&مصر..&«عش دبابير» الفاسدين يخترق وزارة التربية والتعليم… وزعم الرئيس بدولة القانون كلام في الهواء


حسنين كروم

تضاربت الأنباء في الصحف المصرية الصادرة أمس الأحد 3 يوليو/تموز عن امتحان الديناميكا لطلبة الثانوية العامة، الذي تمت إعادته بعد تسربه وأدى إلى وقف الامتحانات لفترة إلى أن تتم طباعة الأسئلة في مطبعة تابعة لجهة سيادية، كما نشرت الصحف.


والجهات السيادية التي لها مطابع هي وزارة الداخلية وتطبع فيها مطبوعاتها خاصة مجلة الشرطة الشهرية والمخابرات العامة والحربية، وأشارت الصحف إلى أن وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني سيعقد مؤتمرا صحافيا بعد عيد الفطر، كما طالبه عدد من أعضاء مجلس النواب بتقديم استقالته.
وعلى كل حال فقد وعد الرئيس السيسي لا الوزير بأن ما حدث لن يتكرر العام المقبل لأنه تتم الآن دراسات للتوصل إلى حلول حقيقية لمشكلة الثانوية العامة.
وواصلت الأغلبية بالإضافة لاهتمامها بالثانوية العامة الاهتمام بإجازة العيد ومعرفة إن كان سيكون أول أيامه الثلاثاء أم الأربعاء؟ لأنه سيتم استطلاع هلاله اليوم الاثنين. واستمرار الاهتمام بالحصول على تذاكر القطارات خاصة المتجهة للصعيد. كما استمر الاهتمام الواسع بالمسلسلات.
ومن أخبار الصحف المصرية أمس، استشهاد ضابطين وأربعة جنود من حرس الحدود في الفرافرة، بعد هجوم على دوريتهم من مهربين وإصابة ثلاثة منهم والقبض عليهم وإحالتهم إلى محكمة عسكرية، واستمرار لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس النواب لبحث ما تكشف من فضيحة فساد في صوامع القمح، ونهب أكثر من مئتين وخمسين مليون جنيه، وإعلان وزارة التموين عن أن مشروعها الجديد المسمى «جمعيتي» وصلت إلى فتح ثمانمئة وخمسين منفذا لتوفير السلع المخفضة، وتشغيل الشباب وإعلان وزارة الزراعة أنها اتفقت مع المركز الدولي للزراعات الملحية في الإمارات على زراعة مليون فدان أرض ملحية بمحاصيل مناسبة، على أساس أن الإمارات متقدمة في هذا المجال. وإرسال النقابة العامة للمعاشات رسالة للرئيس تطلب فيها منه رفع العلاوة السنوية من سبع7٪ إلى 10٪ . وبدء الحكومة إعداد قانون جديد يزيد العقوبة على من يستولون على أراضي الدولة وموافقة الرئيس على إنشاء مجلس أعلى للاستثمار برئاسته.
وعبر زميلنا وصديقنا عضو مجلس النواب مصطفى بكري عن عدم مناقشة المجلس المشروع الذي اقترحه ووقع عليه أكثر من ثلاثمئة عضو لنقل اختصاصات المجلس الأعلى للصحافة في تعيين رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية إلى الرئيس إلى أن يتم الانتهاء من القانون الجديد للإعلام. وإلى بعض مما عندنا….

