وزير الخارجية الفلسطيني: نعد لقرار دولي ضد الاستيطان باعتباره منظومة متكاملة

فاتنة الدجاني 

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أنه ناقش مع نظيره البريطاني بوريس جونسون ملف «وعد بلفور»، والموقف البريطاني إزاء كل من المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام في باريس بنهاية العام، ومشروع قرار يجرى إعداده لطرحه في مجلس الأمن ضد الاستيطان باعتباره «منظومة متكاملة»، وتفعيل طلب العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة. وعرض في مقابلة أجرتها معه «الحياة» أثناء وجوده في لندن، للاستحقاقات الدولية والداخلية حتى نهاية العام، والتي من شأنها أن تمهد الطريق أمام عام 2017 بوصفه بداية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

في ما يلي نص المقابلة:

> ما هي مناسبة زيارتك لندن؟

- هناك وزير جديد (جونسون) يهمني التعرف إليه وبناء علاقات معه... ثانياً، فتحنا ملف وعد بلفور على مصراعيه، واستغللنا القمة العربية الأخيرة في نواكشوط حيث ألقيتُ كلمة السيد الرئيس (محمود عباس)، وركزت على أنه بعد مرور مئة عام على وعد بلفور تجب إعادة النظر فيه، ليس فقط من طرفنا كفلسطينيين بل أيضاً من طرف الدولة التي منحته. ماذا يعني ذلك؟ في كثير من الحالات، حاولت دول مرت بتجارب سابقة من احتلال واستعمار وارتكاب مجازر، أن تمحي عار تاريخها الأسود، فذهبت تطلب السماح والغفران من الشعب الذي استعمرته. نحاول أن نرى إن كان هذا ضمن أفق تفكير بريطانيا العظمى، ضمن ما يسمى التعامل مع مئة سنة على وعد بلفور، وإن كانت هناك مراجعة أو عملية نقد ذاتي وخطوة الى الوراء. لقد رمينا هذه القنبلة لنرى تأثيراتها الجانبية على المستويات العربية والدولية والبريطانية. كان هذا مهماً جداً. ما حدث بعد ذلك أن القنصل العام البريطاني في القدس (أليستر ماكفيل) جاء واستفهم مني ماذا كان القصد وما نفكر في عمله، وكانت هناك نقاشات، وقررنا أن أفضل شيء هو أن يعالج هذا الموضوع على المستوى الثنائي البريطاني - الفلسطيني. وطُرحت فكرة لقاء بين وزيرَي الخارجية، فرحبت بها. وكمبادرة طيبة من طرفنا، حرصنا على عدم الخوض في هذا الموضوع في الفترة الماضية الى أن نلتقي الوزير ونستخلص العبر من اللقاء، وبناء عليه نقرر ما هي خطواتنا المقبلة.

ثالثاً، في إطار العلاقة الثنائية مع بريطانيا، من الواضح أن هذه العلاقة لم تصل الى المستوى المطلوب إذا ما قارناها بمثيلاتها بالدول الأوروبية، فهي على أقل مستوى. كانت هناك ضرورة لأن نرى ما هي المعوقات التي تحول دون تطور هذه العلاقة.

رابعاً، في إطار تحركنا كدولة فلسطين، لدينا مجموعة من الخطوات، إذ نحضّر لمشروع قرار في مجلس الأمن يتعلق بالاستيطان، ولتفعيل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في مجلس الأمن، وكنا نريد أن نحصل على إجابة من الجانب البريطاني بأنه سيدعم مثل هذه التوجهات. كما تحدثنا في موضوع المبادرة الفرنسية والخطوات القادمة المطلوبة، خصوصاً المؤتمر الدولي الذي يجب أن يعقد مع نهاية العام، وسألنا عن الموقف البريطاني من هذا الموضوع.

