&حمود أبو طالب

انفض سامر المفاوضات اليمنية الطويلة في الكويت وأعلن المبعوث الأممي خالد ولد الشيخ في مؤتمر إعلامي يوم الخميس عن بدء جولة جديدة في ١٥ يوليو بعد إعطاء الطرفين الحكومي والحوثيين وحلفائهم مهلة للتشاور مع قادتهم مع الالتزام بوقف الأعمال القتالية وتشكيل لجنة تهدئة وتنسيق، والامتناع عن اتخاذ أي قرارات تقوض العملية السلمية، وتنسيق الإفراج العاجل عن الأسرى والمعتقلين. كما طرح ولد الشيخ تصورا عن تشكيل حكومة وطنية وحوار سياسي شامل مع آليات مراقبة دولية. هذا ما تمخضت عنه المفاوضات التي استغرقت أكثر من ثمانية أسابيع، ولا نعلم ما الذي يجعل المبعوث الأممي يتفاءل أو يتوقع أن تلك الخطوات ستتحقق كي تمهد لأمل إيجابي في الجولة القادمة.

الحوثيون لم يلتزموا بأي شيء منذ حولتهم الأمم المتحدة من فصيل انقلابي متمرد إلى طرف سياسي اكتسب الندية للحكومة الشرعية وأصبح يفاوضها في تناقض صارخ مع مضمون القرار ٢٢١٦ الذي كان واجب التنفيذ بعد صدوره مباشرة لكنه لم ينفذ، وذلك ما جعلهم يستقوون ويرفعون سقف مطالبهم ويملون شروطهم ويسدون الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى الحلول وإنهاء الأزمة. الأعمال القتالية للحوثيين لم تتوقف ولن تتوقف، ومشاورات وفدهم مع قادته خلال الوقت المستقطع إلى ١٥ يوليو سوف تسفر عن مزيد من التعنت وخلط الأوراق أملا في تحقيق المكاسب التي يطمحون إليها. أما تصور المبعوث بتشكيل حكومة وطنية في هذا الوقت فإنه أخطر ما في القضية لأنه سوف يختصر عليهم الوقت والجهد لتحقيق أحد أهدافهم الاستراتيجية لأنه من الطبيعي جدا أن يشاركوا فيها طالما أصبحوا طرفا سياسيا يفاوض الحكومة الشرعية، وعندما تكون سلطتهم هي الحاضرة على الأرض كما هو الواقع الآن فإنهم سيكونون الكتلة المؤثرة في الحكومة، أو الحكومة كلها لجهة القوة وفرض القرارات.

هذا التوجه الأممي سيصيب الشرعية اليمنية في مقتل، وسيفرض واقعا جديدا أشد سوءا من الواقع الراهن. إنه يعني تسليم اليمن للحوثيين بشكل مباشر، والدفع بالقضية في اتجاه بالغ التعقيد والخطورة، ولذلك لا يجب تمرير هذه الخطوة على وجه الخصوص لأنها سوف تنسف كل ما تحقق بعد عاصفة الحزم من تحجيم للحوثيين وحلفائهم، إذ كيف يمكن بعدها المواجهة العسكرية لطرف أصبح ممثلا في حكومة وطنية وبمباركة الأمم المتحدة.

هناك ما يبعث القلق المتزايد من الكيفية التي تدير بها الأمم المتحدة ملف الأزمة اليمنية منذ بدايتها إلى الآن، لا سيما بعد أن أقدمت على اتهام التحالف العربي في عاصفة الحزم بما ذكره تقرير الأمين العام قبل فترة حتى وإن كان قد تم سحب الاتهام.