خراب الذمم وانعدام الضمائر

ونبدأ بالموضوع الأكثر اهتماما من قبل أغلب الأسر المصرية وهو موضوع تسريب أسئلة الامتحانات وما جره ذلك من إعادة لبعض المواد، ما دعا زميلنا في «أخبار اليوم» رفعت فياض إلى أن يقول يوم السبت متهما بعض الأعضاء في المجلس بأن لهم حسابات يقومون بتصفيتها مع الوزير: «لن يكون الحل هو استقالة د. الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم بعد تسريبات الثانوية العامة، التي لن تتوقف حتى لو جاءوا بعشرين وزيراً مرة واحدة لهذه الوزارة، في ظل انتشار خراب الذمم وانعدام الضمائر ومركزية امتحان الثانوية العامة، الذي يمكن أن يتسرب من أي مكان بمئات الإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية، بعد خروجه من الوزارة قبل بدء الامتحانات بعدة أيام. الوزير فعل كل ما يمكن عمله، ولم يكتشف أحد للآن، حتى من السادة النواب أي إجراء آخر لم يقم بتنفيذه لمنع هذه الظاهرة، التي تشترك معه في مواجهتها وزارات عدة كالداخلية والاتصالات والدفاع والأجهزة الرقابية وأقولها من الآن: توقعوا أن تستمر هذه التسريبات، أما من طالب باستقالة الوزير من السادة نواب البرلمان فكان سببه أن «عم» هذا النائب كان من بين المتورطين في أزمة المدارس الدولية التي وضعتها الوزارة تحت الإشراف المالي والإداري،و التي كشفنا جزءا من مخالفات بعضها وسنستمر في الكشف عن الباقي ضمن 500 قضية فساد، كشف عنها هذا الوزير الحالي وأحالها للنيابة العامة، وهذا هو سر الهجوم عليه، واستغلال موضوع تسريبات الثانوية العامة للضغط من أجل استقالته، بعد أن بدأ يدخل لأول مرة في تاريخ الوزارة عش الدبابير المليء بهؤلاء الفاسدين».

لا غش هذا العام!

بينما كان رأي زميلنا في «الأهرام» في يوم السبت أيضا عبد العظيم الباسل هو: «مع قدوم الدكتور الهلالي الشربيني لوزارة التعليم استبشر الجميع خيرا من خلال تصريحاته النارية عن محاربة الدروس الخصوصية، وغلق مراكزها واحترام المعلم، باعتباره أساس العملية التعليمية وزاد الإعجاب به عندما أحال قضايا الفساد من داخل الوزارة للتحقيق، ولكنه فشل بامتياز في أول اختبار له مع الثانوية العامة، بعد أن صرح قبلها بأنه لا غش هذا العام! ورغم ذلك فوجئنا بتسريب الامتحانات بدءا بالتربية الدينية وانتهاء بالديناميكا، الأمر الذي يكشف ضعف سيطرته واختراق وزارته! والغريب أن معاليه يعترف أمام البرلمان بأن الذين سربوا «الدين» هم المسؤولون عن تسريب «الديناميكا»، وهم أيضا الذين سربوا «امتحان الدين» المؤجل بعد ربع ساعة من بدايته! ونيابة عن أولياء الأمور المستائين والطلبة المقهورين، أتوجه لمعالي الوزير الهمام بسؤال إجباري من 5 فقرات وأتمني إجابته: (أ) إذا كنت تعرف المسؤولين عن تسريب امتحان الدين وأنهم هم ـ أيضا ـ وراء تسريب «الديناميكا» فلماذا لم تكشف أسماءهم حتى الآن؟ (ب) المعلومات الأولية التي أعلنتها الوزارة تشير إلى أن المسربين يعملون في المطابع السرية فلماذا لم تنتبه الوزارة إليهم مع أول امتحان تم تسريبه؟ جـ: قلتم إنك ستؤجل أي امتحان يتم تسريبه، لتحقيق تكافؤ الفرص بين الطلاب، وهذا المبدأ ألا يجوز تحقيقه بحساب درجة النجاح الدنيا للطلاب بدلا من تحميل أولياء أمورهم أعباء مالية ونفسية بسبب خطأ وزارتك؟ د: متى يتم وضع نظام بديل للثانوية العامة، يحقق تكافؤ الفرص بالفعل ويقضي على الغش والغشاشين؟
سيدي الوزير.. اجابتك الصحيحة عن هذا السؤال، تفرض عليك أن تتقدم باستقالتك، فهل تفعلها؟أشك!».

