لم يعد لوسائل الإعلام غير نقل الأخبار السيئة التي تحدث على مدار الساعة في كل أنحاء العالم، هي المادة الكثيفة التي تملأ نشرات الأخبار والبرامج، ولذلك لم تعد تنتبه إلى الأخبار السارة، أو تشير إليها بسرعة واقتضاب، رغم أنها مهمة جداً لحياة البشر.

خلال الأسبوع الماضي نُشرت أخبار طبية في غاية الأهمية، تساعد الملايين من البشر وتجعل حياتهم أفضل، فقد أعلن عن قرب استخدام الأنسولين الأسبوعي Icodec واسمه التجاري Awiqli، وقد تمّت إجازته مبدئياً من منظمة الأدوية الأوروبية، والمتوقع أن تكون الموافقة النهائية عليه من المنظمة وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية خلال شهر إلى شهرين. هذا الدواء سيغيّر قواعد اللعبة بشكل كبير، فلكم أن تتخيلوا راحة المريض من عناء الحقن اليومي المتكرر للأنسولين.

كذلك، تمّت الموافقة على دواء جديد لعلاج ارتفاع ضغط الدم، وهو حدث كبير لم نشهد مثله منذ فترة طويلة جداً، حيث إن آخر دواء صُرِح لعلاج ضغط الدم كان قبل أكثر من 30 عاماً، كما يقول أحد خبراء الصيدلة.

كما أعلن مستشفى ماساشوستس جنرال هوسبيتال الأمريكي عن نجاح زراعة كلية خنزير معدلة وراثياً لمريض بالفشل الكلوي، ونتائجها إلى الآن مستقرة، ويستبشر العلماء بأنها لو نجحت على المدى الطويل سوف تنقذ ملايين المرضى الذين ينتظرون التبرع بالكلى.

كل هذا يحدث في عالم واحد. هو نفس العالم الذي يصنع الأسلحة المتطورة لحصد البشر وينفق على تقنياتها آلاف المليارات. بجانب مصانع الموت هناك مراكز أبحاث الحياة، هناك العلماء الذين ينكبّون على أبحاثهم عشرات السنين كي يخرجوا بدواء جديد يخفف آلام الموجوعين، لكن هذه الأخبار العظيمة المبهجة تكتسحها الأخبار السيئة الكثيفة، إلى درجة أنه قد لا يلاحظها سوى المهتمين بها. عالم عجيب ومتناقض فعلاً.