البرادعي.. ردود أفعال واسعة على دعوته إلى العدالة الانتقالية وتبرؤه من الإطاحة بمرسي

منار عبد الفتاح

 أثار بيان الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، حول موقفه خلال الفترة من 3 تموز/ يوليو وحتى 14 آب/أغسطس 2013، عاصفة من الهجوم، بسبب سعيه لطلب العفو والسماح من جماعة الإخوان وأنصارها، محاولاً بكلماته أن يوصل رسالة لمؤيدي الرئيس المعزول أنه لم يوافق على خارطة طريق 3 تموز/يوليو، التي طرحها ممثلو المجتمع المصري إلا حقناً للدماء وخوفاً من دخول البلاد في معترك حرب أهلية.
كما أثار البيان ردود فعل متباينة حول توقيته.. ففي الوقت الذي اعتبره نشطاء لم يقدم جديداً فإن آخرين هاجموا البرادعي فيما طالب نشطاء البرادعي بأن يقدم شهادة كاملة حول الاحداث خلال هذه الفترة.

تويترات وهاشتاغات

ودشن رواد موقع «تويتر» هاشتاغ بعنوان «البرادعي» انتقدوا من خلاله البيان والتوقيت الذي أعلن فيه ومضمون البيان بشكل كامل، ودشنوا ما يمكن أن نطلق عليه «محاكمة للبرادعي على تويتر».
وانتقد الكاتب الصحافي جمال الجمل، في تدوينة عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»، بيان الدكتور محمد البرادعي، وقال الجمل «بيان البرادعي ناقص كثير.. ضيق الرؤية.. يهتم بتبرئة نفسه أكثر مما يقدم شهادة على الوضع العام بملابساته المعقدة».
وأشاد خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، ببيان الدكتور محمد البرادعي، وقال في تدوينة عبر «فيسبوك»: «شهادة مهمة بعيداً عن جنون ومزايدات البعض».
وقال جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «شهادة: يوم طلب السيسي تفويضاً من الشعب، كنت بالاتحادية مع البرادعي و30 شخصاً، طلب التفويض كان مفاجأة وشعرنا أن عدلي منصور صورة».
وأضاف عبر تدوينة أخرى، «عموماً البرادعي لم يوظف السلفيين لدعمه، ولم يكرم القتلة ويوفر حصانة لهم، ولم يستخدم ميليشيا لضرب الشباب، ولم يخن الثورة.. 3 يوليو نتيجة وليست مقدمة».
وقال تقادم الخطيب، الباحث السياسي، «ما ذكره الدكتور البرادعي صحيح، لكنه لم يذكر كيف قامت جبهة الانقاذ بصياغة بيان تأييد خطاب السيسي (مهلة 48 ساعة)، والذي جاء بعد اتصال اللواء العصار.. جبهة الإنقاذ كتبت هذا البيان بعد ان اتصل بهم اللواء العصار، والذي طلب منهم تأييد خطاب وزيرالدفاع بإعطاء مهلة للجميع 48 ساعة. ويكون التأييد مكتوباً».
وأضاف «أتمني من الدكتور البرادعي وأنا احترمه علي المستوى الشخصي واختلف معه على المستوى السياسي، أن يقول الحقيقة كاملة بما له وما عليه دون نقصان».
من ناحية أخرى اشترك كل من مؤسسي تمرد محمد عبد العزيز، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وحسن شاهين في الهجوم على بيان البرادعي ووصفاه بأنه يحمل الكثير من المغالطات». وأكدا في مداخلات هاتفية وتدوينات على فيسبوك أن الجميع كان يعلم أنه تم احتجاز الرئيس الأسبق محمد مرسي قبل اجتماع 3 تموز/يوليو لكن «البرادعي» لم ينسحب ولم يعترض على هذا الأمر.
وأضاف كلاهما في ردهما أن «البرادعي» رفض إجراء استفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة وأصر على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، لافتاً إلى أن القائد العام للقوات المسلحة وقتها الفريق أول عبد الفتاح السيسي اقترح إجراء استفتاء على عزل «مرسي» لكن تقدير «البرادعي» كان العزل مباشرة لأنه لا يصح استمراره أكثر من هذا..
وأبدى استنكاره لخروج بيان «البرادعي» في هذا الوقت، قائلاً: «لماذا تكتب هذا الكلام في هذا التوقيت، ومقولتوش ليه من 3 سنين؟!».