مسلمون وأقباط

أما في ما يخص العلاقة بين المسلمين والأقباط وما يدور بسببها من معارك فقد تولى ذلك صديقنا الكاتب والسياسي جمال أسعد عبد الملاك يوم الأربعاء في مقاله الأسبوعي في «اليوم السابع» بشن هجوم ضد الشاعرة والكاتبة فاطمة ناعوت بسبب ما حدث منها مؤخرا وقال عنه:
«لا يزال المتاجرون بالمشكلة يصرون على التعامل والطرح الطائفي كمشاكل لأقلية قبطية في مواجهة أكثرية مسلمة، وهذا هو السلوك الطائفي الذي يؤدي إلى نظام طائفي وإلى لبننة حقيقية لمصر. وقد أكدنا منذ ثلاثة عقود ولا زلنا أنه لا حل لمشاكل الأقباط بعيدا عن أرضية سياسية تجمع المصريين بلا تمييز، تحقيقا للمواطنة الكاملة والمتساوية الحقوق للجميع وبداية الطريق بدأت بالمشاركة في البرلمان الأخير، الذي فاز فيه ثلاثة عشر قبطيا بالنظام الفردي، وهو البداية الصحيحة للمشاركة السياسية، بعيدا عن نظام الكوتة الطائفي، ولكن بعض أقباط المهجر ومع قلة مأجورة لمنظمات حقوقية دولية ترتبط بدول ومخابرات أجنبية دائما تستغل هذه الورقة، عقد مؤتمر في واشنطن باسم مؤتمر التضامن القبطي، وتمت دعوة فاطمة ناعوت للمؤتمر، باعتبارها تدافع عن الأقباط في إطار طائفي وليس سياسيا، تقربا للأقباط ولأقباط المهجر. وقد ألقت محاضرة مقابل اثنين وعشرين ألف جنيه ثم وجدنا أن المستور «الذي نعرفه والذى تحدثنا عنه كثيرا ومنذ البداية» قد انكشف عندما تم الخلاف بينهما، قالت فاطمة إنهم طلبوا منها الذهاب إلى الخارجية الأمريكية لتكون شوكة في ظهر مصر وتشوه سمعتها سياسيا، وفي ما يخص مشاكل الأقباط، أي أن الهدف ليس الحضور فقط ولا المحاضرة ولكنه التشنيع بالوطن والاستغلال السياسي الحقير لمشكلة داخلية لا تحل بعيدا عن الداخل المصري. أما مجدي خليل المتأمرك الطائفي الذي يسترزق ويوجد من خلال هذه الطريقة التي يرى فيها ذاته المريضة على حساب الأقباط ومصر، قال إن ناعوت ساومت على أجرها نظير المحاضرة وإنها حاولت ابتزازهم ماديا، أي أن الليلة كلها كسب مادي ودولارات وابتزاز واستغلال وعمالة تحت ادعاء وكذب الدفاع عن الأقباط».

«ما حدش بيلاقي دلع وما يتدلعش»