> أعلنت السلطة أخيراً أنها لن تطرح أي مشروع قرار أمام مجلس الأمن قبل الانتخابات الأميركية، هل تتوقعون أن يبادر الرئيس باراك أوباما في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض الى تحرك في شأن فلسطين، كأن يصوّت مع قرار ضد الاستيطان أو الامتناع عن استخدام «الفيتو» إزاءه، أو أن يحاول تحديد معالم اتفاق سلام نهائي ضمن إرثه لمن يخلفه، علماً أن مثل هذا التحرك يؤرق إسرائيل الآن؟

- أختلف معك تماماً. اعتمدت على تصريح لشخص يدّعي أنه مستشار للرئيس (محمود عباس). هذا غير صحيح. لم نؤجل (طرح مشروع القرار) لسواد عيون أميركا والانتخابات الأميركية. هذا أقل شيء نهتم به. نحن نهتم بالمصلحة الفلسطينية. خلال اجتماعنا كلجنة وزارية رباعية عربية، قلنا إن على الترويكا العربية في الأمم المتحدة أن تقدم تقريرها مع نهاية الشهر، وهذا يعني أن التقرير كان يجب استلامه أمس (الإثنين)، وبعد ذلك تجتمع اللجنة الرباعية العربية مجدداً من أجل تحديد الإطار القادم للتحرك على مستوى تقديم مشروع القرار عن الاستيطان. إذاً ما يحدد حركتنا، في تسارعها أو تباطئها، هو الجانب التقني: متى ننهي التقرير، وموعد استلامه، وانعقاد اجتماع اللجنة، وتحديد التحرك المقبل، وليست له علاقة بالانتخابات الأميركية. الآن تصادف أن الانتخابات ستجرى في 8 الشهر الجاري، هذه مصادفة لكنها لم تؤثر في نقاش اللجنة الرباعية. ربما أننا لن نتمكن من تقديم مشروع القرار قبل 8 تشرين الثاني (نوفمبر)، لكن سبب ذلك عدم الجهوزية، وليس قصدنا تعطيل وإبطاء حركتنا لما بعد الانتخابات.

أما بالنسبة لما يتداول عن أن أميركا قد تتخذ خطوة بعد الانتخابات الأميركية وقبل تسلم الإدارة الجديدة الحكم، هذا كلام سمعناه كما سمعه كثيرون عندما التقينا مسؤولين أميركيين خلال اجتماعات الجمعية العامة الأخيرة. وقيل إنه يمكن أن يكون هناك تحديد لمشروع قرار في مجلس الأمن، أو يمكن أن يكون هناك خطاب للرئيس الأميركي لرسم هذه الحدود، أو مؤتمر دولي تدعو اليه أميركا. هذه خيارات موجودة، لكن حتى الآن، لم تحسم أميركا أمرها بأي اتجاه، وقد تقرر عدم فعل شيء. كل ذلك يعتمد على مدى الضغط الإسرائيلي، واللوبي اليهودي، والكونغرس، والانتخابات الأميركية، وإذا ما أراد أوباما أن يترك إرثاً قبل مغادرته البيت الأبيض، أو إن كان لا يريد أن يعقد الأمور للإدارة الجديدة. لكن (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو يدرك تماماً أن هذه احتمالية واردة، لكن نسبتها غير معروفة، فيراهن على إفشالها من خلال الهجوم المبكر والمسبق كإجراء وقائي في محاولة لأن يضغط على الإدارة الأميركية للتراجع عن القيام بهذه الخطوة من خلال تحريض الآخرين ضدها، خصوصاً في الإدارة الجديدة لأنها ستكون مكبلة بقرار جديد في مجلس الأمن، إضافة الى أخطار هذا القرار وتأثيراته في إسرائيل وقدرتها على الحركة. نحن بانتظار ما تود أن تقوم به الإدارة الأميركية. لكن بغض النظر، لدينا الآن مشروع قرار في مجلس الأمن ضد الاستيطان، وسنمضي به قدماً بغض النظر عن الانتخابات الأميركية أو نتائجها. وثانياً هناك مبادرة فرنسية ساندناها ودعمناها من اليوم الأول، واستثمرنا فيها كثيراً، وحتى المعطيات التي تصلنا تؤكد أن الفرنسيين مستمرون بها بغض النظر عن الموقف الفلسطيني منها، وأنهم سيعملون على عقد المؤتمر الدولي مع نهاية العام. هذا بالنسبة الينا مهم جداً، لذا ندعمه. بالنسبة إلينا، هاتان هما القضيتان المهمتان اللتان يجب أن تستكملا مع نهاية العام لأنهما تحددان أسس طبيعة العمل عام 2017، فنحن أخذنا قراراً على مستوى العرب ودول عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي بأن عام 2017 هو بداية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

