إيلاف: أعلن الجيش السوري الأحد تقدمه على أكثر من جبهة في الغوطة الشرقية المحاصرة التي تتعرض منذ أكثر من أسبوعين لحملة قصف عنيف، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

ونقلت سانا عن مصدر عسكري أن "وحدات الجيش تقدمت على أكثر من اتجاه وطهرت العديد من المزارع والبلدات باتجاه حرستا (غرب) ودوما"، مؤكداً السيطرة على عدد من البلدات في الجبهة الشرقية للغوطة، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق.

وأوضح المصدر أن الجيش السوري قام "خلال اليومين الماضيين، وخارج أوقات التهدئة المحددة، بتوجيه ضربات بالنار والقوات على مقار ومناطق وجود الارهابيين فى الغوطة الشرقية"، مشيراً إلى استعادة السيطرة على بلدات وقرى بينها أوتايا والنشابية وحزرما في شرق وجنوب شرق الغوطة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن استعادة قوات النظام السيطرة على عشرة في المئة من مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية. ومنذ 18 فبراير الماضي، بدأت القوات السورية حملة قصف عنيف بالغارات والصواريخ والمدافع ضد الغوطة الشرقية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 650 مدنياً وإصابة أكثر من 3600 آخرين بجروح، وفق حصيلة للمرصد السوري.

تسري منذ الثلاثاء يومياً بين التاسعة صباحاً (07,00 ت غ) والثانية بعد الظهر هدنة أعلنت عنها روسيا. ويُفتح خلالها "ممر انساني" عند معبر الوافدين، الواقع في شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين. وتراجعت وتيرة القصف منذ بدء الهدنة، إلا أنه لم يتوقف خاصة خارج أوقات سريانها. كما لم يُسجل خروج أي مدني عبر المعبر، وفق المرصد.

وأورد المصدر العسكري أن عمليات الجيش "تتزامن مع تأمين الممر الانساني لخروج المدنيين"، مشيراً إلى أنه "يجرى التحضير لايصال المعونات الغذائية للمدنيين". وتتهم دمشق وموسكو الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة وأخذهم "دروعاً بشرية"، الأمر الذي تنفيه الفصائل في الغوطة. وتنتظر الأمم المتحدة السماح لها بادخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية حيث الظروف الانسانية صعبة.

قلق عميق
استعادت القوات النظامية، بفضل الدعم العسكري الروسي، زمام الأمور في النزاع، الذي يعصف بالبلاد، وأوقع أكثر من 340 ألف قتيل منذ العام 2011.

وأضحى النظام السوري يسيطر على أكثر من نصف مساحة سوريا، بعدما ضاعف من انتصاراته على الفصائل المقاتلة والتنظيمات الجهادية، سعيًا إلى السيطرة على كامل سوريا.

استمرت الاشتباكات، رغم الهدنة اليومية التي أعلنتها روسيا، وتستمر خمس ساعات (من 07:00 تغ ولغاية 12:00 تغ)، وسمحت بخفض كثافة القصف الذي تشنه القوات السورية، إلا أن الغارات والقصف المدفعي لم تتراجع، وخاصة خارج أوقات سريان "الهدنة".

شاهد مراسل لوكالة فرانس برس مئات الأشخاص، نساء وأطفالًا، يفرّون من القصف في بلدة بيت سوى. وفي المشافي، يصور مراسلون يوميًا المأساة نفسها التي تظهر نحيب أطفال وجرحى تغطي الدماء والغبار وجوههم. وقتل السبت 18 مدنيًا، بينهم ثلاثة أطفال، بعد قصف شنه النظام قبل وبعد سريان الهدنة على الغوطة، بحسب المرصد.

ومن المقرر أن يجري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد محادثات حول سوريا مع نظيره الإيراني حسن روحاني، الذي تعتبر بلاده أحد أبرز حلفاء نظام بشار الأسد.

وكان الرئيس الفرنسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أبديا "قلقًا عميقًا" السبت إزاء الوضع في الغوطة الشرقية، حيث لا تزال الأمم المتحدة غير قادرة على إيصال المساعدات إليها. وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون وغوتيريش "أكدا مجددًا تصميمهما على حمل النظام السوري وحلفائه على تطبيق القرار 2401 خصوصًا في ما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية" بعد أسبوع على إقراره في مجلس الأمن الدولي.

أضافت إن "مواكب الأمم المتحدة يجب أن تتمكن منذ الآن من إيصال المساعدات الطبية والغذائية الضرورية للسكان المحاصرين".

هزيمة قريبة
مساء السبت، أوردت صحيفة "الوطن" المؤيدة للنظام على موقعها الالكتروني أن "مساحة الغوطة تتقلص"، مشيرة إلى استعادة الجيش السوري السيطرة على العديد من البلدات فيها. وتبلغ المساحة التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في الغوطة نحو مئة كيلومتر مربع، وتشكل نحو ثلث المساحة الكلية للغوطة الشرقية.

وأفاد المتحدث باسم "جيش الإسلام" حمزة بيرقدار في تغريدة على صفحته في موقع تويتر عن "غارات انغماسية" شنها مقاتلون على "مواقع" كانت القوات النظامية قد سيطرت عليها. وأسفر القتال البري، منذ 25 فبراير، عن مقتل 76 عنصرًا من القوات الموالية للنظام و43 مقاتلًا من "جيش الإسلام"، بحسب المرصد.

وفي مقابلة مع التلفزيون السوري الرسمي ليل الجمعة، أشار معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان إلى "التقدم الذي يحققه الجيش العربي السوري"، مؤكدًا أن "الإرهابيين سيتجرعون الهزيمة قريبًا في الغوطة، كما تجرعوا مرارتها سابقًا فى حلب".

يذكّر المشهد في الغوطة بما جرى في حلب (شمال) في نهاية عام 2016، حيث اضطر آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين لمغادرة منازلهم، بعد حصار خانق وقصف مكثف قام به سلاح الجو السوري وحليفه الروسي.