ويوم السبت شن زميلنا في «المقال» محمد زكي الشيمي هجوما عنيفا على النظام وحمله مسؤولية ما حدث، بمن فيهم الرئيس السيسي لتدليعهما السلفيين أو كما قال: «تحولت الاعتداءات على الأقباط وممتلكاتهم إلى خبر شبه يومي في مصر، يتكرر باستمرار من دون أدنى احترام لمفهوم دولة القانون الذي تزعم الدولة أنها تحاول إرساءه باستمرار، وهكذا فإنه عند متابعة أحداث قرية كوم اللوفي في مركز «سمالوط» في المنيا يشعر المرء أنه يشاهد الفيلم نفسه للمرة المليون، ففي كل مرة نجد أن هناك سببين رئيسيين لكل الاعتداءات، إما زعم محاولة بناء كنيسة أو مزاعم علاقة عاطفية بين مواطن مسيحي وأخرى مسلمة، وتتكرر بعد ذلك الأحداث كلها بشكل متطابق تقريبا يبدأ ببلاغات للأمن ثم بتجاهل منه، ثم بالاعتداء على المسيحيين وحرق ممتلكاتهم، ثم تدخل الحكومة متأخرة للقبض على ناس من الطرفين الجناة والضحايا، ثم تساوم الضحايا على التنازل، ثم جلسات صلح عرفية لتأكيد انتصار الجناة. يحدث هذا بينما يظهر الرئيس علينا كل مرة زاعما تمسكه بدولة القانون ومدعيا أن الدولة ترفع شعارات مساواة الجميع أمامها، ورغم كونه بالطبع يملك فرصة ذهبية لإثبات هذا بكل حسم في كل مرة، ولكنه يضيعها وكأنه يحاول جاهدا أن يثبت لمريديه قبل معارضيه أنه يقول كلاما في الهواء، وأنه لا توجد إرادة حقيقية لدى الدولة لتنفيذ ذلك على الأرض. أبطال الأحداث من الجانب الحكومي هم أبطال الأحداث أنفسهم في أحداث أبو قرقاص، المحافظ واللواء طارق نصر ومدير الأمن اللواء رضا طلبية ورئيس المباحث العميد عبد الفتاح الشحات الذين اتضح سابقا في أحداث أبو قرقاص سعيهم لدفن الحقيقة في موضوع تعرية السيدة القبطية، وثبت تغير تصريحاتهم عدة مرات، ولكنهم ظلوا في مواقعهم كأن هذه ليست مخالفات جسيمة للقانون من أعلى جهة تمثل الدولة في المحافظة، ولهذا فإننا كان من الطبيعي أن نتوقع تكرار الأحداث لأن «ما حدش بيلاقي دلع وما يتدلعش»، وطالما أن السلفيين والمتطرفين عموما لا يجدون ردعا من الدولة، فإنهم لابد سيقتنعون أن لهم اليد العليا وأن رغباتهم أوامر، ولهذا فإن الظهير الشعبي للرئيس وللحكومة يتقلص باستمرار لأن الناس تعتبرهم إما متواطئين أو فاشلين أو متعصبين وتعتبر شعاراتهم الكلامية عن المساواة أمام القانون عبارة عن «فنجرة بق» يرددها الجميع من الرئيس ونزولا لكل موظفي الدولة وهناك قناعة أن الدولة تدلل السلفيين واللي من الحكومة يتدلع في بيوت الأقباط يولع».

كاهن العريش ضحية الطائفية

وتبعه على الفور في يوم السبت نفسه زميلنا في «اليوم السابع» سليمان شفيق «قبطي» بالقول باكيا وأبكانا معه: «احتفل المصريون بالذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو/حزيران، ولكن قطاعا من الشعب المصري وهم المواطنون المصريون الأقباط اقترنت فرحتهم بالدموع حزنا على ضحاياهم منذ فجر العيد في قرية كوم اللوفي التابعة لمركز سمالوط في محافظة المنيا، إذ نعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية القس رافائيل موسى، كاهن كنيسة مار جرجس العريش، الذي استشهد على أيدي مسلحين أطلقوا وابلا من الأعيرة النارية صوبه أثناء عودته إلى منزله بعد انتهاء صلاة القداس الإلهي. وأضافت الكنيسة في بيان لها: كاهن العريش الشهيد ينضم لشهداء الوطن والكنيسة، الذين لم يتوقف نزيف دمائهم منذ عام 2011. وشهداء الكنيسة القبطية الحاضرين دوما على أرض الواقع وعلى صفحات التاريخ على حد السواء. سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي كل سنة وأنت طيب أتمنى أن تشكل من مؤسسة الرئاسة التي نثق فيها لجنة لتقصي الحقائق تبحث لماذا تكرار 37 حادثا في المنيا في الثلاث السنوات الأخيرة؟ ولماذا لم تقدم قضية من تلك الأحداث للقضاء؟ وما مدى فساد رؤية الأجهزة الشرطية والتنفيذية؟ والأخطر سيادة الرئيس لماذا يشعر قطاع من الأقباط في المنيا بأنهم يعيشون في ظل حكم إسلامي؟ كل سنة وأنت طيب والشعب المصري بخير».

