بدر القحطاني
بعد يومين على إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، التي أعقبت جولته في المنطقة، أعلنت لندن شروعها في التشاور مع أعضاء مجلس الأمن لطرح مشروع قرار بشأن اليمن على طاولة المجلس خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويحتوي المشروع على أربع نقاط أساسية تتعلق بوقف الأعمال العدائية، ودعم خريطة السلام التي اقترحها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووصول المساعدات الإنسانية للمناطق كافة داخل البلاد، والتحقيق في جميع المزاعم الخاصة بارتكاب أطراف الصراع انتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وقال مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير ماثيو رايكروفت، إن مشروع القرار ما زال قيد البحث والمشاورات مع أعضاء مجلس الأمن الدولي.
وأعرب في تصريحات مساء أول من أمس بمقر المنظمة الدولية بنيويورك، عن أمله في أن يحظى مشروع القرار بدعم كل أعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم 15. وأضاف المندوب البريطاني «نعمل مع شركائنا بشكل وثيق بشأن مشروع القرار، وسنطرحه على طاولة المجلس في الأيام المقبلة، ويضم 4 عناصر أساسية، وآمل أن يوافق جميع أعضاء المجلس على تلك النقاط الأربع»، وفقا لبيان تلقته «الشرق الأوسط» من الخارجية البريطانية.
وتعد بريطانيا واحدة من الدول الـ18 الراعية للسلام في اليمن، وهي أيضا عضو المجموعة الرباعية التي تضم معها السعودية والإمارات والولايات المتحدة.
من جهته، اكتفى المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي بالقول إن «المشروع قيد الدراسة».
سفير اليمن لدى واشنطن، الدكتور أحمد بن مبارك، يقول لـ«الشرق الأوسط»: نعتقد أنه لا حاجة إلى قرار إذا ما كان هناك القرار 2216. الذي لم يتم تنفيذه رغم صدوره تحت الفصل السابع.
ويفصل قائلا: «أعتقد أننا اليوم بأشد الحاجة لمقاربات جديدة تساعد في التوصل إلى حلول قابلة للتطبيق في الأرض وتحافظ على تعاون وتفاعل مختلف الأطراف اليمنية والإقليمية مع الجهود الأممية، وألا تدفع الأمور لفقدان هذا المسار الذي يشكل رئة مهمة تتنفس من خلالها أفكار السلام الذي لا يستثني أحدا ولكنه بالمقام الأول يستعيد الدولة ولا يسمح بسيطرة الميليشيات أيا كانت على مستقبل اليمنيين... عموما نحن لم نطلع على أي وثيقة رسمية حتى الآن»، مكملا: «إن الحكومة اليمنية ستكون مع أي جهد دولي يقود إلى وقف الحرب وتحقيق السلام وبما لا يتجاوز المرجعيات المتفق عليها والأهم ألا يؤسس قاعدة لمزيد من الصراعات المستقبلية».
وفي السياق، حدد سفير اليمن لدى واشنطن في اتصال هاتفي، أمس، 3 ملاحظات ترى فيها الحكومة اليمنية اختلافا بين خطة التسوية الأممية الجديدة والمرجعيات الثلاث.
وتمثلت النقاط الثلاث في صلاحيات نائب الرئيس، وتجزئة الانسحابات، والاتكاء على مشاورات الكويت بصفتها ركيزة لأي مسيرة سلام.
ويرى السفير أن خطة التسوية «تعاني من إشكاليات منهجية ولا تستند إلى الواقع ولا على الجهود السابقة كافة التي شكلت مسيرة التحول السياسي باليمن».
الملاحظة الأولى، تمثلت في إحداث تغيير في مؤسسة الرئاسة. ويقول الدكتور ابن مبارك إنه يخالف تماما المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216، وبالتحديد تعيين نائب جديد ونقل صلاحيات الرئيس إليه. «الموقف الشعبي والسياسي لمعظم اليمنيين الذي عبروا عنه خلال الأيام القليلة الماضية يعتبر مؤسسة الرئاسة خط الضمان الأخير للشرعية، فالآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تشير إلى تحول دستوري ورئيس منتخب وهذا الرئيس لا يغادر إلا بانتخابات، ثم أتت وثيقة الضمانات في الحوار الوطني الشامل تحدثت بالنص على أن الرئاسة لا تنتقل إلا بعد انتخابات وفقا للدستور الجديد، وما يشاع عن الجانب المتعلق بالفترة الزمنية». مكملا: «لقد صدر بيان رئاسي من مجلس الأمن عزز ما ذهبت إليه وثيقة الضمانات في الحوار الوطني بأن قال إن الفترة الانتقالية لا تنتهي إلا بعد انتخابات رئاسية وفقا للدستور الجديد».
الأمر الآخر الذي يقول السفير إنه «غير واقعي في خريطة الطريق»، تجزئة الانسحابات حول ما كان يعرف بالمنطقة (أ)، ويعلق قائلا: «إن الاعتقاد أن الانسحاب من صنعاء سيحقق الأمان لعودة مؤسسات الدولة دون تأمين الانسحاب من الحديدة وتعز في الوقت ذاته هو اعتقاد خاطئ ولا يأخذ بنظر الاعتبار التاريخ السياسي والاجتماعي والجغرافي ولا لطبيعة توزيع بعض القبائل حول صنعاء التي استطاع تحالف الحوثي - صالح تجنيدها في مشروعه الانقلابي، ثم إن الاعتقاد أن الميليشيات الانقلابية ستنفذ كل تلك الترتيبات الأمنية بمجرد إحداث ذلك التغيير المطلوب في مؤسسة الرئاسة اعتقاد يسقطه التفكير المنطقي والتجربة السابقة التي خضناها في اتفاق السلم والشراكة، الذي حظي كذلك بدعم دولي من مجلس الأمن، ثم تم الانقلاب، ولولا تدخل الأشقاء في التحالف لكان الوضع في اليمن أسوأ من سوريا».
وثالث الملاحظات تمثل في أن الحكومة اليمنية تعتقد أن تكثيف الجهود الدولية نحو ضمان إنجاح وقف إطلاق النار بصورة دائمة وتخفيف المعاناة الإنسانية وفتح الحصار عن المدن ودعوة مختلف الأطراف للعودة للحوار على قاعدة الأفكار التي نوقشت في مشاورات الكويت سيشكل قاعدة مهمة لحماية الشعب اليمني ومكتسباته ونزوعه نحو السلام وسيحافظ على الدور الأممي في تحقيق السلام وإعادة إعمار اليمن.
التعليقات