محمد آل سلطان

على عكس ما هو موجود ومنذ أكثر من عام في كثير من وسائل الإعلام المصرية التي فجر بعضها في الخصومة حتى تقيأ... !! اتسم الإعلام السعودي في مجمله بالحرص على هذه العلاقة وعدم إفسادها عدا بعض ردات الفعل والتأثيرات المتبادلة بين الطرفين في وسائل التواصل الاجتماعي بل إن الأغلبية الساحقة من الكتاب والمثقفين السعوديين أبدوا بدورهم دفاعاً عن المواقف المصرية من خلال إلقاء اللوم على حزب الإخوان فقط إلى درجة تبلغ أحياناً مستوى التبرير الساذج والحب أو البغض الأعمى الذي يحرمهم أحياناً من رؤية الأشياء كما هي لا كما يتمنونها!

الباقيتين السعودية ومصر التي لا أشك للحظة واحدة أن علاقتهما الوجودية التي تفرضها حقائق التاريخ والجغرافيا ووحدة المصير ستبتلع أي تباين بينهما عند اللحظات الحاسمة، هما بحاجة الآن إلى المكاشفة والمصارحة بينهما حتى لا تمر سحابة الصيف العابرة دون استمطارها والاستفادة منها، لذا على العقلاء أن يعينوهما بداية على التخلص من الوشاة والحمقى والمستفيدين من إفساد العلاقة بين البلدين سواء كانوا من الداخل أو الخارج، وهم في رأيي على أربع شعب: إما أن يكونوا حزبيين من البلدين طغت عليهم حزبيتهم الضيقة والبغيضة حتى ولو على حساب دمار بلدانهم! وإما أن يكونوا تيارا خارجيا قابعا تحت عمامة المشروع الفارسي الصفوي! وإما أن يكونوا من فريق المطبلين المتكلفين لإيجاد المبررات للمتغيرات السياسية والاقتصادية الطبيعية التي تحكم أي بلد، أو أن يكونوا مرضى للشوفينية المصرية المتصاعدة التي لا ترى لمصر العزيزة مكاناً أو مكانة إلا على حساب الحط من قدر أشقائها وطناً وشعباً وقيادة!

وهذه الأخيرة «الشوفينية المصرية المتصاعدة» لم يتم التركيز عليها من قبل معظم النخب السعودية تحديداً والمصرية أيضاً مع ظني أنها السبب الرئيس في كل الحملات الإعلامية المتصاعدة التي يذكيها الإعلام الإخواني والفارسي فلا يمكن أن أقبل كسعودي أن نشتم جميعاً ليل نهار قيادة وشعباً بحجة الإعلام الحر التي لا تنطلي على أحد!

المصريون غضبوا ومعهم ألف حق عندما أخطأ الأمين العام لمنظمة العالم الإسلامي ولو حتى بالنكتة أو المزحة في حق رئيس دولة كبيرة كمصر ورغم اعتذاره واستقالته، ورغم أنه لا يمثل المملكة بقدر ما يمثل المنظمة التي خالف أنظمتها! إلا أن الجميع هنا في السعودية انتقده فلا يمكن أن نسمح بالسخرية ولو حتى من بعيد! من رئيس دولة عزيزة علينا كمصر!

في الوقت ذاته، من حقنا أن نغضب وأن نعاتب ونطالب بالاعتذار الذي يرضينا لأنه لا يمكن أن نرضى أو نطبطب أو حتى نتغاضى على كل مأجور في الإعلام المصري يسيء للسعودية وقيادتها ويصفها بأبشع ما يمكن أن يصفها الأعداء به! ثم نسكت أو نبرر أو نتأول له كما يفعل البعض! ولا ينبغي على إعلامنا وكتابنا ومثقفينا أن يغضوا النظر عن ذلك وبدون أن ننحدر لمستوى البذاءة الأخلاقية واللغوية! لابد أن يعلم الجميع أننا لن نتسامح مع قائمة العار تلك! ليس لأننا نحب بلدنا وقيادتنا فقط بل لأننا نحب مصر أيضاً ولا نرضى عليها ولا منها أن يكون إعلامها بهذا الانحدار الأخلاقي.