وأد الفتنة

وانتقلت القضية إلى مجلس النواب ونشرت «الوطن» يوم السبت تحقيقا لزميلتنا الجميلة دعاء عبد الوهاب قالت فيه: «قال النائب محمد أنور السادات رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب إن عدداً من نواب محافظة المنيا الأعضاء في اللجنة قرروا عقد اجتماعات مستمرة سعياً لوأد الفتنة. موضحاً أنه كلّف هؤلاء بإعداد تقرير مفصل عن الأزمة وتسليمه خلال أيام وعرضه على باقي أعضاء اللجنة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة. مؤكداً أن اللجنة ستتخذ عدة قرارات خلال الأيام القليلة المقبلة من شأنها منع اشتعال فتيل الفتنة الطائفية في محافظات الصعيد، وسيتم استدعاء المسؤولين عن تفاقم الأحداث وانفلات السيطرة عليها، وعلى رأسهم وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكي بدر ومدير أمن المنيا والمحافظ طارق نصر، وستتم محاسبة المقصرين منهم أمام البرلمان. وقال النائب إلهامي عجينة عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، إنه سيتقدم بطلب استدعاء لمحافظ المنيا لسؤاله حول أحداث العنف المتكررة وأحداث الفتنة التي شهدتها المحافظة خلال الشهر الحالي، ثم إقرار قانون دور العبادة وبناء الكنائس، وتأجيل الحكومة ومجلس النواب له تسبب في تكرار هذا النوع من الأحداث، ونحن كأعضاء لجنة حقوق الإنسان في المجلس نطالب بأحقية الأقباط في إنشاء دور عبادة لهم على غرار الحقوق التي يتمتع بها المسلمون في بناء دور العبادة الخاصة بهم».
المطالبة بتعويض المتضررين

وفي عدد «الوطن» نفسه قال زميلنا إسلام فهمي في تحقيق آخر: «للبدء في إجراء التحقيقات أدان القس اسطفانوس شحاتة، وكيل مطرانية سمالوط قائلا: نطالب الدولة بتعويض وبناء منازل الأقباط التي تم حرقها، وعدم الاعتراف بالجلسات العرفية للتصالح، إلا بعد تطبيق القانون والموافقة على تصريح بناء الكنيسة، حيث أن الأقباط يذهبون للصلاة في كنيسة القديس أبو سيفين في عزبة رفلة، التي تبعد عن القرية أكثر من ثمانية كيلومترات».

حرق منازل للأقباط

وأمس الأحد قال زميلنا في «المساء» الحكومية مهاب المناهري في تحقيق له في صفحة الحوادث: «أفاد مصدر أمني لـ«المساء» بأن هناك عناصر سلفية وراء ارتكاب تلك الأحداث وإثارة الفتنة وأحداث العنف والذعر والتخريب في القرية وحرق منازل الأقباط وجار ضبطهم خلال الساعات المقبلة. وعلى العموم فإن مواجهة هذه الحوادث الطائفية بالقانون كما تعهد الرئيس نفسه بعد حادثة تعرية السيدة القبطية في الشارع سوف تكشف إلى أي مدى سوف تلتزم بذلك في الفترة المقبلة، خاصة أنه لم يعد مقبولا لدى المسلمين أولا ترك الأمور تسير بمثل هذه الفوضى وكأنه لا قانون ولا دولة، وأنه لابد من وقف الجلسات العرفية، وهو ما أكدت عليه الكنيسة نفسها، لكن ذلك لن ينفي أنه بعد صدور الاحكام من محاكم الجنايات على المتهمين أنه لن تتم مصالحات عرفية وهو ما أكدت عليه الكنيسة نفسها من أن الجلسات العرفية موعدها بعد صدور أحكام محاكم الجنايات، وهو ما حدث في المذبحة التي قامت بين قبيلتي الدابودية والهلايل وقتل فيها العشرات وحرقت منازل وتم التمثيل بالجثث في الشوارع وهم مسلمون، إذ على الرغم من تدخل شيخ الأزهر وبيت العائلة المصرية وقيادات القبائل والاتفاق على المصالحة فإن محكمة الجنايات واصلت عملها وأصدرت أحكاما بالإعدام شملت الكثيرين حتى من الشخصيات الكبيرة في القبيلتين، ما وضع الجميع في مأزق وطلبوا من الرئيس السيسي استعمال حقه في العفو أو تخفيض العقوبة ما داموا قد تصالحوا».

