هاني الظاهري

خلال الأيام الماضية تابع العالم أجمع خروج المارد البحري السعودي من قمقم الخليج العربي وفرض نفوذه العسكري بشكل حقيقي على المياه الدولية في مضيق هرمز وخليج عُمان ضمن مناورات «درع الخليج 1»، وهو أمر أربك حسابات خصوم المملكة وأكد القدرات الفائقة التي تمتلكها القوات السعودية وتخولها لحماية الممرات المائية التي لطالما اعتبرتها حكومة طهران مجرد «قنوات مائية» في حديقتها الخلفية، ودرجت على التلويح بإمكانية إغلاقها متى ما أرادت في وجه التجارة الدولية.

&لم تستطع الحكومة الإيرانية أن تتعامل مع الصدمة السعودية بصمت إذ شعرت بإهانة بالغة كشفت حجمها&الحقيقي ما دفعها للتهور بإصدار بيان الأربعاء الماضي على لسان الحرس الثوري قالت فيه: «نعلن لكل القطع البحرية المشاركة في مناورات درع الخليج أن القوات البحرية للحرس الثوري تعتبر أن هذه المناورات تهدف إلى خلق التوتر وتقويض الأمن المستديم في الخليج.. ولذلك لا يحق لأي قطعة بحرية عسكرية مشاركة في هذه المناورات عبور المياه الإقليمية الإيرانية والاقتراب منها بأي حال من الأحوال؛ لأننا نعلن أن هذا العبور لن يكون أبدا من دون أضرار»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «تسنيم».

&عقب صدور البيان الإيراني المرتبك مباشرة انتشرت القطع البحرية السعودية في مضيق هرمز بمحاذاة المياه الإيرانية واضعة حكومة طهران أمام الأمر الواقع، فصمت الإيرانيون تماما واكتفوا بمشاهدة القوات السعودية وهي تكتب صفحة جديدة في تاريخ مضيق هرمز وبحر عمان عنوانه «الهيمنة السعودية».

&إستراتيجيا يمكن القول إن ما حدث رسالة سعودية مهمة جداً لكل القوى العالمية مفادها أن الرياض هي شرطي المنطقة الحقيقي والوحيد القادر على تأمينها، وأن الدعاية الإيرانية التي ظلت حكومة طهران تتكسب بها طوال السنوات الماضية لفرض أجندتها في المفاوضات الدولية حول مختلف المسائل مجرد فقاعة وهمية ومقلب شربته بعض القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة في عهد الرئيس الضعيف باراك أوباما الذي وقع الاتفاق النووي مع الملالي ونقل طهران من محور الشر إلى حليف جديد لواشنطن في حماقة سياسية تاريخية لن يطول مداها بكل تأكيد.

&أيضاً من المهم الإشارة هنا إلى أن مناورات «درع الخليج 1» رغم ضخامتها وردود الفعل الكبيرة عليها ونتائجها الإستراتيجية المرتقبة لا تعكس فعلياً سوى جزء بسيط من القدرات السعودية العسكرية والسياسية، خصوصاً أن الرياض اليوم تقود أكبر تحالف عسكري إسلامي في العصر الحديث، وينطبق عليها قول الشاعر «الأرض أرضي والزمان زماني»، وهذا ما ينبغي أن يدركه العالم أجمع.