واشنطن: بعد اكثر من عام على تعرض 24 دبلوماسيا اميركيا وعائلاتهم لهجوم غامض في هافانا، ما زالت الولايات المتحدة عاجزة عن تفسير ما حدث، لكن الامر الواضح الوحيد هو ان واشنطن تحمل كوبا المسؤولية.

وعرقلت هذه القضية كل محاولة للمضي قدما في الانفراج الهش بين الدولتين المتعاديتين منذ الحرب الباردة اللتين اعيد فتح السفارات بينهما وتبادلتا السفراء في 2015 للمرة الاولى منذ 1961.

 لكن مع استمرار ضغط واشنطن على هافانا للتحرك، يبدو ان هناك امرا بالغ الاهمية مفقودا في القضية، وهو ان المسؤولين الاميركيين لا يعرفون بكل بساطة من او ماذا وراء اصابة دبلوماسييها باعراض تشبه صدمة دماغية.

وقال مسؤولون في جلسة استماع امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في واشنطن الثلاثاء ان الادارة الاميركية ستشكل لجنة لدراسة رد فعل وزارة خارجيتها على الهجمات على دبلوماسيين وعائلاتهم في كوبا.

هجمات صوتية؟

تصاعدت الضغوط في الاشهر الاخيرة على وزارة الخارجية لتشكيل لجنة تكلف معرفة كيف جرت التحقيقات في هذه الهجمات التي ادت الى اصابة 24 دبلوماسيا يعملون في هافانا بالصمم واضطرابات في الادراك وفي النوم، ولم يعرف مصدرها.

وكانت السلطات الاميركية تحدثت عن هجمات صوتية لكن وسائل اعلام اميركية قالت ان مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) لم يتمكن من تأكيد اسباب هذه المشاكل.

واكد مسؤولون في وزارة الخارجية مثلوا امام لجنة في مجلس الشيوخ ان المؤشرات تدل مع ذلك على حدوث هجوم. واوضحوا ان وزير الخارجية ريكس تيلرسون قرر في كانون الاول/ديسمبر الماضي تشكيل هذه اللجنة للتحقيق في رد فعل وزارة الخارجية وكان ينوي ابلاغ الكونغرس بتشكيلتها في الايام المقبلة.

وقال السناتور الجمهوري الكوبي الاصل ماركو روبيو خلال اجتماع لجنة الشؤون الخارجية ان "ما حدث لهؤلاء الناس نجم عن تكنولوجيا متطورة، وبصراحة متطورة الى درجة اننا لا نفهمها".

واكد مسؤولو وزارة الخارجية وروبيو انه نظرا لحجم شبكة المراقبة التي تملكها، لا يمكن لهافانا ان تدعي انها لا تعرف من ارتكب هذه الهجمات. وقال روبيو ان الحكومة الكوبية "لا تقول ذلك لانها (الهجمات) جاءت اما من مجموعات مستقلة داخل النظام او من بلد آخر".

"اتهامات لا اساس لها"

بعيد ذلك، قالت المسؤولة عن العلاقات مع الولايات المتحدة في وزارة الخارجية الكوبية جوزيفينا فيدال ان الحكومة الكوبية "لا تتحمل اي مسؤولية في هذه الهجمات على الصحة التي نقلها الدبلوماسيون الاميركيون".

 ودانت "الاتهامات التي لا اساس لها" و"ادعاءات اعضاء معادين لكوبا في مجلس الشيوخ" الاميركي، معبرة عن اسفها "للاجراءات غير المبررة" التي اتخذتها الحكومة الاميركية بعد خفض وجودها في هافانا وطردها 17 دبلوماسية كوبيا من واشنطن بعد كشف هذه القضية.

من جهته اكد تيلرسون انه سيحمي حق السرية الطبية لدبلوماسييه وانذر هافانا بانه سيحملها المسؤولية. وتقول واشنطن ان اول الهجمات يعود الى تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية وآخرها وقع في أغسطس 2017.

وقال مدير ادارة الخدمات الطبية في وزارة الخارجية الطبيب تشارلز روزنفارب لاعضاء اللجنة ان خطورة واشكال العوارض للدبلوماسيين متنوعة لكنها كلها تذهب في اتجاه صدمة دماغية.

واضاف ان بعض الدبلوماسيين شفوا من العوارض الاكثر خطورة، لكنه اكد انه من المبكر جدا تحديد ما اذا كان آخرون سيعانون من آثار دائمة. وقال "وصفوا لنا عددا من الوقائع: صوت حاد صوت يسبب الشلل احساس يشبه ذلك الذي نشعر به عندما نقود السيارة ونترك النافذة مفتوحة او ضغط كبير على احدى الاذنين".

واوضح روزنفارب ان السابقة الوحيدة التي يعرفها في هذا المجال تعود الى الحرب الباردة عندما اصيب دبلوماسيون اميركيون باجهزة بث روسية ترسل موجات صغرية".

ولكن مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية الاميركية فرانشيسكو بالمييري رفض ان يقول ما اذا كان تم تحميل موسكو مسؤولية الهجمات. واكد ان "هناك تاريخا طويلا وسوابق لمضايقة دبلوماسيين في هافانا"، قبل ان يؤكد ان "كوبا مسؤولة على كل حال لان من واجبها ضمان امن كل الدبلوماسيين الاجانب على اراضيها".