سقطة وإساءة لمصر

وإلى قضية أخرى شغلت الكثيرين من أنصار النظام الذين عبروا عن غضبهم الشديد من طريقة ترحيل الإعلامية ليليان داود واعتبروها سقطة وإساءة لمصر والخوف من أن تكون الأجهزة الأمنية قد عادت للتصرفات غبر المقبولة، التي تسيء للبلاد. ومن أنصار النظام الذين عبروا عن ضيقهم الشديد مما حدث واستنكره رغم أنه أبدى عدم رضاه عن ليليان، ورفضه دعوة له للمشاركة في برنامجها، كان زميلنا وصديقنا حمدي رزق الذي قال يوم الأربعاء في عموده اليومي في «المصري اليوم» (فصل الخطاب): «ظلت ليليان تظهر على الشاشة سنوات طوالا، ولم تتفجر من تحت قدميها الثورات ولم تخرج من بين شفتيها شعارات تقتات عليها المظاهرات، وأكملت عقدها لآخر طلة مع ON tv بدون تغييب قسري لحلقة عن الشاشة.
ليليان ذات إطلالة مختلفة بلكنة شامية مميزة وكفى.
ترحيل ليليان داود بهذه الطريقة الدرامية ينقلنا فجأة إلى ظلام عالم المخابرات والتوقيف القسرى والترحيل على أول طائرة إلى بيروت. ملابسات عجيبة حولت ليليان إلى حالة سياسية وخبر أول وعنوان فيس بوكي وتريند على تويتر. للأسف عاد البوم يقف على شجر الزقوم وينعق على مصر التي رحَّلت ليليان داود. هو فيه إيه جديد يخص ليليان؟ عملت إيه جديد ليليان؟ هل ليليان داود فجأة صارت حية رقطاء تشكل خطرا على الأمن القومي لذا استوجب ترحيلها؟ وإذا كانت خطرا هل كان عقد ON tv مانعا للترحيل؟ وإذا كانت خطرا فلماذا كان الصبر عليها طوال مدة العقد هل كان ساويرس يحميها هل رفع عنها الغطاء؟ بركاتك يا أبوهشيمة ترحيل ليليان بهذه الطريقة الدرامية خسارة مجانية يقينا كنا في غنى عنها».

«موقفة حال البلد»

وإذا كان حمدي يتساءل في دهشة عما فعلته ليليان فإن زميلنا الرسام عبد الله أخبرنا في عدد «المصري اليوم» نفسه بما توصل إليه مواطن عادي قال لزوجته:
تكونش هي دي اللي سربت امتحانات الثانوية وموقفة حال البلد؟

هل صدر النظام يضيق بالنقد؟

ومن تسريب ليليان امتحانات الثانوية إلى زميلنا وصديقنا محمد أمين وهو من مؤيدي الرئيس قال في العدد نفسه من «المصري اليوم»: «لا كنتُ أحب ليليان داوود ولا أشاهد برنامجها، أكثر الكارهين لطريقة ليليان استفزهم مشهد الترحيل، الأمر مخيف بالفعل يبدو أنه كانت هناك رغبة في الإهانة والمرمطة، بمجرد انتهاء عقدها كانت هناك قوة تنتظرها على الباب ألقت القبض عليها فما معنى هذا الإجراء الغريب؟ هل معناه أن صدر النظام يضيق بالنقد؟ هل معناه أن مصر تسير في طريق المجهول؟ أم أنها كانت خطراً على الأمن بمجرد انتهاء الإقامة؟ أتصور أن الترحيل كان يمكن أن يحدث بطريقة أخرى ليس بعربات مدرعة وجهات سيادية أمين شرطة واحد كان يكفي. الإخراج سيئ للغاية لا ندافع عنه ولا نقبل به حتى لو كنا نرفض طريقة ليليان ولا نحب أن نشاهدها الطريقة مستفزة فهل كانت رسالة؟ ولمن؟ مشهد الترحيل يضر صورة مصر أولاً!».

