&جهاد الخازن

كنت في البحرين قبل أيام وتجولت في المنامة والمحرق وعوالي، وكتبت عمّا رأيت، فقد كانت هناك «ورشة عمار» ما يعني أن أمور البلد مستقرة لأن رأس المال أجبَن شيء في العالم، ولو كان لدى المستثمر أدنى شك في ما يحمل إليه المستقبل لما غامر بماله في البحرين.

عدتُ إلى لندن ووجدت المادة المعتادة عن البحرين وأكثرها سلبي، ما يعكس الرؤية بعين واحدة، سواء أكانت عين الأمم المتحدة أو عين أعضاء في مجلس الشيوخ، أو أركان النظام في إيران، أو جماعات حقوق الإنسان.

نائب الرئيس الأميركي جو بايدن اتصل بالملك حمد بن عيسى وأعرب عن «قلق بالغ» من التطورات في البحرين. عندي قلق من سياسة أميركية معلنة تحابي إيران.

«نيويورك تايمز» التي كانت يوماً حصيفة رصيفة نشرت خبراً حمل في عنوانه أنه «خاص» مع أنه منقول عن وكالة «رويترز» التي نقلت عن تقرير لوزارة الخارجية الأميركية قوله إن البحرين قامت بخطوات إيجابية لتنفيذ الإصلاحات التي اقترحتها لجنة مستقلة ولكن يبقى هناك «عمل إضافي يتطلب التنفيذ».

الجريدة اتهمت وزير الخارجية جون كيري بأنه تحفظ في انتقاد البحرين مع أنه اتصل بوزير خارجيتها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وطلب مزيداً من الإصلاحات.

أعضاء في مجلس الشيوخ بعثوا برسالة إلى الوزير تحضه على التدخل، وهم اعترفوا بإصلاحات محدودة إلا أنهم كرروا ما تقوله المعارضة البحرينية ذات الولاء الإيراني المعلن.

آية الله علي خامنئي، مرشد الثورة الإيرانية، دان تجريد الشيخ عيسى قاسم من جنسيته ووصف القرار بالجنون. وقائد فيلق القدس قاسم سليماني هدد بانتفاضة دموية وبقلب النظام. وعلق حزب الله في لبنان على الموضوع بكلام مماثل. كنت أتمنى لو أنهم دانوا قتل امرأة في تفجير إرهابي جُرِح فيه ثلاثة أطفال.

الانتصار لمرشد الوفاق بعد سجن رئيس الجماعة علي سلمان يعني أن الحكم عليه صحيح، فهو متجنس بالجنسية البحرينية وولاؤه إيراني، لذلك هبَّ النظام في طهران وقم للدفاع عنه. بكلام آخر، الدفاع عنه أكد صحة التهمة الموجهة إليه.

وأسجل قبل أن أكمل أن الأمم المتحدة أعربت عن قلقها بعد تجريد مرشد الوفاق من جنسيته (متى أصبح بحرينياً؟)، وكذلك فعل جو ستورك، نائب مدير جماعة مراقبة حقوق الإنسان. أنا أعرف البحرين منذ كنت أودع المراهقة وأزورها مرة أو مرتين في السنة، وأتكلم من منطلق المعرفة القديمة المستمرة فلا أتهم بان كي مون وستورك بأكثر من الجهل، أو الاستماع إلى طرف واحد في نزاع سياسي - ديني وتصديق ما يقول.

كانت الجماعات السياسية الشيعية في البحرين ستحصل فوراً بعد أحداث 2011 على ثلاثة أرباع مطالبها، ولعلها كانت حققت المزيد بعد ذلك، إلا أن هذه الجماعات، ومنها الوفاق، دخلت البرلمان البحريني وكان لها صوت مسموع، ثم جاءت الأوامر من قم بالمقاطعة فقاطعت.

ربما زدتُ هنا نبيل رجب الذي يوصَف بأنه داعية حقوق إنسان وأرى أنه داعية شهرة، فهو يفعل كل ما يعرف أنه سيُعاقَب عليه، أملاً بأن يعاقَب وتردد الميديا العالمية أخباره. هو الآن يواجه محاكمة جديدة، وأنا لا أطلب السجن له ولا أتمناه لأحد، فأكتفي بالقول إنني لا أحترم نبيل رجب. أيضاً كنت أتمنى لو أن زينب خواجة، ولها طفلة صغيرة، اهتمت بطفلتها قبل أي أمر آخر، فهي أطلِقَ سراحها، وفرّت إلى الدنمارك التي تحمل جنسيتها أيضاً.

البحرين أكثر استقراراً اليوم وأمناً وأماناً من أي وقت مضى منذ 2011، ودول الخليج كلها معها وكذلك مصر. وقد سجلتُ ما أعرف وما رأيت لا ما سمعت.