محمد الباهلي

عندما يخصص باحث مسيحي كتابه لإبراز الخطر الذي يستهدف أهل السُنة ويؤكد وجود مؤامرة واقعة وسوف تستمر، ينبغي الالتفات إليه وإعطاؤه ما يكفي من الاهتمام، لأن ما جاء في كتابه من أدلة وتحليلات وتفسيرات.. يؤكد أن أهل السُنة مستهدفون سياسياً واقتصادياً وثقافياً. المصداقية التحليلية والعلمية لذلك الطرح، خاصة في بعده السياسي، تتضح بجلاء في المواضيع التي طرحها الباحث الدكتور نبيل خليفة في كتابه «استهداف السُنة.. المخطط الاستراتيجي للغرب وإسرائيل وإيران للسيطرة على الشرق الأوسط». فهو يشرح معالم خريطة الطريق السياسية والاستراتيجية الرامية لتحقيق هذا المخطط، والآليات الرئيسية التي تعمل من خلالها القوى الكبرى لإشعال الصراع الطائفي داخل الإسلام.

ويوضح المؤلف طروحة كتابه من خلال النقاط التالية:

الأولى: رؤية القوى الكبرى إلى أهل السُنة باعتبارهم النواة الأيديولوجية الصلبة للحضارة الإسلامية، وكذلك بالنظر إلى رقعتهم الجغرافية الشاسعة، والتي تحتوي على معظم احتياطيي الطاقة في العالم. كما تتميز هذه الرقعة الممتدة في عالم الوسط، من إندونيسيا إلى السنغال، بكونها منطقة ارتطام أساسية مع القوى العظمى في التاريخ، وبسيطرتها على أهم شبكات المواصلات الدولية.

الثانية: أن الغرب وروسيا يحملان همين أساسيين: التوسع للسيطرة على العالم وثرواته، وحماية إسرائيل وجوداً ومصيراً وأمناً.. وهذا الأمر على تماس مع الحضارة الإسلامية السُنية.

الثالثة: حول القوى الإقليمية ودورها في هذا المخطط ومساندة بعضها أطماعَ القوى الكبرى التوسعية لتنفيذ أهدافها ضد أهل السُنة، وعلى الأخص دور إيران في المنطقة، إذ يقول المؤلف: إن ثورة الخميني مثلت منعطفاً شيعياً من خلال شعار «ولاية الفقيه»، ومنعطفاً إسلامياً باعتبار نفسها ممثل الإسلام في مواجهة الآخر، حيث حاولت استغلال موسم الحج، والقضية الفلسطينية، والسلاح النووي، والتهجم اللفظي على الغرب وإسرائيل، واختراق الأنظمة السُنية بوساطة الأقليات الشيعية.. مما أغرى الغرب وإسرائيل بالتحالف مع «إيران -الملالي» على نحو أعمق، كي تقوم بالتوسع مشكلةً «الهلال الشيعي» بين الخليج والمتوسط، على أمل أن يسمح لها هذا التدخل باختراق الجسم السُني الكبير، عبر التحالف مع الأقليات في المنطقة، وعددها 59 أقلية، منها 26 أقلية مذهبية و17 أقلية أثنية و16 أقلية لغوية.

ويعتقد المؤلف أن الهدف الغربي والإسرائيلي حالياً هو وضع زعامة المشرق في أيدي الشيعة وتحت نفوذهم، خدمة للمخطط الاستراتيجي الرامي لاقتلاع النفوذ السُني من المنطقة. ويوضح أن القوى الكبرى وبعض القوى الإقليمية، تسعى جميعاً لاستدراج أهل السُنة إلى فخاخ ومطبات لفرملة اندفاعهم كونياً، وذلك بشيطنتهم وإلصاق سمة الإرهاب بهم، رغم أن أهل السُنة هم أهل الاعتدال والوسطية، وأنهم من الناحية الديمغرافية يمثلون 85% من المسلمين.

وكما يوضح المؤلف فإن القوى الكبرى تستخدم إيران الشيعية في هذه اللعبة الدولية، بحيث يتم من خلالها تمرير الأهداف الاستراتيجية التي يخطط لها الغرب، ومنها اقتلاع النفوذ السُني. ونذكر في هذا الصدد ما قاله الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، في حواره مع صحيفة «الشرق الأوسط» (26-1-2017)، من أن هناك بالفعل برنامجاً صريحاً ضد أهل السُنة، من خلفه الحلف الفارسي الإسرائيلي الغربي، إذ لو نظرنا بعمق فسنجد أن كل الذين ينتظمون في مقاومة حقيقية ضد الاحتلال الإسرائيلي هم من أهل السُنة.

كما قال مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق لجريدة «الشرق الأوسط» أيضاً (23-1-2017)، إن السُنة العرب ليسوا في أفضل حالاتهم، وإن التوازن التاريخي بين الشيعة والسُنة في العراق انكسر، وإن وضع السُنة العرب صعب للغاية.