باماكو: التقى قادة دول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد) بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد في باماكو لتحقيق مشروع القوة الاقليمية المشتركة لمكافحة المجموعات الجهادية. 

ووصل الرئيس الفرنسي ليلا وانضمّ إلى الرئيس الحالي لمجموعة الخمس رئيس مالي إبراهيم بوبكر كيتا الذي كان استقبل السبت إدريس ديبي ايتنو (التشاد)، ومحمد عبد العزيز (موريتانيا)، روك مارك كريستيان كابوري (بوركينا فاسو) ومحمدو إيسوفو (النيجر).

ووعد ماكرون، ضيف شرق القمة، الاحد بتقديم مساعدة مالية وعسكرية لقوة مجموعة دول الساحل الخمس لكنه حضها اظهار مزيد من الفاعلية في التصدي للمتطرفين الاسلاميين.

واوضح في افتتاح القمة ان باريس ستقدم 70 عربة فضلا عن دعم عملاني قائلا "في المستوى العسكري نقدم جهدا تفوق قيمته ثمانية ملايين يورو حتى نهاية العام" للمشروع الذي اطلق عليه "التحالف من اجل الساحل".

كما عبر عن الامل في ان يتم اثر اجتماعه بالمستشارة الالمانية انغيلا ميركل في 13 تموز/يوليو من "الاعلان عن تعهدات مشتركة حيال هذا التحالف".

لكن الرئيس الفرنسي شدد امام قادة دول الساحل على انه "لضمان دعم مستدام سيكون عليكم وعلى جيوشكم ان تقنع بان مجموعة دول الساحل الخمس يمكن ان تكون فاعلة في نطاق احترام الاتفاقيات الانسانية (..) يجب ان تكون هناك نتائج لاقناع شركائنا".

كما دعاهم الى تنفيذ "اصلاحات مؤسساتية وجهود في مستوى الحوكمة تطالب بها شعوبكم".

وتهدف القمة إلى مكافحة الهجمات الجهادية التي تستهدف مالي والدول المجاورة، وملاحقة منفذيها عبر الحدود، على أن تكون القوة المشتركة جاهزة ميدانيا قبل نهاية العام.

وفي خطوة تحدّ جديدة لقادة المنطقة، نشر التحالف الجهادي الرئيسي في الساحل المرتبط بتنظيم القاعدة السبت، عشية قمة الدول الخمس، شريط فيديو يظهر ستة رهائن أجانب اختطفوا في مالي وبوركينا فاسو بين 2011 و2017 وهم من فرنسا وكولومبيا واستراليا وجنوب إفريقيا ورومانيا وسويسرا.

وستنتشر هذه القوة في البداية على حدود مالي وبوركينا فاسو والنيجر لتنضمّ في وقت لاحق إلى قوة برخان الفرنسية التي تطارد الجهاديين في دول الساحل، وبعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما).

وأعيد تحريك مشروع إنشاء قوة إقليمية مشتركة مدعومة من باريس في 6 شباط/فبراير 2017 خلال قمة عُقدت في باماكو. ومن المقرر أن تضمّ في بدء عملياتها خمسة آلاف عنصر من الدول الخمس التي تطمح إلى مضاعفة العدد في وقت لاحق.

وأكد قائد القوة المشتركة رئيس أركان الجيش المالي سابقا الجنرال ديدييه داكو أن "مركز قيادة هذه القوة سيكون في سيفاري" بوسط مالي.

مساهمات أوروبية أولى

وعد الاتحاد الاوروبي بتقديم 50 مليون يورو، إلا أن مثل هذه القوة تحتاج إلى 400 مليون يورو بحسب الخبراء. وأكد مصدر في الوفد الموريتاني لوكالة فرانس برس أن ميزانية القوة تقارب 500 مليون يورو.

وتأمل فرنسا التي تعاني من عجز كبير في الميزانية يحتم عليها تقليص نفقاتها، في أن تقدم دول أخرى من الاتحاد الأوروبي دعما للقوة المشتركة، مشددة على أن الالتزام العسكري الفرنسي في الساحل يحمي أوروبا برمتها.

وقال قصر الإليزيه إن فرنسا تعول خصوصا على ألمانيا وهولندا وبلجيكا، وتأمل في "دعم ملموس" من الولايات المتحدة الحاضرة عسكريا من خلال تسيير طائرات بدون طيار من النيجر.

ورحّب مجلس الأمن في الأمم المتحدة بنشر هذه القوة في قرار اصدره في 21 حزيران/يونيو الماضي، لكن من دون أن ينص على أي تفويض أو تخصيص أموال.

ومن المتوقع بالتالي أن يوجه ماكرون مع الدول الخمس نداءً للمطالبة بمساهمات دولية.

ومسألة التمويل حساسة خصوصا وان الرئيس التشادي هدد بالانسحاب من العمليات العسكرية في افريقيا لأسباب مالية داخلية، علما أن بلاده ملتزمة عسكريا مع "مينوسما" ومع القوات المتعددة الجنسيات ضد جماعة بوكو حرام الإسلامية النيجيرية.

ولإستكمال الشق العسكري، يجتمع ممثلو القضاء في الدول الخمس هذا الأسبوع لتنفيذ اتفاقية تعاون أبرمت في أيار/مايو 2017 بين النيجر وتشاد ومالي.

ومالي في حالة طوارئ منذ الهجوم الجهادي على فندق راديسون بلو في باماكو في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 الذي أسفر عن مقتل عشرين شخصا اضافة الى منفذي الهجوم الاثنين.

وفي 18 يونيو المنصرم، قُتل 5 أشخاص في هجوم على موقع سياحي قرب باماكو، بالإضافة إلى مقتل 4 من منفذي الهجوم.

وسقط شمال مالي في مارس - ابريل 2012 في قبضة مجموعات جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة. وطرد القسم الاكبر منها بعد تدخل عسكري دولي في كانون الثاني/يناير 2013 بمبادرة من فرنسا.

لكن مناطق بكاملها لا تزال خارجة عن سيطرة القوات المالية والاجنبية التي تتعرض بشكل متواصل لهجمات دامية، رغم توقيع اتفاق سلام في ايار/مايو-حزيران/يونيو 2015 كان يفترض ان يؤدي الى عزل الجهاديين نهائيا.

ومنذ العام 2015، توسّعت هذه الهجمات لتستهدف وسط وجنوب مالي، كما وصلت إلى الدول المجاورة.