربنا لن يقتصر عليكم، والخبر ما سترون لا ما ستسمعون".