وطالب طارق العوضي المحامي الحقوقي ومدير مركز دعم دولة القانون، في فيديو له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بأن يرد النظام على ما جاء ببيان الدكتور محمد البرادعي، وخصوصاً أن هناك اتهامات واضحة وخطيرة للدولة بأنها أفشلت المساعي السلمية لفض اعتصام «رابعة» دون اللجوء إلى القوة.
كما طالب البرادعي بأن يشرح للناس حتى لو من خلال «تويتة» صغيرة لماذا تأخر كل هذه الفترة (ثلاث سنوات) منذ آب/أغسطس 2013 وحتى الآن، واضعاً علامات استفهام حول توقيت صدور البيان.
وأكد أيضاً أن البيان كان من المفترض أن يصدر في حينها في 2013، وطرحه الآن يضع علامات استفهام كثيرة، مؤكداً أنه لا يشكك في البرادعي ولا يكذب البيان وأنه صادق بلا شك. لكن التوقيت هو المثير. وأكد العوضي، مرة أخرى على أهمية بيان البرادعي مطالباً مرة ثانية الدولة والإعلام بأن يفسحوا مجالاً لمناقشة ما جاء فيه، مشيراً إلى أن الرد عليه بالسباب والسخرية لن يكون مجدياً.
وقال المحامي زياد العليمي، القيادي في الحزب الديمقراطي الإجتماعي، على صفحته على فيسبوك تعليقاً على البيان «بغض النظر عن تقدير أي حد لبيان د. البرادعي وتوقيته، المهم في رأيي؛ إن الشهادة اللي كتبها د. محمد البرادعي في بيانه، هي الشهادة الوحيدة من مسؤول رسمي في الفترة دي، ولو فيه مسؤول رسمي تاني حضر الاجتماع دة عنده شهادة تانية، يتفضل يقولها، ولو ظهر مسؤول رسمي آخر قال رواية مختلفة من حقنا نعرف الحقائق من خلال تحقيق رسمي، يتسمع فيه كل الشهود، وتتفرغ فيه تسجيلات الاجتماعات دي».
وتابع «لو عاوزين نناقش حاجة، خلينا نناقش الموضوع نفسه، ومانتجرش لمناقشة دوافع الأشخاص، لإن دي حاجة مايعرفهاش غير ربنا، والمناقشة فيها تضيع المكسب الحقيقي منها، وهو حقنا في الشفافية».
وكتب محمد حسن أحد المشاركين في الهاشتاغ قائلاً: «البرادعي، هو شخصية أحمد مظهر نفسها في فيلم الأيدي الناعمة بس النص الأول من الفيلم، بيعمل مزيكا فاشلة محدش بيسمعها غير ولاده».
أما هالة عبد الوهاب فقد علقت على بيان البرادعي بقولها: «اللي عامل بلوك للشعب المصري كله، عايز إيه من مصر مالكش مكان فيها يا خاين، هاتموت غريب».
«ليس ملكاً لنفسه وإنما هو سلاح بشري يستخدم في تلك الأوقات» هكذا وصف بعض المشاركين في الهاشتاغ البرادعي، وعبر عن ذلك أحدهم بقوله: «أنا شايف إن الشخص اللي بيغيب كل هذه الفترة، وبيظهر في وقت محدد، هو مش ملك لنفسه، وإنما سلاح بشري بيستخدم في الأوقات، اللي فيها مصلحة».
فيما وجه ميدو فاروق أحد المغردين رسالة شديدة اللهجة للبرادعي، ذكره خلالها بملف وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وقت أن كان رئيساً لهيئة الطاقة الذرية، قائلاً: «بلاش تكتب تاني بقلمك ده، مش ده القلم اللي أعطى تأشيرة دخول الغرب لتدمير العراق».
وعلقت إحدى المشاركات في الهاشتاغ، قائلة: «المهم اللي كاتب للبرادعي البيان كتب إيه إن ملايين الناس نزلت يعني بيعترف أهو إن الشعب بملايين يرفضون الإخوان بيتكلم في إيه بقى».
وعلق الإعلامي محمد العقبي، خلال برنامجه «من الآخر»، المذاع على فضائية «روتانا مصرية»، على البيان قائلا: «عبارة عن سرد، ومعلوماته مغلوطة». وتابع «العقبي» أن البرادعي استخدم مصطلحات مطاطة في بيانه تؤدي إلى معنى غير حقيقي.
وأشار إلى أن البرادعي، ادعى أنه لم يكن على علم بالتحفظ على الرئيس المعزول محمد مرسي، خلال أحداث 3 يوليو، قائلا: «طب لما عرفت منسحبتش ليه، وليه مش رصدت جرائم الإخوان؟».

