&محمد محفوظ

وفق الرؤية التي عبّر عنها الأمير محمد بن سلمان في حواريته مع فضائية العربية، لا يمكن لمؤسسات الدولة أن تقوم بدورها على أكمل وجه في دعم وإسناد الرؤية الوطنية إلا بتجديد بعض مؤسساتها وإدخال بعض الإصلاحات في أدائها..

لقد أجاد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في عرض مشروع الرؤية الوطنية الجديد.. ويبدو أن أغلب المشاهدين السعوديين تفاءلوا من جراء تلك المقابلة التلفزيونية، كما أن الأمير محمد بن سلمان عبّر عن قناعاته بثقة تامة، وانفتح في حواريته مع العربية على طبيعة المشاكل وسبل علاجها.

وقد رسخت هذه الحوارية السياسية والاقتصادية والمستقبلية، عن ثقة عميقة يمتلكها الأمير محمد بن سلمان بمشروع الرؤية السعودية، وأن بإمكان هذه الرؤية أن توفر للمملكة قدرة على بناء مستقبلها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي..

صحيح أن المقابلة لم تتطرق إلى بعض المشاكل والقضايا التفصيلية، إلا أن هذه المسألة من طبيعة الأمور التي تناقش قضايا كبرى ورؤية استراتيجية ستسير عليها دولة إقليمية كبرى بحجم المملكة العربية السعودية..

ويبدو من طبيعة الأرقام التي ذكرها الأمير في المقابلة أن هذه الرؤية استطاعت أن تناقش أموراً عديدة، مع إدراك تام أن هذه الرؤية بحاجة إلى إدارة سليمة لتطبيقها بشكل سليم بما يعود على الوطن كله بالخير والنفع العام..

ولا ريب أن من الصحيح أن تسير الدولة وفق رؤية استراتيجية وذات مدى زمني محدد.. وستبقى هذه المسألة مسجلة باسم الأمير محمد بن سلمان حيث أرسى هذا التقليد الذي نتطلع إلى استمراره.. فالمملكة كدولة لا تعيش وفق ردود أفعال سياسية واقتصادية وإدارية، وإنما تسير كل أجهزتها وهياكلها ومؤسساتها وفق رؤية مكتوبة ومستندة إلى معطيات وحقائق واقعية تتعلق بمستوى الطموح والتطلع للوصول إلى غايات وأهداف بعيدة، كما أنها ترسم خارطة للطريق لكي تتمكن كل أجهزة الدولة من السير وفق هدي ومقتضيات الخطة والرؤية الاستراتيجية الوطنية..

وعلى حد علمي قد تكون هذه المبادرة والإعلان الرسمي عنها من أعلى السلطات في المملكة من المبادرات الأولى التي أرست تقليد وعرف إدارة كل مؤسسات الدولة وفق خطة مدروسة ورؤية استراتيجية شاملة لكل المؤسسات والهياكل الرسمية للدولة..

وعليه فإننا نعتبر هذه الخطوة من المبادرات الإيجابية والهامة، والتي نتطلع إلى استمرارها مع كل حقبة زمنية..

فالدول اليوم لا تسير بلا هدى وبلا خطة، وكل الدول المتقدمة تسير وفق رؤية استراتيجية وخطة وطنية مدروسة ومرسومة..

لذلك نسجل إعجابنا بإرساء هذا العرف والتقليد، أن مؤسسات الوطن المتنوعة، تسير وفق مبادرة متعوب عليها.. ونتطلع إلى ذلك اليوم الذي نجد فيه كل عناصر الرؤية والخطة الوطنية قد تم تنفيذها والالتزام بكل مقتضياتها..

