تجري مصر اتصالات مكثفة مع أطراف دولية وعربية، لبحث الرد الحاسم، ضد الاتفاق الذي وقعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس ما يعرف بـ"حكومة الوفاق" الليبية فايز السراج، والذي يقضي بترسيم الحدود البحرية وتقديم دعم عسكري وأمني إلى الحكومة في طرابلس.

إيلاف من القاهرة: تجري مصر وليبيا ودول عربية أخرى، اتصالات ومشاورات مكثفة، للوصول إلى طريقة للرد على اتفاق أردوغان والسراج لترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، بما يسمح لأنقرة باستغلال المياه الإقليمية الليبية مقابل تقديم دعم عسكري وأمني إلى حكومة طرابلس، مما يؤدي إلى إطالة وتوسيع الصراع المسلح في ليبيا.

ويتولى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مهمة إجراء الاتصالات المصرية مع أطراف عربية ودولية، وأجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد تناولا خلاله الأوضاع المتأزمة على الساحة الإقليمية، ولاسيما الأزمات المفتوحة في عدد من الدول العربية كسوريا وليبيا.

وقد اتفق الوزيران على أهمية العمل للإسراع بالتحرك نحو الحلول السياسية للأوضاع المتأزمة على نحو يحقق طموحات الشعوب العربية في حياة كريمة مع التأكيد على محاربة الإرهاب والتطرف والحيلولة دون التدخلات في الشأن العربي التي تعمل منذ سنوات على تعزيز وضع تيارات التطرف في المنطقة.

وقد اتفق الوزيران على تكثيف التواصل في المرحلة القادمة مع المجتمع الدولي والأطراف المعنية بالاستقرار في ليبيا لدفع الأمور نحو الحل السياسي المنشود من الأشقاء الليبيين ومن الدول الشقيقة والصديقة لليبيا.

كما أجرى شكري، اتصالا بالمبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة، حيث تباحثا في التطورات الخاصة بالأزمة الليبية.

وأكد وزير الخارجية المصري أن الاتفاقين اللذين وقعهما &رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، رغم عدم امتلاكه للصلاحيات اللازمة مع تركيا، "من شأنهما تعميق الخلاف بين الليبيين، ومن ثم تعطيل العملية السياسية".

وأشار وزير الخارجية المصري إلى دعم مصر الكامل لسلامة في مهمته والحرص على نجاحها، مشددا على أهمية الحيلولة دون إعاقة العملية السياسية في المرحلة القادمة بأي شكل من الأشكال من قبل أطراف على الساحة الليبية أو خارجها.

واستقبل شكري في العاصمة المصرية القاهرة، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي الدكتور فتحي المجبري ، لبحث آخر مستجدات الأوضاع في ليبيا، وسُبل دفع مسار تسوية الأزمة الليبية.

وصرح المُستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية، بأن الوزير شكري تناول خلال اللقاء مُحددات الموقف المصري تجاه الأزمة الليبية، مُؤكداً حرص مصر على الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية، وتفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي الشقيق في السيطرة على موارده وتحقيق تطلعاته في بناء دولته، وذلك عبر التوصل لاتفاق شامل وقابل للتنفيذ يقوم على معالجة كافة جوانب الأزمة الليبية، بما يدعم استعادة سيطرة مؤسسات الدولة الوطنية في ليبيا، ويُساهم في محاربة التنظيمات الإرهابية وإنهاء فوضى الميليشيات في العاصمة طرابلس.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية، أن نائب رئيس المجلس الرئاسي ثَمّن من جانبه الجهود المصرية المبذولة على صعيد إنهاء الأزمة واستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، كما أطلع الوزير شُكري على آخر تطورات الوضع على الساحة الليبية، لاسيما حالة الانقسام الحالية داخل المجلس الرئاسي الليبي، والانتهاكات الأخيرة المُتعلقة بولاية رئيس المجلس بالمخالفة لاتفاق "الصُخيرات" السياسي.

وعلى الصعيد الليبي، وصف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الاتفاق بين أردوغان والسراج، بأنه "خطوة عدائية تهدد السلم والأمن الدوليين والملاحة البحرية".

علقت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، اليوم الثلاثاء، على توقيع حكومة الوفاق لمذكرتي تفاهم أمنية وبحرية مع الحكومة التركية.

وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، أمس الثلاثاء: "تابعت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية ما يتداول حول توقيع حكومة السراج لمذكرتي تفاهم أمنية وبحرية مع الحكومة التركية دون أن تمتلك حق توقيع الاتفاقيات، بما يجعل مثل هذه الاتفاقيات والتفاهمات باطلة لا تنتج أي أثر في مواجهة الدولة الليبية".

وأضافت في بيان لها، أن "هذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة التركية وحكومة السراج خطوة عدائية تهدد السلم والأمن الدوليين والملاحة البحرية، كما تؤثر بشكل مباشر على مصالح دول حوض البحر الأبيض المتوسط وتنافي القوانين والأعراف الدولية ومبدأ حسن الجوار بين الدول والمجتمعات الإنسانية".

وأكدت "أن تركيا تحاول توسعة نفوذها بالمنطقة تحقيقا لأطماعها في السيطرة على أهم خطوط النقل البحري الذي يتحكم في التجارة الدولية وكذلك سيطرتها على منطقة جنوب أوروبا، مستغلة الموت الذهني السريري لحكومة السراج وشللها التام وانهيارها أمام القوات الليبية في منطقة العمليات الغربية على تخوم العاصمة، بالإضافة إلى سيطرة المليشيات الإرهابية والإجرامية على طرابلس والمدعومة عسكريا وسياسيا وإعلاميا من تركيا".

وأفادت بأن ذلك جعل الدولة التركية تتحكم بالمشهد بطرابلس وتُسخر حكومة السراج لتحقيق مطامعها بالمنطقة معتقدة أنها ستصل لتحقيق أحلامها في إعادة الاحتلال العثماني من جديد.

وشددت على أن "تركيا أصبحت طرفا مباشرا مهددا لمصالح الشعب الليبي في قيام الدولة وفي أمنه واستقراره بدعمها للإرهاب والجريمة بتهريب كافة أنواع الأسلحة والتقنيات العسكرية الحديثة لصالح المجموعات الإرهابية والمليشيات المسلحة بالإضافة الى تهديد تركيا لمصالح دول المنطقة من خلال محاولتها السيطرة على مقدرات ما يعرف بالمنطقة الاقتصادية بحوض البحر الأبيض المتوسط الغنية بالثروات ما بعد المياه الإقليمية الليبية بما يدخل المنطقة في صراع مصالح إقليمية لمواجهة الأطماع التركية وهو ما يهدد السلم والأمن الدوليين".

وأكدت القيادة العامة أنها ترفض "رفضا قاطعا هذه الاتفاقيات البحرية والأمنية"، وتطالب بتدخل مجلس الأمن ودول حوض المتوسط "لمواجهة المخططات التركية وإحباطها وكبح جماحها في استعادة نفوذها المدمر بالمنطقة زمن الدول العثمانية".

وفي 27 نوفمبر الماضي، وقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق الوطني" الليبية، ومقرها طرابلس ومعترف بها دوليا، مذكرتي تفاهم حول التعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس، وتحديد مناطق النفوذ البحرية، "بهدف حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي".

ورفضت كل من مصر واليونان الاتفاقية الأمنية والبحرية بين "حكومة الوفاق الوطني" وتركيا، وأكدتا أنها "غير شرعية" كونها تأتي خارج إطار الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات.