أثار كل من وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، ورجل الأعمال مؤسس «فيسبوك»، ومالك «ميتا» مارك زوكربيرج، حالاً من السجال على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لما أتى به كل منهما مؤخراً من تصرف، بعث على ردة الفعل هذه، لأن الناس وضعوا التصرفين في خانة «ما لا يليق».

ونبدأ بتصرف مارك، ربما لأنه يعنينا، كعرب، أكثر، كونه نال من بلد عربي هو تونس، حين ظهر، وهو يحتفل بعيد ميلاده الأربعين، في صورة مع أفراد عائلته نشرت على حسابه الرسمي في «فيسبوك»، بقميص أسود يحمل العبارة الشهيرة باللغة اللاتينية «يجب تدمير قرطاج» العائدة للقائد الروماني ماركوس بورسيوس كاتو « ما أثار غضب المتابعين على وسائل التواصل، خاصة في تونس، حيث تقع المدينة التاريخية، التي تعدّ هي وقائدها العسكري هنيبعل مصدر فخر للتونسيين، وقيلت هذه العبارة، في زمنها، في سياق الحرب التي خاضتها الإمبراطورية الرومانية في حربها مع غريمتها قرطاج، للسيطرة على حوض المتوسط، والتي انتهت، بالفعل، بتدميرها بالكامل في عام 146 قبل الميلاد.

ما الرسالة التي أراد مارك إيصالها من خلال تعمدّه الظهور بقميص يحمل هذه العبارة بالذات؟. هذا هو السؤال الذي شغل بال المتابعين في تونس، وعلى أحد الحسابات يطالعنا السؤال الآتي: «هل كان هذا مجرد تلميح تاريخي بسيط، أم موقف سياسي متعمد؟»، ليخلص كاتبه إلى أن البعض يرى في ذلك إشارة إلى الصراع التاريخي بين روما وقرطاج، كونه رمزاً لمشاكل الاستعمار والصراع، بينما يرى آخرون فيه انتقاداً ضمنياً للقوة الشاسعة لعمالقة التكنولوجيا، تجسدها فيسبوك وزوكربيرج نفسه. فيما رأى البعض أنها كانت مجرد مزحة بسيطة أو حيلة تسويقية ماهرة.

تصرف وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن أثار الغضب في بلدٍ آخر هو محطّ أنظار اليوم، أوكرانيا، التي أتى إلى عاصمتها، ليوصل لقادتها رسالة دعم في الحرب الدائرة مع روسيا، والتي تتطور في الأسابيع الأخيرة لصالح الأخيرة بشكل جلي، حيث تتقدم قواتها على كافة محاور الجبهة، وسط شكوى أوكرانية مستمرة من نقص الدعم العسكري الغربي الضروري لكييف، وهو الدعم الذي أراد بلينكن التعبير عنه، رمزياً، بالتصرف المستهجن حين قصد إحدى حانات كييف، ليعزف فيها على الجيتار ويغني أغنية «Rockin› in The Free World»، وهو ما عدَّ أمراً غير لائق في وقت تواجه فيه منطقة خاركيف وسواها تقدّماً عسكرياً روسياً، يقع في نتيجته ضحايا ويضطر الآلاف إلى الفرار من قراهم وبلداتهم، وقالت إحدى الناشطات الأوكرانيات، إن سلوك بلينكن يُظهر «افتقار المسؤولين الأمريكيين التامّ لتفهم الوضع والتعاطف»، فيما اعتبر أحد الصحفيين الأوكرانيين سلوك بلينكن بأنه تعبير عن «زيارة نموذجية لفشل الاتصالات».