&&محمد العصيمي

في الطرفين، السني والشيعي، علماء عقلاء يحاولون تثبيت قاعدة أن المسلمين وحدة واحدة وإن تعددت مذاهبهم. ويحرصون على تجنب كل ما يفرق الناس أو يثير الفتنة بينهم، لكن هؤلاء (العقلاء) محصورون أو محاصرون في زواياهم الصغيرة الضيقة التي تطغى عليها وتسفهها وتحاربها مجاميع الطائفيين والمستغلين للدين سياسيا تحت لواء طهران المعتدية عيانا بيانا على بلدان العرب وعلى استقرار المنطقة ككل.

كنت أشاهد قناة الإيمان المحسوبة على العلامة الشيخ حسين فضل الله وسمعت حديثا عاقلا من الشيخ الذي استضيف ليتحدث عن شؤون الحج وغيرها في ظل اللغط الإيراني الذي يزايد على المملكة ويؤكد دائما على ما يفرق ويبعثر أوطان وإمكانات المسلمين عامة.

سئل الشيخ اللبناني، الذي للأسف لا أذكر اسمه الآن، عن نقل إحدى القنوات لأصوات شيعية في الحج تقول: يا علي يا حسين إلى آخره مما اعتبرته هذه القناة أصواتا وأدعية شركية أو كفرية. كان رده ببساطة أنه إذا كان الآخر لا يفهم قصدك من هذه المناداة وهذه الأدعية وأنت في مكان قد تستفز بذكرها الآخرين فلا داعي لهذا الاستفزاز، سواء أكان هذا المكان في الحج أم غيره ولن ينقص ذلك من عبادتك شيئا.

بالمقابل، وهذا كلامي، لو أن سنيا لديه ما يقوله في مكان ما ويستفز به الشيعة فإنه إن لم يقله فلن ينقص منه أو من عبادته شيئا. وبالتالي يقطع الطريق حتما على من يتربصون ويفتنون الناس بخلافهم وتنازعهم وتقاتلهم حيال ما يقول هذا وما يقول ذاك من ألفاظ ومنقولات الفتن ماضيها وحاضرها.

ولو أن مساحة حقيقية وجدت لاحتضان هذه الأصوات العاقلة واستثمارها إعلاميا لربما شهدنا تغيرا حقيقيا في علاقة الشيعي بالسني والعكس على قاعدة أن كل ما هو في صالحنا هو من ديننا الواحد، وأن كل ما هو ضدنا هو من أنفسنا وتصرفاتنا ومزايداتنا على بَعضنا وتمكيننا لأعدائنا، فهل يتحقق هذا الحلم الكبير: حلم انتشار الأصوات العاقلة من السنة والشيعة.؟