ماذا تحمل زيارة سلام إلى السعودية عُمرة أم بداية ترتيب للعلاقة المتوترة؟


& سابين عويس

&جاء الاعلان عن زيارة رئيس الحكومة تمام سلام إلى المملكة العربية السعودية تحت عنوان "أداء مناسك العمرة" مفاجئاً لبعض الاوساط السياسية، خصوصا أن الزيارة تأتي بعد اشهر كثيرة من انقطاع التواصل بين المملكة ولبنان على خلفية الموقف الرسمي اللبناني من النأي عن إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.

لم يتضح بعد مضمون الزيارة السريعة لسلام إلى المملكة ولقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ذلك أن رئيس الحكومة إنتقل من مكة لتمضية إجازة خاصة مع عائلته قبل أن يعود إلى بيروت مطلع الاسبوع المقبل.

لكن أيا يكن مضمون ذلك اللقاء، فهو حمل في طياته دلالات لا بد من أن تطبع مستقبل العلاقات المتوترة بين المملكة ولبنان منذ أشهر قليلة.

فمنذ 19 شباط الماضي، والعلاقات بين البلدين إلى مزيد من البرودة ولم تنجح المحاولات الحثيثة لرئيس الحكومة طلب موعد للقاء الملك في تحقيق هذا المطلب أو شرح حيثيات الموقف اللبناني الذي أثار سخط المملكة وعتبها.

في ذلك التاريخ، اصدرت المملكة موقفاً لافتا وقاسياً (عن مصدر سعودي مسؤول)، أعلنت فيه وقف المنح العسكرية للجيش والمساعدات الداعمة لتسليحه، رابطة موقفها هذا "بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة ما يسمى "حزب الله" اللبناني لإرادة الدولة، كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الاسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد"، مشيرة إلى انها "أجرت مراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة، واتخذت قراراتها على اساس هذه المراجعة".
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ذهبت الاجراءات العقابية في حق لبنان إلى حد منع سفر الرعايا السعوديين الى لبنان.

حتى اللقاء الذي كان يأمل لبنان في ان يجمع رئيس الحكومة الى الملك سلمان في إسطنبول على هامش القمة الاسلامية في ايار الماضي لم يحصل، ما أكد أن المناخ السعودي تجاه لبنان لم يتغير. وهو ما انعكس عمليا على مجمل الملفات الداخلية ولا سيما الملف الرئاسي.
مع مطلع شهر رمضان، كرر سلام طلبه للسفير السعودي برغبته في أداء مناسك العمرة في الحرم المكي الشريف. وكان الجواب السعودي بالايجاب والترحيب برئيس الحكومة إلى جانب الرئيس سعد الحريري.

ولا تذهب مصادر سياسية قريبة من السرايا بعيدا في توقعاتها حيال الزيارة، منتظرة عودة رئيس الحكومة، لكنها لا تقلل في المقابل أهمية اللقاء مع الملك، الذي كسر ولو في الحد الادنى الجمود وأعاد الحرارة إلى العلاقات المتوترة. ورأت أنه يمكن البناء على هذا اللقاء من أجل الاعداد المتقن لزيارة رسمية يقوم بها رئيس الحكومة إلى المملكة تشكل محطة مهمة من أجل طي صفحة التوتر وتأكيد التزام لبنان ومحبته واحترامه للمملكة قيادة وشعباً.

تجدر الاشارة الى ان الرياض امتنعت عن استقبال سلام منذ قرارها الشهير في شباط الماضي، كما رفضت استقبال اي وفد إقتصادي يهدف الى فصل الملف الاقتصادي عن الملف السياسي.
اما اللقاء الاول من نوعه وإن لم يكن ثنائيا وبوجود رؤساء آخرين، وهي العادة التي درجت عليها المملكة في استقبال الشخصيات التي تؤدي مناسك العمرة، أي أن لا استثناء في استقبال سلام أو الحريري، فهو يحمل أكثر من رسالة في اتجاه الداخل اللبناني،

ابرزها أن مرحلة الغضب قد بدأت تتراجع. لكن التعويل على مثل هذه الرسالة لا يكتمل ما لم تتبعه خطوات جدية على المستوى السياسي تترجم الدعم السعودي للبنان – إذا كان لا يزال قائماً- كما تتبعه إجراءات عملية ترمي إلى تخفيف التضييق على لبنان واقتصاده بما يعزز التفاؤل بحصول خرق على هذا المستوى، وإلا فإن الزيارة السلامية تبقى في إطار "العمرة"!&