> هل أنتم متفائلون بتمرير مشروع القرار ضد الاستيطان في مجلس الأمن؟

- للعلم، آخر قرار صدر عن مجلس الأمن له علاقة بفلسطين كان عام 2009، معناه أن مجلس الأمن لم يتحمل مسؤولياته تجاه فلسطين حتى عام 2016. تجاهلها تماماً كأنه لا توجد قضية فلسطينية. أفهم أن هناك أزمات استجدت على الواقع الدولي استدعت الاهتمام، لكن لا يجب أن تكون على حساب القضية الفلسطينية. إن غياب قرارات عن مجلس الأمن عن فلسطين خلال 7 سنوات يعني أنه فشل فشلاً ذريعاً في الموضوع الفلسطيني ويتحمل مسؤولياته. آخر مرة تقدمنا بمشروع قرار وتم إفشاله بـ «فيتو» أميركي كان عام 2011 عندما تقدمنا بمشروع قرار حظي بدعم 145 دولة، وكانت أميركا البلد الوحيد الذي صوت ضده...

أميركا تتحمل المسؤولية التي تتحملها إسرائيل في مثل هذا الموضوع لأنها هي التي تغطي عليها وتحميها. لسنا معنيين أن نناكف، نريد أن نذهب الى مجلس الأمن لنرى إذا كان بالإمكان أن نحصل على تأييد 15 صوتاً، فإذا فشلنا، فعلى الأقل أن نحصل على 14 صوتاً مع امتناع صوت. المهم كيف نصل الى ذلك. كانت هناك مشاورات، وأيضاً تحدثنا مع السفيرة الأميركية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (سامانثا باور) لنرى ما هي الملاحظات والتحفظات. قيل عام 2011 إن الوقت لم يكن مناسباً لطرح مشروع القرار، فهل الوقت مناسب الآن عام 2016، خصوصا أن إسرائيل تمادت الى درجات غير مسبوقة في موضوع الاستيطان، وبيانات وزارة الخارجية الأميركية هي التي تشير الى هذه المواقف الدولية من الاستيطان. وإذا ما أخذنا بالاعتبار الملاحظات التي جاءت في البيانات والخطابات الأميركية المختلفة في الأمم المتحدة، خصوصاً في النقاشات التي كانت تدور في مجلس الأمن في الإحاطات الدورية، ووضعناها في مشروع قرار، فهل ستصوّت أميركا معه على اللغة التي هي لغتها، أم ستمتنع، أم تستخدم «الفيتو»؟ هذا سيكشف حقيقة الموقف الأميركي. سؤالنا: هل نريد أن نحرج أميركا أم أن نحصل على قرار يدعم موقفنا من الاستيطان؟ لذلك بعد أن تجتمع الرباعية العربية خلال الأيام المقبلة، نأمل بأن نحدد ما هي المكونات الأساسية لمشروع القرار والتي يمكن أن تجنبه «الفيتو» الأميركي، وأن تحظى بالموافقة، أو في أسوأ الحالات الامتناع عن التصويت.

> ماذا سيترتب عن تمرير القرار في مجلس الأمن؟ هل ستكون له انعكاسات عملية على الأرض، وهل سيتضمن آليات لتطبيقه؟

- أولاً هو يأتي بعد غياب حوالى 7 سنوات عن أي مشروع قرار. وثانياً يعيد التركيز على موضوع شديد الأهمية كما هي حال الاستيطان. وثالثاً مشروع القرار يطلب من دول العالم التعامل مع الاستيطان بما يستحقه من اهتمام ومتابعة وآليات. ورابعاً يطلب من المجتمع الدولي أن يأخذ موقفاً من الاستيطان كإجراء غير قانوني وغير شرعي، وكمنظومة كاملة. نحن لا نتحدث عن الاستيطان كبناء مادي فقط بل نتحدث عن مصادرة الأراضي، وما يرتبط به من المنظومة التشريعية وإجراءات قانونية وعمل عسكري لتنفيذه والوجود الاستيطاني وتأثيره في الحياة المدنية الفلسطينية. نحن نقدم المنظومة المتكاملة لمفهوم الاستيطان أمام المجتمع الدولي، ونطالبه بالتعامل معه على هذا الأساس. من المهم أن يأتي هذا كله في مرحلة تعتقد فيها إسرائيل أنها استطاعت أن تخترق، ليس فقط العالم العربي، إنما المجتمع الدولي بهذه المفاهيم، وانه ليس هناك موقف دولي رادع في موضوع الاستيطان. إن مجرد التصويت عليه يرسل رسالة قوية لإسرائيل بأن المجتمع الدولي لم يعد يقبل بما قبل به سابقاً. وبالتأكيد يجب أن يتضمن مشروع القرار آليات للتنفيذ والمتابعة حتى تشعر إسرائيل بأنه مختلف عن غيره من القرارات.

