لدول الخليج اليوم إرث في الحروب المباشرة وغير المباشرة منذ إرسال بن لادن ومعه المئات من فتيان الخليج لأفغانستان، مرورًا بدعم الطاغية صدام وغزو وتحرير الكويت ثم حرب العراق، حيث أصبحت لدينا قابلية حرب مقارنة بالغير..


إيلاف: يرى الكاتب ظافر محمد العجمي أن هناك وضعًا عسكريًا وسياسيًا خجولاً في دول الخليج يعكسه موقفها تجاه الأحداث ، فهذه الدول فضلت برجماتية جعلتها على هامش الأحداث لعقود، كما أن نهجها التصالحي لم يكن مجديًا لحفظ مصالح الخليج ( الخجولة) .

ويتساءل العجمي إن كان الوقت حان الآن لتغيير النهج لتكبر المصالح ، ففي الأفق الإقليمي يتشكّل مناخ ملائم لاحتضان حملة جوية ضد نظام دمشق من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الخليجية التي عمادها فك أحد طرفي الكماشة الإيرانية حول اعناق الخليجيين .
وعلى الصعيد السوري يدعونا الكاتب اللبناني سركيس نعوم الى ملاحظة الدول التي شهدت ثورات منذ بداية الربيع العربي، والتي توصل بعضها الى تسويات، ، فقد قامت انظمة أو بدايات انظمة، لكن الاستقرار لم يتأمن. ويتابع نعوم: quot; اليمن رغم التسوية غير مستقر وقد يقع في حروب داخلية متنوعة مستقبلاً. والعراق فيه تسوية منفتحة باستمرار على التفجّر والحرب الداخلية. ولبنان يعيش وضعاً مشابهاً رغم أن تسويته (اعتق) وبكثيرquot;.
وفي مقاله في صحيفة العرب القطرية في عددها الصادر اليوم، يرى ظافر محمد العجمي أنه quot;لا بد من حملة جوية لاختراق جهاز مناعة نظام الأسد، لأن إنهاكه بدلاً من الاشتباك معه، أثبت عدم جدواهquot;
وبحسب العجمي، فإن quot;الواقفين في الوسط في الخليج والغرب هم من يحددون موعد الضربة. فرغم أنها عمل مبرر، فإن دول الخليج لم تحدث الاختراق المطلوب في جدار الانتهازية الروسية رغم لقاءات مجموعة الاتصال في اسطنبول 7يونيو 2012 . من ناحية أخرى، فإن كل المواعيد والحجوزات في أجندة واشنطن مجمدة لما بعد نوفمبر 2012 ، خوفًا على مستقبل الرئيس أوباما في الانتخابات، رغم أن النجاح في إسقاط الأسد قد يضاف إلى النجاح المتراكم من قتل بن لادن ثم أبي يحيى الليبيquot;.
ويستطرد العجمي أن quot;الثوار لن يستطيعوا حسم الأمور على الأرض، مما يجعل دفع الواقفين في الوسط لتحريك الحل العسكري أمرًا ملحًا، بل إن ما يشجعنا على الدعوة له تلميحات الرئيس الفرنسي ووزيري خارجية بلجيكا وإيطاليا بإمكانية تفعيل الأداة العسكرية، يضاف لها تصريح السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، بأنه إذا لم يتخذ مجلس الأمن إجراءات حازمة، فسنتحرك خارج إطاره ، تبعه توضيح عضوي الكونغرس ليبرمان وماكين أن تلك الإجراءات هي شن ضربات جوية بالتعاون مع الحلفاء كما فعل كلينتون في كوسوفوquot;.
لكن الحملة الجوية ستكون بكل تأكيد مكلفة من ناحية اقتصادية وعسكرية بل وأخلاقية، فمنظمة هيومن رايتس واتش ما زالت تطارد حلف الأطلسي بدم 72 مدنيًا ليبيًا. ورغم ضعف طيرانها فإن أجهزة دفاع سوريا الجوية ضخمة ومنظمة، وسوريا كبيرة جغرافياً، وفيها تركيز سكاني كثيف يعيق العمليات. ومنطقيًا ستهاجم قوات الناتو بالترتيب مصانع السلاح ومخازنه ثم الدفاعات العسكرية، يليها مراكز القيادة والسيطرة ثم النقل بما يشمله من طرق وجسور وموانئ ومطارات.
ويشير العجمي الى أن quot; تحليل الأهداف يشمل تحديد الدور العملياتي لكل هدف وأهميته النسبية في استراتيجية الحرب السورية العامة، فالمسألة هنا هي تدمير (مدينة الصواريخ) الموجهة لدول الخليجquot;.
