كلمة الاقتصادية

لا يزال النظام السوري يمارس أبشع الجرائم في سورية عموما ولكن صراعه مع الشعب السوري في حلب اليوم معركة ترتكب فيها أبشع الجرائم ضد الإنسانية ويجرب فيها أحدث الأسلحة الفتاكة التي تستهدف المدنيين والمنشآت العامة والخاصة والأحياء السكنية حتى من غادروا حلب من المدنيين لم يسلموا من القصف بالقنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة التي تقضي على البشر والحجر.

ولم يعد في حلب سوى بقايا مدينة وأطلال تحكي عن مدينة كان يسكنها أربعة ملايين من البشر هي الآن حطام وركام يتحدث عن تناقض العالم كله بين واقع مأساوي وقيم ومبادئ ليست سوى حبر على ورق، والمأساة الأكبر هي مشاركة الروس والإيرانيين في هذه الجريمة البشعة التي تعكس بصدق أسباب تعاسة الإنسان في عصر العلم والمعرفة فقد خرجت الإنسانية من المشهد ليبقى للسوريين تجرع هذه المأساة التي تصدم العالم كله بصور هي أقرب إلى الخيال.

لقد صدمت الأحداث في حلب الجميع، ولا تزال ردود الأفعال تنحصر في تقاذف المسؤولية عن أسباب ما يجري بين منظمات دولية عاجزة عن فعل شيء، وبين حكومات صامتة وأخرى تدعم بالسكوت عما يجري دون إدانة دولية للقائمين بتنفيذ هذه الجريمة البشعة في حق أهل حلب، في حين أن إيقاف الأعمال العدائية للنظام السوري ومن معه له الأولوية في فرضه بقوة القانون الدولي ومن خلال المنظمات الدولية وأخص منها تلك المنظمات المعنية بحقوق الإنسان وحماية المدنيين وإنفاذ قواعد الحرب وفق المعاهدات الدولية التي تجرم قصف المدن وتدميرها.

موقف المملكة العربية السعودية كان واضحا منذ بداية الثورة السورية مطلع عام 2011 أي قبل ست سنوات، حيث طالبت المملكة بأن يتم نقل السلطة في دمشق إلى حكومة وطنية توافقية بين الأطراف تتولى إدارة البلاد حتى يتم إجراء انتخابات يختار فيها الشعب السوري قيادته الوطنية لكي تسلم سورية من الانزلاق في هاوية الحرب الأهلية والفوضى ونشوء الجماعات الإرهابية المسلحة التي تقود البلاد إلى دوامة العنف والحرب المستمرة.

إن ما يجري في حلب الآن ستكون له عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار في المنطقة عموما وبلاد الشام على وجه الخصوص لأن مدينة حلب حلقة واحدة في سلسلة المدن السورية التي تعاني صراعا مريرا مع النظام السوري وداعميه. ولن تنتهي المأساة في سورية بالاستيلاء على هذه المدينة بل ستكون بما يجري فيها من مأساة إنسانية منعطفا خطيرا في حالة الحرب مع النظام السوري وموقف دول العالم ومنظماته من هذه الجرائم.