مؤسسات تجتهد ذاتيا

ومن «المصري اليوم» إلى «اليوم السابع» الأربعاء وزميلنا دندراوي الهواري وهو من مؤيدي النظام وأحد أبرز الكارهين لثورة يناير/كانون الثاني وكل من ينتمي إليها قال نافيا أن يكون قرار الإبعاد صادرا عن الرئيس: «هالتني ردود الأفعال المواكبة لرحيلها ما بين فريقين، الأول بقيادة البرادعي وحمدين صباحي وخالد علي ويسري فودة وباسم يوسف ووائل غنيم وجمال عيد وبائع التويتات المتجول المشتاق لمنصب الوزير حيث أقاموا حفلات «المراثي والندب واللطم على الخدود» وتجاوزوا بغضبهم ليصل إلى حد توجيه إهانة بالغة السوء للرئيس السيسي، بدون أن يمنحوا أنفسهم وقتا من التفكير واحتكام العقل والتأكد من صاحب قرار إبعاد ليليان دَاوُدَ وقانونية القرار، مع الوضع في الاعتبار أن هناك مؤسسات تجتهد ذاتيا في اتخاذ قرارات بحكم عملها قد تغضب الرئاسة وتورطها وتقحمها في جملة غير مفيدة. أما الفريق الثاني فهو الفريق الغاضب الذي أظهر تشفيا مبالغا فيه لانتهاء عقد ليليان دَاوُدَ وقرار ترحيلها خارج البلاد وفرحة وتشفي هذا الفريق قناعة منه بأنها تمرست في خندق الناشطين والمعارضة الشديدة للدولة، واتخذت من المؤسسات وفي القلب منها المؤسسة العسكرية عداوة مبالغا فيها، وما كان يجب عليها وهي الأجنبية والغريبة عن بلادنا أن تتمترس بهذا الشكل في خندق ألد أعداء الدولة المصرية. الحقيقة أنا ضد الفريقين تماما».

تصرف صغير لا يليق أبدا بمصر

وفي «أهرام السبت» قال زميلنا وصديقنا الدكتور أسامة الغزالي حرب: «أرفض واستنكر بشدة وأشعر بالقلق الشديد من الطريقة المهينة التي تم بها ترحيل المذيعة البريطانية اللبنانية الأصل ليليان داود من مصر الأسبوع الماضي، بعد ساعات من إنهاء تعاقدها مع قناة «أون تي في». ولاشك أن المزاج العام لليليان في أحاديثها كان أكثر تعاطفا مع قوى المعارضة للدولة وليس معها، ولكن هذا شيء لا يعيبها على الإطلاق، فالمذيع ـ في النهاية ـ إنسان ومواطن له موقفه السياسي شريطة ألا يؤثر على دوره كمذيع تفرض عليه مهنته أن يقدم كل الآراء بلا تحيز. وأعتقد أن ليليان كانت تلتزم بذلك وهو أمر ليس مستغربا فهي تلقت تدريبها الأساس في الإذاعة البريطانية ذات التقاليد الإعلامية العريقة. إن تلك الواقعة تصيب في مقتل أحد أهم سمات الثقافة والفن والإعلام في مصر، وهي إسهام الطاقات الإبداعية والفنـــية والإعلامـــية العربية، خاصة من أشقائنا في الشام والمشرق العربي فيها، ألا تعلو الصفحة الأولى من هذه الجريدة عبارة «أصدر العدد الأول في 5 أغسطس/آب 1876 سليم وبشارة تقلا»؟ ترحيل ليليان وبتلك الطريقة تصرف صغير لا يليق أبدا بمصر!».

