نايلة تويني

تحتاج النظرة الى الامور، بعد مسار الاحداث في الايام الاخيرة في مجلسي النواب والوزراء، وصولا الى الساحات التي توزعت على مختلف المناطق امس، بعض التعقل في المعالجة والمواجهة وصولاً الى حلحلة العقد التي يمكن ان تنفجر في وجه الحكومة والمجلس، وتطال العهد برئيسه القوي.


فالحكومة لم تتعامل بجدية مع موضوع الضرائب، اذ ترددت في فرض الضرائب على من يجب ان تفرض عليهم من أصحاب رؤوس الاموال الذين يتهربون من الرسوم، والشركات الكبيرة التي لا تصرح بأرباحها، وظهرت لوائح بشركات تطلب اعفاءها من الرسوم والغرامات فيما المواطن يرزح تحت عبء مخالفات السير والضرائب على مداخيله، وتأخر الضمان عن تلبية حاجاته، والاقساط المرتفعة في المدارس والجامعات. وتجنبت الحكومة مواجهة الفاسدين أو تسميتهم، وصار كل وزير معني يتلطى بأخر، حتى خرج علينا وزير الخارجية جبران باسيل في غياب رئيس الحكومة ووزير المال، يشرح لنا الاجراءات في الكازينو والمرفأ، وهي معالجات موضعية اذ لا يقتصر الفساد على هذين المرفقين، ولا تجري التعيينات فيهما الا من باب تقاسم الحصص، وليس بالضرورة الكفاية المطلوبة.


ومجلس النواب تعامل بخفة مع سلسلة يعلم جيداً انها لم تحضر بشكل جيد، وانها اوجدت فروقات كبيرة بين فئات الموظفين، وظلمت متقاعدين، وتدخلت في شؤون القضاء بما لا يعنيها، وبدل ان يعمد المجلس الى معالجة الامر بروية من طريق ادخال تعديلات ضرورية أو الطلب من الحكومة ان تضيف اجراءات او تعديلات، هرب الى الامام بتطيير النصاب، وبحفلة من المزايدات التي لم تعد تقنع المواطنين، سواء من الذين يدعون رفضهم الضرائب، أو من الذين يدعون الاصلاح، اذ يعلم الناس جيداً من الخبرات والممارسات المتكررة انهم سيصبحون ضحية الضرائب والغلاء غير المضبوط، وان الزيادات التي سيحصلون عليها ستسرق قبل ان تصل الى جيوبهم.


ويبقى موضوع قانون الانتخاب الذي يهم المواطن اللبناني أيضاً، وفيه كذلك حفلات من المزايدات، وبدل ان يعمد وزير الداخلية او الحكومة مجتمعة، وهي حكومة انتخابات، الى وضع يدها على الملف وانجازه، تركت الملعب لـ"التيار الوطني الحر" كأنه الحزب الحاكم المسؤول عن تقديم الاقتراحات ومتابعتها واقناع الناس بها، ثم يهدد التيار بالشارع اذا لم يقر قانون جديد، وكأنه ملف يخصه وحده.


هذه الامور وغيرها، تتطلب اليوم اعادة نظر في طرق المعالجة وفي تقاسم الادوار على حساب المؤسسات الرسمية، واعادة الاعتبار الى القانون والدستور، وخصوصا اتفاق الطائف الذي يتغنى الكل به ويؤكد بالقول التزامه اياه.
هذه الامور وغيرها تتطلب تحديد موعد للانتخابات بقانون جديد أو بقانون الستين، لان التزام القانون أهم من التزام العهد عدم اجراء الاستحقاق بموجب القانون الساري، والاهتمام بمصالح الناس له أولوية على مراعاة السياسيين لاصحاب المصالح الكبرى، المشروعة وغير المشروعة، لان حراك الشارع، الذي يمكن ان يتصاعد، قد يتحول محرقة لكل المؤسسات، وللعهد برمته.