محمد عبد الجبار الشبوط


quot;واقع الجهاد في العراقquot; عنوان كراس صادر عن إحدى الجماعات الإسلامية القتالية، وهي quot;جماعة أنصار الإسلامquot; وهو عبارة عن رؤية تحليلية لسنوات عمل الجماعات المسلحة منذ سقوط النظام الصدامي في العام 2003. لا يتضمن الكراس تاريخ الطبع ولا مكانه، لكنَّ محتوياته تشير الى احتمال كتابته وصدوره بعد فترة وجيزة من انسحاب القوات الاميركية في 31 كانون الاول من العام 2011. ومن خلال وصف الكراس للحالة التي تمرُّ بها quot;الجماعات السلفية الجهاديةquot; نستطيع ان نحتمل ان الكراس كتب قبل إطلاق حملة quot;هدم الأسوارquot; في تموز العام 2012. وعليه فالكراس كتب في النصف الأول من هذا العام على أكثر التقادير.


يصف الكراس حالة الجماعات الجهادية السلفية بالعبارة اليائسة التالية:quot;مازال المجاهدون يمرّون بظروف بالغة الصعوبة والتعقيد لا يعلم ببأسائها وضرائها الا الله، فتن كقطع الليل المظلم.quot; كان ذلك بعد هزيمة هذه الجماعات في الحرب الاهلية الاولى التي استمرت من العام 2006 الى 2009، بفعل سياسة quot;الزخمquot; وتشكيل الصحوات او ابناء العراق. اعتبر الكراس ما حدث في تلك الفترة quot;مؤامرة حاكتها أميركا الصهيوصليبية وحلفاؤها ونفذت بنودها حكومة الردّة المتكوّنة من تحالف الروافض والعلمانيين والاحزاب الكردية المرتدّة وجبهة التوافق العميلةquot;، كما قال الكراس إنه يهدف الى quot;كشف وقائع المؤامرةquot;. بل إنه وجه النداء الى من وصفهم بأهل المسؤولية من طبقات أهل العلم لتحمل واجبهم الشرعي quot;لافشال المؤامرة الرافضية الكردية والصهيوصليبيةquot; التي تقوم quot;بتجهيل أهل السنة والعبث بدينهم وتسهيل تسويسهم.quot;


ويبدو من خلال القراءة الأفقية للكراس ان أفراد الجماعات السلفية القتالية كانوا يعانون من أزمة معنويات كبيرة وحادة بعد تلك الهزيمة النكراء، الى درجة وصفها الكراس بـquot;النازلةquot;. لهذا كرس صفحات كثيرة لسرد الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدّث عن الجهاد والتضحية والصبر والصمود والثبات وعدم التراجع وغير ذلك. كما أنه خصص صفحات كثيرة للحديث عن أسباب الهزيمة التي منيت بها الجماعات السلفية مقدما اعترافات نادرة بنواحي ضعف هذه الجماعات بل ضحالتها الفكرية والسياسية وتمزّقها لأسباب شخصية بعيدة عن تشخيص المصالح الشرعية التي ينادي بها الكراس وهو يأمل أن تؤدي هذه الدراسة لأسباب الهزيمة الى معالجتها وانتشال الجماعات المسلحة من حالة الضعف التي انتابتها في الحرب الأهلية، بل في فشلها من توظيف انسحاب القوات الاميركية لصالحها، كما يقول في مكان آخر.
يكشف الكراس من دون لبس ومواربة عن التدني الكبير، بل الانهيار الكبير، في الحالة المعنوية للجماعات السلفية بعد تلك الهزيمة. وهو شعور لا بد أن يكون قد استحكم بمجمل الجماعات المسلحة. ولم يكن بمقدور هذه الجماعات أن تنهض من هزيمتها بقوتها الذاتية بشريا وفكريا وعسكريا. و لابد أن تكون قد تلقت دعما كبيرا في الأشهر التي تلت الانسحاب الاميركي، وهو الدعم الذي توجد أدلة كبيرة ودامغة على وجوده الآن، والذي مكّن هذه الجماعات من شن حملة كسر الأسوار بعد نحو 6 أشهر من الانسحاب. لعل الدولة العراقية لم تنتبه الى ذلك في الوقت المناسب بسبب الصراعات والخلافات السياسية التي كانت ومازالت تعصف بالعملية السياسية.