تلفيق الأخبار

وإلى «الوطن» في يوم السبت نفسه حيث نشرت في صفحتها الثانية ردا من زميلنا وصديقنا في «الأهرام» نقيب الصحافيين الأسبق مكرم محمد أحمد نفى فيه ما نشرته الجريدة على لسانه بقوله:
«ورد إلينا رد وتعقيب من الكاتب مكرم محمد أحمد قال فيه تعليقا على ما نشرته « الوطن « في صورة تصريح أدليت به إلى الزميلة ريهام عبد الحافظ، من أنني قلت إن سبب موقف نقابة الصحافيين في مساندة ليليان داود، أن خالد البلشي رئيس لجنة الحريات في النقابة هو رئيس تحرير برنامج ليليان داود. وبرنامجها الذي كان نافذة للبلشي يستطيع أن يقدم من خلاله أخبارا ضد الدولة. أؤكد لكم صادقا أنني لم أدل بهذا التصريح للزميلة الصحافية التي أخفقت في الالتزام بحدود مسؤوليتها الصحافية، بل إنني أصارحكم بأنني لم أكن أعرف أن خالد البلشي رئيس لجنة الحريات في النقابة هو رئيس تحرير برنامج ليليان داود إلا من النشر وأنه كما قالت الزميلة على لساني، يستطيع أن يقدم من خلال هذا البرنامج أخبارا ضد الدولة، بل أصارحكم أيضا بأنني كنت أعتزم كتابة عمود في «نقطة نور» أنتقد فيه إسراع السلطات المصرية بترحيل الزميلة ليليان داود على هذا النحو المتعجل، الذي يسيء لصورة مصر، بدون مسوغ. أتمنى عليكم نشر هذا التصحيح بما في ذلك انتقادي للسلطات المصرية في ترحيل الصحافية ليليان داود ولتعرف جيدا أنني أملك شجاعة الاعتراف لو كنت قلت ذلك للزميلة، وأملي غير النشر أن تتخذ قرارا تأديبيا سريعا ضد هذه الزميلة لعلها تتعلم في بداية حياتها الصحافية خطورة تلفيق أخبار على ألسنة الناس مع احترامي لشخصكم ولصحيفة «الوطن» التي أكتب فيها مقالي الأسبوعي».

صورة الجهاز الأمني المشوهة

وأخيرا إلى «المصريون» الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل يوم أحد ورئيس مجلس إدارتها وتحريرها زميلنا جمال سلطان الذي يبدي من مدة تفهما لبعض سياسات النظام وقوله: «هل هذا سلوك معقول لدولة تريد الحفاظ على صورتها وسمعتها الدولية؟ هل هذا منطق «عقلاء» في الدولة يهتمون بمحو الصورة المشوهة عن سلوك الجهاز الأمني أمام العالم؟ ما هو وجه الخطر الحال والداهم الذي تمثله ليليان داود في مصر بعد إقالتها من عملها التلفزيوني؟ وما الضرر الذي سيلحق بمصر وأمنها القومي لو أنها بقيت أسبوعا أو عدة أيام؟ هل هي زعيمة تنظيم إرهابي مسلح يوشك على ارتكاب فظائع في البلد؟ هل هي «جاسوسة» اكتشفنا فجأة بعد خمس سنوات أنها تمثل خطورة داهمة على الأمن القومي خلال نصف ساعة من إنهاء تعاقدها؟ يا أخي حتى الجواسيس لهم ترتيبات معروفة في إبعادهم خلال وقت محدد يتم إخطارهم به، ما الذي كان يضير مصر وسلطاتها الأمنية والسياسية إذا قامت بإخطار الإعلامية المغضوب عليها بأن إقامتها انتهت في مصر، وأن عليها مغادرة البلاد خلال أسبوع أو عدة أيام؟ هل كانت «ليليان» ستغافل الأجهزة الأمنية وترفض المغادرة وتختبئ في زراعات القصب في الصعيد مثلا؟ أرجو أن يجري «عقلاء» في الدولة مراجعة للسيناريو الذي حدث مع ليليان داود، وجردة حساب عن الخسائر والمكاسب في ما جرى، فلا يحتاج خصوم النظام ومعارضو السيسي أكثر من هذا المشهد البائس «الغشيم» الذي جرى مع ليليان، لكي ينالوا منه ويشهروا به ويلطخوا سمعته بالمزيد من الإدانة، أو لكي يؤكدوا للعالم الخارجي وللداخل أيضا على أن «بعض» أصحاب القرار في الدولة يفتقرون إلى أبسط مقومات الوعي بمصالح النظام ومشروعيته السياسية والقانونية وسمعته».