وبمجرد إقراره، يفترض أن يصبح القرار ملزماً للدول. وسنتابع مع المجتمع الدولي كيفية تنفيذه. ندرك أن المجتمع الدولي لم يصل الى مستوى اتخاذ إجراءات عقابية أو مواجهة إسرائيل في خصوص الاستيطان أو فرض عقوبات، لكن مجرد تمريره في هذه المرحلة وبتصويت كل الدول، ووضع آليات للتنفيذ، والتفسير القانوني للاستيطان كمنظومة كاملة، ومطالبة المجتمع الدولي بالتزامه، خصوصاً مقاطعة منتجات المستوطنات والشركات التي تتعامل معه، يجعل القرار مختلفاً عن القرارات السابقة. وفي حال تمريره، ستكون لدينا آلية وخطة عمل متكاملة بالتنسيق مع الدول العربية ودول عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي حتى نستفيد من هذا الإنجاز والبناء عليه.

> أين وصلت المبادرة الفرنسية، وهل ما زلتم تعتقدون أن المؤتمر الدولي سيعقد بنهاية العام؟

- الفرنسيون حتى هذه اللحظة أكدوا لنا أنهم مصممون على عقد المؤتمر الدولي مع معرفتهم المسبقة بالموقف الإسرائيلي. في 27 تشرين الأول (أكتوبر)، عقد اجتماع لكبار الموظفين في مجموعة الـ28 في باريس وناقشوا ورقة فرنسية. وهناك اجتماعات لمجموعات العمل المختلفة في اطار المبادرة الفرنسية، ما يعطي الانطباع بأن الأمور تتحرك. الأسبوع المقبل سيزورنا المبعوث الفرنسي الخاص لعملية السلام بيير فيمون للبحث في مخرجات الاجتماع الأخير، والاجتماعات المقبلة تحضيراً للمؤتمر الدولي. السؤال المطروح الآن: هل سيكون المؤتمر على مستوى قمة، أي رؤساء دول، أم على مستوى وزراء خارجية.

> المبادرة الفرنسية تتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هل هذا ما زال قائماً؟

- لا نريد أن نربط الجهود الفلسطينية بتحصيل الاعتراف الفرنسي بفلسطين. فهِمنا من المبادرة الفرنسية أنه، في حال نجحت، سيكون هناك اتفاق سلام مع إسرائيل، وسيؤدي الى اعتراف كل الدول، بما فيها فرنسا، بفلسطين. وفهمنا أنه في حال فشلت هذه المبادرة بسبب إسرائيل، فهذا يعني أن على فرنسا التزاماً تجاهنا بأن تعترف بدولة فلسطين. إذاً الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين آت، أكان ذلك بنجاح المبادرة أم فشلها. لذلك نفضل أن يأتي الاعتراف الفرنسي في إطار نجاح المبادرة لأن الاعتراف أصبح مضموناً. وبالتالي، نحن نبذل كل هذا المجهود ليس لتحصيل الاعتراف بل لنجاح المبادرة.

> متى تنوون تفعيل طلب العضوية الكاملة في مجلس الأمن؟

- لسنا مستعجلين عليها لأن ذلك يجب أن يكون ضمن رؤية متكاملة... الأولوية عندي هي لمشروع القرار ضد الاستيطان... لكن هذا لم يمنعني من طرح مسألة العضوية خلال المشاورات التي قمت بها كفلسطين ضمن الإطار العربي. ولقد كُلف مجلس السفراء العرب من جانب اللجنة الوزارية العربية الرباعية ببدء المشاورات في الأمم المتحدة، وفعلاً كانت هناك لجنة تقودها تونس بحكم أنها تترأس الدورة العادية لمجلس الوزراء العرب، مع مصر بصفتها الدولة العربية العضو في مجلس الأمن، وفلسطين. هذه اللجنة الثلاثية استكملت مشاوراتها مع كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن في شأن مشروع القرار الخاص بالاستيطان وتفعيل طلب العضوية الكاملة. وبالتالي، فإن التقرير الذي يجب أن نستلمه كلجنة وزارية رباعية عربية مصغرة، يجب أن يغطي الموضوعيْن.