ومن المؤكد أن صراحة الأمير محمد بن سلمان سواء في المقابلة التلفزيونية أو في المؤتمر الصحفي تعكس أن ثمة عزماً حقيقياً على تنفيذ كل بنود الرؤية الوطنية، وإن مشروع التحول الوطني يعكس حجم الطموحات والتطلعات التي أبداها الأمير في مقابلته ومؤتمره الصحفي.. ومن المؤكد أن وقوف الأمير محمد بن سلمان خلف تنفيذ هذه الرؤية ومتابعة كل تفاصيلها سواء الإيجابية أو السلبية، يعتبر من مصاديق الجدية في تحويل كل بنود مشروع التحول الوطني إلى معطيات وحقائق شاخصة في المشهد الاقتصادي والاجتماعي الوطني.. ولا ريب أن الاستجابة إلى مقتضيات التغيير تعد من العناصر الإيجابية.. فمؤسسات الدول بحاجة بشكل دائم إلى دماء جديدة وإرادة على التغيير حتى تتمكن هذه الدول من امتلاك كل الحيوية والفعالية... ولعلنا لا نقول جديداً حينما نقول إن الدول التي تتوقف لأي سبب من الأسباب عن التغيير، هي تساهم في إضعاف ذاتها، لأن التوقف عن التغيير يؤدي إلى تسرب بعض أمراض الضعف..

وأود في هذا السياق ذكر مجموعة من النقاط التي تساهم في تعزيز مشروع التحول الوطني..

لا ريب أن مشروع التحول الوطني من المشروعات الطموحة والهامة، والتي بحاجة أن تسند إعلامياً وتعليمياً.. ومن المؤكد أن استمرار مناهج التعليم على حالها في ظل تطبيق رؤية التحول الوطني، سيجعل من التعليم الوطني ومخرجاته البشرية من عوائق التحول..

لذلك نشعر بأهمية تجديد وتطوير مناهج التعليم والإعلام، حتى تكون بمستوى الرؤية الوطنية، وبمستوى بناء كفاءات وقدرات وطنية، قادرة على دعم وإسناد والمساهمة في مشروع التحول الوطني..

ومن المؤكد أن تطوير التعليم بمراحله المختلفة، يعد حجر الأساس لتفاعل شرائح عديدة اجتماعياً مع كل مقتضيات ومتطلبات الرؤية الوطنية الجديدة.

كما أن المؤسسات الإعلامية بحاجة أن تطور من أدائها حتى تتمكن من تقويم أداء آليات التحول الوطني..

فالمؤسسات الإعلامية الحية والحيوية من ضرورات النجاح في مشروع التحول الوطني..

ولا ريب أن تفعيل نظام الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني يعد من الخطوات الهامة، كما أن إدخال مبدأ الانتخابات على بعض دوائر الدولة وبالخصوص مجلس الشورى، يعد من المداخل التي تعزز من قدرة مؤسسات الدولة لدعم وإسناد مشروع التحول الوطني..

وجماع القول: إن رؤية المملكة 2030، رؤية طموحة وذات أفكار ممكنة التطبيق، وتحتاج لكي تذلل كل العراقيل الذاتية والموضوعية إلى تحول سياسي، يعلي من قيمة الانتخابات المباشرة وتفعيل وتسهيل تأسيس مؤسسات المجتمع المدني، حتى تضمن هذه التحولات مشاركة جدية من قبل المجتمع السعودي في دعم وإسناد رؤية التحول الوطني..

وإنهاء مرحلة إدمان النفط على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ليس هدفاً بعيد المنال، وإنما هو بحاجة إلى استعدادات وتحولات إعلامية وتعليمية وثقافية ومجتمعية، للنجاح في إنهاء مرحلة إدمان النفط..

وكسعوديين كل ما نتطلع إليه هو أن تجد كل الرؤى والبنود طريقها للتنفيذ. ولكي يكون طريق التنفيذ معبداً، نحن بحاجة إلى بعض التحولات الداعمة لخيار التحول في البناء الوطني..

ومن المؤكد أن إدخال دماء جديدة في المؤسسات والدوائر الرسمية، يساهم في ترشيق مؤسسات الدولة، وهذا من لوازم النجاح في مشروع التحول الوطني..