لماذا قبل 11 الشهر الجاري؟

وقال أحمد فوزي، الأمين العام السابق للحزب المصري الديمقراطي، خلال تصريحات تلفزيونية، إن توقيت إعلان بيان الدكتور محمد البرادعي لا يعنيه، مشيراً إلى أن البرادعي أصدره لأنه شعر بأن هناك انتقادات شديدة توجه ضده.
وأضاف أن البرادعي انقطع عن العمل السياسي منذ فترة وحصر نشاطه في عدد من «التويتات». وتابع: «البيان الذي أصدره البرادعي يدل على أنه إما ساذج أو كذاب، لأنه كان يعلم بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، لأنه كان باستطاعته أن يخرج للرأي العام ويقول لن أشارك في بيان 3 يوليو لأن مرسي تم القبض عليه».
وأكد محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق، في بيانه، أنه أراد تجنيب البلاد الاقتتال الأهلي والحفاظ على السلمية عندما علم باحتجاز الرئيس المصري السابق محمد مرسي من قبل القوات المسلحة في 3 تموز/يوليو 2013.
جاء ذلك في بيان نشره في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الثلاثاء، وذلك قبل أيام من دعوات إلى التظاهر ضد الحكومة مقررة يوم الـ11 من الشهر الجاري.

توضيح البرادعي

وقال البرادعي في البيان الذي وصفه بـ«المفيد لسرد بعض الحقائق ووضعها في سياقها السليم بعيداً عن الإفك والتزوير «إن الاجتماع الذي أجري في 3 تموز/يوليو 2013 كان لبحث الوضع المتفجر على الأرض نتيجة مطالب الجموع الغفيرة المحتشدة في كل أنحاء مصر منذ 30 حزيران/ يونيو (2013) بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وبين أنه وعلى ضوء هذا الأمر الواقع المتمثل في رئيس محتجز وملايين محتشدة في الميادين أصبحت الأولوية بالنسبة له هي العمل على تجنب الاقتتال الأهلي والحفاظ على السلمية والتماسك المجتمعي من خلال خريطة طريق بنيت على افتراضات مختلفة بالكامل عن تطورات الأحداث بعد ذلك.
كما أوضح البرادعي أنه قبل المشاركة المرحلة الانتقالية على هذا الأساس كممثل للقوى المدنية بهدف المساعدة على الخروج بالبلاد من منعطف خطير بأسلوب سلمي بقدر الإمكان إلا أن الأمور سارت نحو العنف بعد استخدام القوة لفض الاعتصامات.
وقال إنه كان معارضاً لهذا الأمر داخل مجلس الدفاع الوطني لقناعته بوجود «حلول سياسية شبه متفق عليها كان يمكن أن تنقذ البلاد من الانجراف في دائرة مفرغة من العنف والانقسام وما يترتب على ذلك من الانحراف بالثورة وخلق العقبات أمام تحقيقها لأهدافها».
وأضاف أنه «في ضوء ما تقدم من عنف وخداع وانحراف عن مسار الثورة فقد كان من المستحيل علي الاستمرار في المشاركة في عمل عام يخالف كل قناعتي ومبادئي، خاصة قدسية الحياة وإعلاء قيمة الحرية والكرامة الإنسانية، حتى وإن كان ذلك عكس التيار العام والهستيريا السائدة في ذلك الوقت».
وشدد على أن مستقبل مصر يبقى مرهوناً بالتوصل إلى صيغة للعدالة الانتقالية والسلم المجتمعي وأسلوب حكم يقوم على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعلم والعقل.
وكان البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام تقدم باستقالته من منصبه في 14 أغسطس/آب 2013 عقب بدء فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.