> بالنسبة الى الإنجاز الذي حققتموه في «منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم» (يونيسكو) عندما تم تمرير قرار ينفي صلة اليهود بالحرم القدسي، هل لديكم خطة لحماية هذا الإنجاز أمام رد الفعل الإسرائيلي العنيف؟

- هذا القرار أزعج إسرائيل الى درجة جعلها تجن. إذاً كيف نعمل على تنفيذه؟ المطلوب الآن من المجلس التنفيذي ورئاسة يونيسكو والدول التي صوتت أن تتحمل مسؤوليتها حيال ما جاء في القرار. أنا لا أملك مقوّمات ذلك، كأن أفرض على إسرائيل دخول اللجنة التي تحقق في خصوص البلدة القديمة وأسوارها. لكن المفروض على الدول التي صوّتت أن تفرض عليها الالتزام. والقرار يدعو المديرة العامة للمنظمة (آيرين بوغوفا) أن تعين شخصاً للمتابعة، وأطلب من المجلس التنفيذي أن يضغط عليها لتنفيذ هذا القرار. لدي قرار يتضمن مجموعة من النشاطات والفعاليات التي على الدول التي صوتت أن تتعامل معها بجدية، وإلا فلا معنى للقرار.

لكن هل يختلف هذا القرار في مضامينه عن القرار الذي صدر في نيسان (أبريل) أو الذي سبقه العام الماضي؟ لا. كل ما حصل أننا نصوّت على القرار نفسه سنوياً من أجل تثبيته. هذه المرة أخذ ضجة لأن إسرائيل قررت أن تعلن الحرب. وهذا يشير الى أي درجة إسرائيل قادرة على التأثير في السياسة الدولية، وأن تلعب بالرأي العام الدولي من خلال وسائل الإعلام التي تنساق للقراءة الإسرائيلية والمنطق الإسرائيلي. لم يتوقف الإعلام، حتى الفلسطيني والعربي، أمام قرارات سابقة إلا عندما عمل نتانياهو منها قضية.

أمام هذا الواقع، قررت إسرائيل فتح معركة الآن. السؤال هو: هل نحن قادرون كفلسطينيين على مواجهة هذه المعركة. إسرائيل قالت إنها صرفت مئة مليون شيكل لمنع تمرير هذا القرار، وعيّنت شركات علاقات عامة، وأرسلت العديد من الوفود لمنعها من ذلك، ونتانياهو اتصل بالعديد من المسؤولين ليقنعهم. هذا لم يمنع تمرير مشروع القرار، لكنه خلق ردود فعل جديدة، وهو ما يستوجب منا الجهوزية. ليس لدي هذا المبلغ لإنفاقه على هذا الموضوع. لدي موظفان في بعثة فلسطين الدائمة في يونيكسو فقط. هذان البطلان قادا كل هذه المعركة. الآن مواجهة هذه المعركة تتطلب منا موقفاً مختلفاً. لقد تحدثنا مع الرئيس (عباس) ورئيس الوزراء (رامي الحمدالله) ووافقا مبدئياً على تبني خطة عمل فلسطينية من خلال وزارة الخارجية لمواجهة رد الفعل الإسرائيلي على كل المستويات. لسنا في حاجة الى مئة مليون، نحن أصحاب حق. وضمن الموارد المادية والبشرية المحدودة جداً نستطيع أن نواجه، لكن نحن في حاجة الى دعم عربي وإسلامي لنتفوق على إسرائيل.

> زار الرئيس عباس تركيا وقطر في إطار مساعي المصالحة الوطنية مع «حماس»، فهل حمل معه جديداً، وهل ثمة مجال للتفاؤل؟

