لندن: يصح على بريطانيا اليوم قول عنترة بن شداد "وفي الليلة الظلماء يُفتَقَد البدر". والبدر المفتَقَد هنا هو ونستون تشرتشل، الذي استعارت تيريزا ماي عبارة "إلى الأمام معًا" من أول خطاب ألقاه في مجلس العموم بعد توليه رئاسة الحكومة في عام 1940، لتكون عنوان برنامج حزبها الانتخابي.

على جانبي السجال
يقول مؤيدو زعيم حزب العمال جريمي كوربن إن الجماهير التي حضرت اجتماعات الحزب الانتخابية كانت بحجم الجماهير التي كان يستدرجها تشرتشل للاستماع إليه. ويستطيع الديمقراطيون الأحرار أن يختاروا وضع صورة تشرشل على بطاقة العضوية في حزبهم على الرغم من أنه أمضى الشطر الأعظم من حياته السياسية ممثلًا لحزب المحافظين.

كان تشرتشل يُستحضَر على جانبي السجال بين معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي ومعسكر البقاء. فبوريس جونسون، وزير الخارجية وكاتب سيرة حياة تشرتشل التي أُدرجت على قائمة أكثر الكتب مبيعًا، ذهب إلى أن تشرتشل كان سيؤيد بريكسيت "بكل تأكيد"، في حين أن رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون أشار إلى أن تشرتشل كان متحمسًا لوحدة أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، مصنفًا الزعيم التاريخي البريطاني ضمن معسكر "البقاء".

واتهم غاي فيرهوفشتادت، كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي في بريكسيت، دعاة الخروج من الاتحاد الأوروبي بخيانة إُرث تشرتشل.

انعكس هذا الهوس الجديد في الثقافة الشعبية، كما تلاحظ مجلة إيكونوميست، لافتة إلى ظهور تشرتشل في أعمال تلفزيونية وسينمائية أكثر من أي وقت مضى، بينها مسلسلات تتناول مراحل مختلفة من حياته خلال الحرب وبعدها.

ليس سهلًا
في هذه الأجواء يُطلق فيلم "تشرتشل"، أحدث الأعمال السينمائية عن حياته، في بريطانيا يوم 16 يونيو الجاري. ويتابع الفيلم رئيس الوزراء في صداماته مع القادة العسكريين لقوات الحلفاء خلال الفترة التي سبقت إنزال نورماندي.

يتضمن الفيلم الذي يتسم بكيل المديح على تشرتشل عبارات شهيرة قالها الزعيم التاريخي البريطاني مثل: "ها أنا أنقذتُ الحرب لتوي!"، و"أن يكون المرء قائدًا ليس بالأمر السهل".

هناك الكثير من مثل هذه الدرر في فيلم "أحلك ساعة" الذي يركز على محادثات السلام مع ألمانيا النازية في عام 1940، ومن المقرر إطلاقه في مطلع عام 2018. ولا شك في أن تشرتشل سيكون حاضرًا خلال مفاوضات بريكسيت، لكن ربما يكون تأثيره لاذعًا أكثر منه ملهمًا.

حين سمع الجنرال شارل ديغول، النظير الفرنسي لتشرتشل، بوفاة رجل الدولة الكبير، قال: "لم تعد بريطانيا قوة كبرى". وإذ تبدأ بريطانيا التزاحم على إيجاد موقع جديد لها في العالم من دون يد ثابتة على الدفة، ستصبح حقيقة ما قاله ديغول واضحة بشكل مؤلم، على حد تعبير إيكونوميست.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن مجلة "إيكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
http://www.economist.com/news/britain/21723357-odds-europe-britain-pines-strong-and-stable-leader-resurrection-winston