ويعدّد العجمي تبعات الحملة الجوية فيقول إن quot;لدول الخليج اليوم إرثاً في الحروب المباشرة وغير المباشرة منذ إرسال بن لادن ومعه المئات من فتيان الخليج الى أفغانستان، مرورًا بدعم الطاغية صدام وغزو وتحرير الكويت ثم حرب العراق، حيث أصبحت لدينا قابلية حرب مقارنة بالغير، ففي الأردن مثلاً تبذل الاستخبارات جهودًا مضنية لتفادي تورط عمان في سوريا. لذا اندفع صنّاع السياسات الغربيون للقول ببحث تركيا والخليجيين لقيادة الجبهات مع تقديم المساعدة من الخلف. فهل تلك شهادة بأننا جاهزون لهذا الأمر؟ quot; .
لكن مع بداية الحملة - بحسب العجمي - ستنقل سوريا المعركة خارج أراضيها، فإذا لم تتمكن من إيصال الأمور إلى حافة الحرب مع إسرائيل فسوف تجر دول الخليج، وستكون الصواريخ السورية بمدى 3000 كلم وأكثر رسائل انتقام يخففها خوفنا المتأصل لعقود مضت من هجوم إيراني أدى الى تحسين قدراتنا الدفاعية المضادة للصواريخ.
ويذكّر الكاتب بأدوار حزب الله في الماضي والحاضر فيقول: quot; لأن الحزب أدمى أنف آلة العدوان الصهيونية خلعنا على حزب الله في يوليو 2006م قلادة البطل القومي. لكن الدور المشين لنصر الله في مجازر سوريا أضر بسمعة الحزب. وبسقوط محور إيران-سورياndash;حزب الله، لن يتردد الأخير في أن يكون الأداة المسلحة لتلك الأنظمة في شوارع الخليج لتخفيف الضغط حين إطلاق صافرات الإنذار في ليل دمشقquot;.
ويعتقد العجمي أن ايران ، ستقوم بخلط الأوراق للإضرار بالمصالح الاستراتيجية للقوى الغربية في المنطقة كالقيام بمناورات استفزازية أو التهديد بالتدخل في البحرين، أو بدفع حزب الله أو بعض الفصائل الفلسطينية للهجوم على الصهاينة. ويعني ذلك في الخليج رفع درجة الاستعداد القتالي للحالات القصوى. وقد لا تطبق خطط التعبئة الجزئية أو حتى العامة ولن يستدعى الاحتياط. لكن حالات الاستعداد بذاتها مجهدة للرجال والمعدات ومرهقة اقتصاديًا ومزعجة أمنيًا.
ويخمّن الكاتبأن quot;الحملة ستؤدي الىفتح ممرات جوية laquo;Air Corredorraquo; بخلق ضغط على حركة الطيران التجاري، ملغية رحلات لبنان والأردن ومصر وتركيا والعراق، بما لذلك من تبعات أبسطها ارتفاع الأسعار. كما ستترك الحملة سوريا دولة ساقطة كالعراق وليبيا واليمن. وستتحمل دول الخليج معظم أعباء إعادة إعمارها وتبعات احتواء الفوضىquot;.
ويدعو العجمي في ظل سياق إقليمي شديد التحول دول مجلس التعاون الى أنquot; تختط لنفسها مسارًا خارج العناوين القديمة، وخروج الحملة من بعض دول الخليج رغم الكلفة التي ذكرناها يعني رسم خريطة استراتيجية يتشكل فيها خليج جديد كان ذا قوة اقتصادية ويضيف لها الآن القوة السياسية ثم بمشاركته في الحملة ستصبح القوة العسكرية الركيزة الثالثة، فدول مجلس التعاون هي أكثر مناطق العالم تسلحًا، ترافقها تغييرات جوهرية في جاهزية جيوش الخليج في النوع والكمquot;.
وكتب سركيس نعوم في صحيفة النهار اللبنانية في عددها الصادر اليوم ، إنه quot;لا بد من تدخل الخارج لتسهيل توصّل اطراف الصراع في سوريا الى تفاهم، ولمساعدتهم على تطبيقهquot;، مؤكدًا أن الوضع في سوريا صعب، وبشار ليس مستعداً للتنازل ، وأنه سيقاتل حتى النهاية لأنه يخاف أن يتعرض وعائلته وطائفته لمذابح، وهو قوي بجيشه على الأقل حتى الآن. أما ابناء طائفته فيلتفّون حوله لأنهم يعتبرون أن مصيرهم في (الدق).
وينبّه نعوم الى أن quot;الخوف من الاسلاميين وتطرفهم سيزداد إذا استمرت الحرب، وهي ستستمر. لقد أخذت هذه الحرب منحى اهلياً، وذلك قد يجعلها تدوم سنواتquot;.