- أولاً، المحاولات يجب أن تستمر بوجود قضايا مهمة. لدينا المؤتمر السابع لحركة فتح، وهذا مهم لأنه يجدد في القيادة الفتحاوية، وهو مهم أيضاً بالنسبة الى الاستحقاق الثاني وهو عقد المجلس الوطني الفلسطيني والتجديد لشرعية منظمة التحرير. من المهم جداً محاولة التأثير في حماس للاستفادة من هذا الزخم الذي يتبلور نهاية تشرين الثاني في انتخابات فتح، وفي كانون الأول (ديسمبر) في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، لتكون الحركة متفهمة وداعمة له، وجزءاً منه في ما يتعلق بالمجلس الوطني. الجديد الذي حمله الرئيس هو هذا. قال أن هناك مستجداً هو هذه الاستحقاقات التي يجب أن نستفيد منها من أجل استكمال المصالحة. عقد المجلس الوطني واللجنة التنفيذية قد يساعد في القفز عن الانقسام باتجاه العمل من خلال منظمة التحرير التي يمكن أن تفتح آفاقاً جديدة في عملنا. لذلك التقى الرئيس (رئيس المكتب السياسي لحماس خالد) مشعل و(نائبه اسماعيل) هنية وأمير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) و(الرئيس رجب طيب) اردوغان على أساس كيفية الاستفادة من مساعيهم الحميدة مع قيادة حماس للتأثير فيها وعدم تبديد هذه الفرصة المهمة المتاحة من أجل تحقيق المصالحة.

> هل تعتقد أن التناقضات العربية سبب في إعاقة المصالحة؟

- لا أستطيع أن أقول أن التدخلات العربية أو تعددها تفشل المصالحة، بل غياب الموقف عند حماس التي لا تريد المصالحة حتى لو توافق العرب كلهم، لأنها مستفيدة من حكم غزة وتخلق واقعاً جديداً. حماس تعتبر أن غزة هي المكان الوحيد الذي نجح فيه الإسلام السياسي في الحفاظ على وجوده، وتطلب من التنظيم الدولي للإخوان دعمها على أنها قضية مصيرية، لذلك هي معنية بالحفاظ على حكمها في غزة، إن كل هذه الإمكانات والضخ المالي الكبير والتنموي لغزة من دول مختلفة مثل قطر وتركيا هو انعكاس لكل ذلك.

> كيف تنظرون الى خطة الرباعية العربية التي تدعو الى مصالحة «فتحاوية»، ثم مصالحة وطنية مع «حماس»، تمهيداً لمواجهة إسرائيل؟

- العنوان يجب أن يكون مع القيادة الفلسطينية، والسؤال هو هل اللجنة الرباعية مفوّضة ومخوّلة من قمة عربية لطرح هذا الموضوع. هناك قضايا تصب في صميم العمل الفلسطيني الداخلي الذي ناضلنا لمنع اي تدخل عربي أو خارجي فيه، بالتالي هناك خطوط حمر لا نسمح لأحد بتجاوزها، كما لا نسمح لأنفسنا بالتدخل في قضايا داخلية لأي دولة عربية. أقول إن المدخل كان خطأ، وكان مفترضاً أن تطرح الخطة في إطار تشاوري تنسيقي ضمن إطار عربي أوسع، وتحديد الممكن من غير الممكن. لذلك هذه التجربة فشلت في مهدها لأن تخطيطها كان سيئاً.

> انتقدتم مؤتمر العين السخنة في مصر؟

- أعتقد أن المؤتمر غير صحيح وفشل. وبالتالي على المصريين أن يعودوا في تقويمهم الجديد لاعتبار أن أي شيء في خصوص فلسطين يجب أن يمر عبر بوابة السلطة الفلسطينية والنظام الشرعي في فلسطين.

> هل ترون تشابهاً بين حصار الرئيس عباس الآن والرئيس الراحل ياسر عرفات من قبله، خصوصاً في ضوء محاولة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ايجاد قيادة بديلة محلية خدماتية، وتركه الباب موارباً للحوار مع «حماس» في إطار سياسة العصا والجزرة؟

- لا ننظر الى الموضوع بهذا الإطار. مررنا بظروف شبيهة لفترات طويلة، لكن لا نحاول أن نقارن لأن المقارنة لا تفيد بشيء. الأساس أن الموقف الثابت الملتزم بالمبادئ لا يعجب إسرائيل، وكون عباس لم يرضخ للضغوط سينعكس على شكل ضغوط إضافية لأن الحكومة الحالية ومكوناتها لا تريد سلاماً مع الفلسطينيين. للمرة الأولى هناك تركيبة بهذا السوء في إسرائيل، ونحن غير متفاجئين من هذا الضغط الهائل من الإسرائيليين. متى توقف ليبرمان عن القول أن عباس ليس شريكاً. إنه هو الذي اخترع الإرهاب الديبلوماسي. ليبرمان يحاول استعادة تجربة روابط القرى، هل ستنجح؟ فليجرب. نتانياهو سيفشل وليبرمان سيفشل.